عناوين بارزة تجذبك بسهولة.. صفحات قليلة يحيط بها غلاف مميز. هكذا قرر «المدونون» أن يخرجوا من عالمهم الافتراضى الرحب على مواقع التواصل الاجتماعى، إلى عالم الثقافة. «الأدب الاستهلاكى».. «التيك أواى»، أو كما أطلق عليه الكاتب جمال الغيطانى «أدب الكلينكس»، تعددت التوصيفات والمضمون واحد: كتب تشبه «المناديل الورقية»، تستخدم لمرة واحدة، وتعتمد أحياناً على مضمون يخاطب الشباب، وفى أحيان أخرى على عدد «متابعى» الكاتب على صفحته الشخصية، مما يضمن أعداد توزيع تصل إلى الآلاف. الكاتبة الشابة سارة فوزى، قالت إن دور النشر الآن أصبحت تهتم بالعائد المادى من الكتب دون النظر إلى محتواها، وتتعمد نشر أعمال يمتلك أصحابها عدداً كبيراً من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعى؛ ليحقق الكتاب نسب مبيعات جيدة. الظاهرة أثرت حسب «سارة» على العالم الثقافى؛ حيث انتشرت العامية بطريقة مبتذلة، بالإضافة إلى محتوى فارغ يقتصر على خواطر أو «فضفضة». الناقد الأدبى شعبان يوسف، رفض مصطلح «أدب الكلينكس»: «لا يجب التعامل معه بهذه الدرجة من الاستخفاف؛ فهو يعتبر ظاهرة تلبى أغراضاً سريعة ظهرت مع انتشار مواقع التواصل، فأصبحت أشبه بالوجبات السريعة أدبياً، هذا النوع من الكتابات له قطاع عريض من الجماهير، والزمن وحده القادر على تحديد نجاحه من عدمه، فإذا ثبت فشله سيلفظه المجتمع الثقافى كما احتضن ميلاده فى البداية». «هذه الكتابات خلقت نوعاً من الحراك الثقافى من خلال تنوع الأعمال لتخدم كافة الأذواق».. قالها «شعبان» معدداً مزايا هذه الأعمال: «بسيطة، غير معقدة، تجذب القارئ». عادل المصرى، صاحب دار «أطلس» للنشر، ألقى بالمسئولية على عاتق الناشر الذى يضع العمل المقدم له على ميزان حساس، يستطيع من خلاله أن يحدد وجود الحد الأدنى من الموهبة لدى الكاتب، بعيداً عن «دكاكين» تسعى إلى بيع 200 نسخة من الكتاب دون النظر إلى محتواه: «فى الوقت نفسه لا يجب أن نضع هؤلاء الشباب فى سلة واحدة، فمنهم عدد كبير يملك ما يؤهله ليقدم أعمالاً ولكنه يحتاج إلى صقل موهبة، وفى النهاية يكون الفيصل هو المضمون». الكاتب الشاب مصطفى شهيب، مؤلف كتاب «رحلتى من الشك للشك برضه»، يرى أن هذه الكتب تؤرخ ثقافة جيل حالى له متطلبات لا يستطيع كتاب كبار أن يعبروا عن أحلامهم ورغباتهم، واصفاً من يهاجمهم بأنه يعانى من قلة توزيع، فالجمهور فى رأيه هو المعيار والحكم الرئيسى فى قياس نجاح أى كاتب، وطالب «شهيب» الكتاب باحترام نجاح الآخرين حتى لو لم يكن مقنعاً بالنسبة لهم. «هى كتابات خفيفة وعابرة لكنها تحتل قوائم الكتب الأكثر مبيعاً».. قالها الكاتب الدكتور عمار على حسن، واصفاً المشهد الإبداعى بقوله: «يضم كتابات عمرها قصير ولا تترك أثراً لدى القارئ. تستهدف قارئاً ذا ثقافة محدودة لا يريد أن يشعر بضآلة اهتماماته أمام نصوص عميقة تحمل عمقاً فكرياً فيلجأ لكتابات تلبى احتياجاته». «ما يحدث الآن تجرؤ على الثقافة وشيوع الفهلوة والتربح» حسب «عمار» الذى ينتقد غياب المعايير لدى دور النشر، حتى تحولت الثقافة إلى تجارة: «بعض الكتاب غير مؤهلين لحمل صفة كاتب، لا يقرأ وليس على دراية كاملة بالأدب فيقدم أعمالاً هشة وسطحية لا تنطبق عليها أصول الكتابة الأدبية».