عندما أبحرت السفينة العملاقة «تيتانيك» عبر الأطلنطى فى أول رحلة عالمية لها تعمد قبطانها المخضرم الالتزام بحدود السرعة القانونية المسموح بها فيما كان أصحابها الموجودون على متنها يطالبونه بزيادة السرعة وفى يقينهم أنها سفينة لا تغرق أبداً، وانخرطوا فى اللهو والرقص والانشغال بعقد الصفقات التجارية مع كبار أثرياء العالم ولم يتمكن القبطان العجوز من تفادى جبل الجليد العائم بعدما فقد السيطرة عليها وغرقت بكل من عليها وسط الظلام الحالك وابتلعتها مياه المحيط بسبب انسياق القائد لمطالب الجهلاء بأمور الملاحة وتدخلهم فيما لا يعنيهم. وفى خلال الثلاثين عاماً الماضية وما قبلها كنا نحن الآباء والأجداد شهودا على من تناوبوا قيادة المحروسة المصرية من الربابنة الذين منهم الصالح والطالح وكانوا يتوارثون قيادتها ويبحرون بها دون توكيل من ملايين الركاب وما زالت المحروسة على قيد الحياة شاهدة على تاريخ المشهد السياسى المصرى منذ العهود الخديوية حتى تولى أمر قيادتها أخيراً قبطان انتخبته جموع الركاب الذين يطالبون بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية دون التدخل فى تحريك بوصلة قيادتها، أما ركاب الدرجة الممتازة فإنهم يعتبرون أنفسهم قد امتلكوا المحروسة ومن عليها، وأنهم أصحاب الحق فى التدخل فى تحريك الدفة وتحديد سرعتها باعتبارهم الأغلبية وبلديات القبطان وأن كلمتهم هى العليا وباقى الركاب هى السفلى بعدما هيمنوا على جميع مفاصل المحروسة، وإذا كانت «تيتانك» قد غرقت بسبب تدخل أصحاب الحظوة فى قرارات قبطانها وكان غير مسموح لباقى الركاب بالوجود على السطح، فإن الملايين من ركاب الدرجة الثانية المصريين قد اعتلوا السطح بعد 25 يناير وأصبحوا قادرين على حمايتها، وعدم المساس بها وفى يقينهم أن قبطانها المنتخب قادر على اتخاذ القرارات الصائبة بمعاونة مستشاريه المعينين والمتخصصين الموجودين داخل كابينة صنع القرار بالقصور الرئاسية بعيداً عن الذين يحاولون صناعة القرار من داخل كابينة القيادة فى المقطم حتى يتمكن القائد من العبور بالآباء والأبناء والأحفاد فى المحروسة إلى بر الأمان متفادياً الصخور والأمواج العاتية لأن «المركب اللى فيها ريسين بتغرق» حتى لا يكون مصير المحروسة المصرية كمصير «تيتانك» البريطانية والعياذ بالله. فاروق على متولى السويس