نظر حوله سريعاً مستعيناً بشريك ومجرم خفى، هو طرف ثالث ندركه ولا ندركه، ضغط على الزناد، فاندفعت الحبات الصغيرة بجنون، وما إن لامست الجسد حتى عربدت فيه بهمجية، ممزقة أوصال الحياة.. هكذا تفنن صانعوها، وهكذا قبلنا أن نوجهها إلى رفقاء الوطن.. فمن هو؟؟ ■ جندى بالكاد يفك طلاسم الحروف، يحمل سلاحاً دُرِّب عليه سريعاً فى ظل مطلب شعبى وحكومى لسيطرة أمنية هى تحدٍّ فى حد ذاته، عقله لا يستوعب ما يعج به ذلك العالم الجديد بعيداً عن قريته الصغيرة هناك، حيث «شواشى» الذرة هى أقصى حدود رؤيته. ■ ضابط سادى، كما رسمه باقتدار المؤلف رؤوف توفيق، فى قصة «زوجة رجل مهم»، هو استثناء لقاعدة من الشرفاء ومشاريع شهداء لا يهابون أكمنة الموت أو جسارة ترويض قنابل تواقة للانفجار، لكنهم لم يتطهروا بعد من كل أصنام الماضى و«استثناءاته»، فرصاصة واحدة كافية أن تشوه الجميع. ■ شاب تائه فاقد للأمل، ينتمى قلباً أو قالباً للجماعة المحظورة، كقشة الغريق، يجاهد بقتل النساء خلسة، فى منظومة قطبية تبيح الغدر والخسة، يستغله كهنة كل زمان، بدموية تنتقب برداء الدين والنساء، حيث لا يستنكف الرجال التنازل عن ثوب الرجال وقيم الرجال ومواقف الرجال. ■ عميل من دولة شقيقة، أو غير ذلك، طالما ذرفنا من أجلها غالى الدمع والدم والمال، فى غفلة من الزمان، فى سنة سوداء على الوطن، أصبح حاملاً لبطاقة هوية للبهية، منحها من لا يملك لمن لا يستحق. ■ بلطجى زرعه نظام (نحاول أن نغفر له ونطوى صفحاته المؤلمة وهو بوقاحة يأبى الرحيل) وقد انقلب السحر على الساحر. والأجر زهيد، يكفى لشراء قطعة أفغانية أو مغربية من ذلك المسحوق اللعين، ليتلاشى ما تبقى من ضمير مع الدخان الأزرق، فى جلسات تغييب العقل ورحيله إلى أروقة الإدمان. وتقع الضحية.. زهرة جسورة لم تدمن الظهور فى الفضائيات، ولم تخلع رداءها القديم، و«تعمل نيو لوك» باليورو والدولارات، لم تتلون كلماتها أو مواقفها رغم الإغراءات. ويذكر تقرير الطبيب بين السطور خسة الضرب من الظهر على حاملة الورد، لتستقر فى قلب الوطن، والمسافة لا تتعدى 10 أمتار، هى مسافة مقطوعة من الثقة المغدور بها، فقد كان فى وجدانها قناعة أنه فى النهاية حضن الأم هو حصن نعصم فيه من الخيانة. مخطئة.. غبية.. عنيدة.. مغيبة.. حالمة.. حمقاء.. سليطة.. جريئة.. متهورة.. مثيرة للشغب.. نختلف معها كثيراً أو قليلاً.. ويلوك المتحفظون «بالبنات ناقصة الرباية اللى ما لهمش كاسر»، ولكن من المؤكد أنه فى أسوأ الأحوال.. فى كل الأحوال.. لا تستحق أبداً الموت رمياً بالرصاص، غدراً كالضال من الكلاب. ويبقى السؤال: مَن قتل شيماء الصباغ؟؟ أزعم أن أى مدَّعٍ بمعرفة القاتل هو كاذب، إلا فى حالتين، أن يكون هو نفسه القاتل أو أحد معاونيه.. أو شاهد عيان كان لصيقاً به، لكننا جميعاً ندرك شريكه الأساسى، فقد كان شريكاً فى كل ما بُلينا به، من حوادث التحرش «وصمة عار الميدان»، وجرائم السلب والنهب المهينة للثورة، إنه المجرم الخفى (الزحام) حيث تختفى المسئولية الشخصية، ويتجرأ العقل الجمعى (كما يصفه علماء النفس) لضعاف النفوس والمأجورين. وإذا كنا نُحمل جهاز الشرطة المسئولية الأولى لحماية مواطنى هذا البلد بكل انتماءاتهم، فيجب أن نكون عادلين معه كما نطالبه بذلك.. فكل أنظمة الأمن فى العالم قابلة للاختراق فى ظل ذلك المجرم الخفى (الزحام) الذى لم ينجُ منه أقوى أجهزة الاستخبارات، وكان مقتل كيندى، ومن هنا يجب أن ندرك الحقيقة الغائبة أن نجد الحلول ونأخذ بالأسباب، فكل شىء يجب أن ينظم، حتى المظاهرات، وتعمم كاميرات الرقابة على المناطق الحيوية، حتى لا نظل نبحث عن ذلك الطرف الثالث بلا نهاية، وحتى لا نسقط فى دوائر الشك والاتهام للجميع. ولتكتب عندك سيدى المحقق، أن القاتل طليق فى شوارع الوطن، يقتل أبناءنا بلا حياء.. يدمر أصولنا.. يهد اقتصادنا.. يزرع زرعاً شيطانياً.. قنابل تروى بغدر أعمى.. يحرق الملايين من عرق الغلابة المطحونين.. أبنية عامة لمصالح الناس.. وسائل نقل لدروب الرزق الشحيحة.. وممتلكات خاصة هى ثمار سنين من (الشقاء). اكتب فى أوراقك يا سيدى بكل استياء بكل حزن واستحياء.. أن فتاة ماتت وسط النهار.. وسط الرجال.. وسط الميدان.. لم تكن تحمل قنبلة ولا مدفعاً ولا رصاصاً.. كانت لا تحمل إلا كلمات.. وأكاليل زهور، لرفاق الحلم الجسور... ومرثية مطوية فى القلب.. وبقايا حلم لم يمت بعد بوطن يقبلنا بجموحنا بجنوننا بحبنا.. وطن لن يهدر حق فتاة كانت تحمل ورداً.. قُتلت غدراً.. وسط النهار.. وسط الرجال.. وسط الميدان.