لم تعد زينة رمضان مجرد طقس يحتفل من خلاله المصريون بقدوم الشهر الكريم، ويحافظون عليه منذ العهد الفاطمى منذ أكثر من ألف عام حتى وقتنا الحالى، بل صارت صناعة ضخمة تدر استثمارات وعوائد مالية تُسهم فى تشكيل الاقتصاد المصرى، والأهم أنها صارت تمثل منتجاً يسعى لإيجاد مكان لنفسه فى الأسواق الخارجية من خلال التصدير. خبراء الاقتصاد والصناعة تحدثوا ل«الوطن» عن الوجه الآخر لزينة رمضان بعيداً عن الشكل الاحتفالى الذى تشتهر به، وهو الوجه الخاص بالصناعة وكافة مستلزماتها، وخطوط تطورها فى السنوات الأخيرة، ووصول المنتج المصرى من الزينة لمنافسة نظيره من جميع دول العالم، بل فتح أسواق جديدة للتصدير تسهم فى زيادة الدخل القومى. «قد يبدو للبعض أن زينة رمضان هى موروث ثقافى مرتبط بالعادات المصرية، فقد بدأت كاحتفال، وكانت تتم صناعتها يدوياً، ولكن مع الوقت كل شىء يتغير، وحالياً هى صناعة كبيرة تحتاج إلى بعض الخطوط للتطوير، لكى تنافس بقوة فى الأسواق العربية والعالمية»، بهذه الكلمات تحدث الخبير الاقتصادى الدكتور على الإدريسى، مؤكداً أن أول خط لتطوير صناعة الزينة هو التركيز على ملفات الجودة والسعر، فأى عميل سواء كان داخل مصر أو خارجها ما يبحث عنه هو فكرة «الجودة العالية بأسعار مناسبة لميزانيته»: «كلما زادت جودة الخامات المستخدمة وكان التصنيع جيداً بلا أى عيوب، زاد الإقبال على المنتج المصنوع، وفى مجال الزينة، يمكن استخدام أسلوب التدرج، أى تقسيم الزبائن أو العملاء بحسب ميزانيتهم، وكل عميل له مجموعة من الأشكال المميزة بأسعار تناسبه وفى الوقت نفسه يتم الحفاظ على الجودة». وعدد الخبير الاقتصادى المكاسب التى يمكن أن تعود على الدولة من تلك المسابقات، وأبرزها الترويج لصناعة الزينة الرمضانية التى تشتهر بها مصر، والتسويق لها بحيث تكون محط أنظار العالم كله، بالإضافة إلى التأكيد على هوية مصر الفنية والثقافية وقوتها الناعمة: «تلك المسابقات هى دعاية غير مكلفة على الإطلاق لصناعة الزينة والتراث المصرى فى نفس التوقيت، وتعمل على التسويق له داخلياً وخارجياً بشكل مناسب يليق به». وطالب بتطوير صناعة الزينة ونشرها بحيث تنافس المنتجات العالمية، وعلى رأسها المنتج الصينى، ويكون الهدف الأساسى للصناع والتجار منافسة السوق الخارجية والتصدير، من خلال بناء ورش ومصانع يكون هدفها الأساسى التصدير وليس الأسواق المحلية: «لن نكتفى بورش ومصانع هدفها التصدير، بل إن المنتجات التى تصنعها تلك الورش والمصانع من الممكن الابتكار فيها فنياً، طالما هى موجهة للزبون الأجنبى، فيمكن أن نصنع زينة رمضانية ولكن بلمسة فرعونية أو أى شكل ثقافى آخر مرتبط بالتراث المصرى ويتماس مع السوق الذى نصدر له، ولكن للنجاح فى ذلك لا بد من دراسة تلك الأسواق جيداً وتحليل سلوك روادها». «المدارس الفنية وصناع التعليم الفنى هم المفتاح الحقيقى للتحول إلى دولة مصدرة لزينة رمضان على مستوى العالم، خصوصاً أمام دولة ضخمة مثل الصين»، بهذه الكلمات بدأت الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى حديثها ل«الوطن» عن صناعة الزينة الرمضانية وكيفية تطويرها، مؤكدة أنه يجب على الجميع العمل على تنفيذ هذا الحلم للتغلب على المنتج الصينى الذى ظل يستنزف التراث المصرى لسنوات. وشرحت «هدى» وجهة نظرها: «لدى المدارس الفنية فى مصر وصناع الحرف اليدوية المندثرة من الأفكار والتصميمات والابتكارات التى قد تسهم بشكل واضح وقوى فى تطوير صناعة زينة رمضان، فهم لديهم الجانب العملى والفنى، بالإضافة إلى الخلفية المعرفية، والأيدى الماهرة التى تحتاج فقط إلى نقطة انطلاق». ودعت إلى اعتماد صناعة الزينة الرمضانية على الخامات الوطنية فى الصناعة بديلاً عن الخامات المستوردة، لأنها الأساس الذى يجعل مصر دولة مصدرة، وهو ما يطلق عليه فى عالم الاقتصاد «عمليات إحلال محل الواردات»: «لا بدَّ أن نتخلص من قيمة الاستيراد التى تضر بالاقتصاد الوطنى، والاستيراد لا يقتصر على شراء الزينة نفسها بل أيضاً خاماتها، ونحن من الممكن أن نعتمد على الزجاج والبلاستيك فى صناعة الزينة، وبالتالى تصبح تلك الصناعة مصدراً للاستثمارات والثروات الاقتصادية التى لا تُقدر بثمن، وفى نفس الوقت نتخلص من أثر التبعية الاقتصادية لأى دولة فى مجال الاستيراد، وهو أمر مهم، خصوصاً فى ظل الأزمات الاقتصادية».