رحم الله حكيم العرب جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين، الذى لن ينسى المصريون وقفته الرائعة إلى جانب مصر، عندما صمت الجميع إلا قليلاً، أمام إرادة الشعب المصرى وثورته على الاحتلال الإخوانى المقيت الذى كان لا يعبأ بكلمة وطن، وكان يعتبر أراضيه حفنة من التراب، من أجل تحقيق أهداف الجماعة والتنظيم الدولى. وقف هذا الزعيم الذى اتسم بالعدل والجرأة فى الحق مواقف لن ننساها، كما لم ننسَ حتى الآن المواقف النبيلة والشجاعة والمحترمة للملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- والتى يعرفها الجميع فى حرب أكتوبر، والشيخ زايد حاكم الإمارات رحمه الله، والتى كان لها أكبر الأثر فى تحقيق نصر أكتوبر المجيد مع الرئيس السادات رحمه الله، فالملك عبدالله هو أول من أعلن دعمه لمصر والمصريين عندما بدأت الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبى فى التحرك بجدية من أجل إسقاط الدولة المصرية بكل الوسائل حتى لو وصلت لتجويع مصر والمصريين، وتحركت أساطيل الأمريكان فى البحر المتوسط كنوع من الإرهاب والتهديد، وكانت وقفة الملك عبدالله الحاسمة، ومن ورائه دول الخليج فى الإمارات والكويت، حيث أرسل وزير خارجيته إلى باريس، وقابل المبعوث الأمريكى وأخبره بلهجة حاسمة على لسان الملك الشجاع: لن نسمح لأحد بأن يمس مصر، وإن من يتخاذل عن دعم مصر لا مكان له بيننا. وبعد أن وجد المؤامرات تُحاك من بعض الدول ضد مصر أعلن بشجاعة أنه لن يخرج برميل بترول واحد للعالم من الخليج إذا ظلت المؤامرات تُحاك ضد مصر بهذا الشكل. وعندما خرجت قطر عن الصف واستُخدمت كمخلب قط من أجل شق الصف العربى كان موقف الملك عبدالله الحاسم من أجل التوصل لاتفاق للمصالحة والتوافق بين الأشقاء العرب من خلال اتفاق الرياض التكميلى لوضع إطار شامل لوحدة الصف لمواجهة التحديات التى تهدد أمتنا العربية والإسلامية، والمصالحة بين مصر وقطر. مات ملك الإنسانية والشهامة والعدل.. مات ملك العرب وحكيمهم، ولله ما أعطى ولله ما أخذ، رحمك الله ووسّع مُدخلك أيها الحاكم العادل بقدر ما أعطيت وخدمت مصر والعرب والمسلمين، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، اللهم طيّب ثراه وأكرم مثواه، واجعل الجنة مستقره ومأواه، اللهم اجعل له من فوقه نوراً، ومن تحته نوراً، ومن أمامه ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره نوراً من نورك يا نور السماوات والأرض، اللهم أبدله داراً خيراً من داره، و أهلاً خيراً من أهله، وأزواجاً خيراً من أزواجه، وأسكنه فسيح جناتك يا رب العالمين. وخالص العزاء لجلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى عهده، ولكل الشعب السعودى العربى والإسلامى.. ونعزى أنفسنا فى الفقيد الكريم.. ولا نقول إلا ما يرضى ربنا «إنا لله وإنا إليه راجعون».