تلى مادة الأزهر الشريف (مادة 4) فى الباب الأول، وهى المادة التى ضلت مكانها ويفضل إدراجها فى باب الهيئات الرقابية والمستقلة، مجموعة من المواد المهمة التى تحدد المقومات الأساسية للدولة والمجتمع. فتنص المادة 5، وهى مادة جيدة فى صياغتها الدستورية وتلتزم بجوهر ديمقراطى أصيل، على أن السيادة للشعب وهو مصدر السلطات. ثم تأتى المادة 6 بتعريف للنظام الديمقراطى والذى تشير إليه المادة 1 كنظام البلاد: «يقوم النظام الديمقراطى على مبادئ الشورى، والمواطنة التى تسوى بين كل مواطنيها فى الحقوق والواجبات، والتعددية السياسية والحزبية، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، وكفالة الحقوق والحريات، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها...». وواقع الأمر أن المادة 6 تقرر بالفعل مبادئ النظام الديمقراطى، وإن كان ترتيب الإشارة للمكونات هذه يحتاج لإعادة نظر. فالنظام الديمقراطى له مبادئ ثلاثة أساسية هى: سيادة القانون والمواطنة وتداول السلطة، وأحسب أن الإشارة إليها يتعين أن تتصدر المادة. كذلك تعمد الكثير من الدساتير إلى ضبط النص على تداول السلطة بربطه بآليتى الانتخابات الدورية، محلية وتشريعية ورئاسية، والتعددية الحزبية. يلى ذلك تقرير مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها واحترام حقوق الإنسان بمعناها الشامل للحقوق والحريات الشخصية والعامة. أما النص على الشورى كمبدأ من بين مبادئ النظام الديمقراطى، ومع التقدير للأهمية الرمزية والتاريخية التى يراها البعض بمفهوم الشورى، فلا تقدم بالمعنى الدستورى إضافة حقيقية للمادة 6؛ فالشورى هى نتيجة لتفعيل مبادئ النظام الديمقراطى، من بين نتائج أخرى كمشاركة المواطن فى الحكم عبر الانتخابات الدورية ومحاسبة الأحزاب السياسية وتغيير مواقعها عبر تداول السلطة والتنوع فى الرؤى والسياسات المطروحة على المجتمع عبر التعددية الحزبية. الشورى كذلك نتيجة للديمقراطية وليست من بين مبادئها. كذلك تخرج الجملة الأخيرة فى المادة 6، لا يجوز قيام أحزاب سياسية على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين، عن السياق الدستورى للمادة، ويتعين أن تضمن فى مادة منفصلة تتناول الأحزاب السياسية. لذا، أرى إعادة صياغة المادة 6 على النحو التالى: يقوم النظام الديمقراطى على مبادئ سيادة القانون، ومواطنة الحقوق والواجبات المتساوية، وتداول السلطة عبر الانتخابات الدورية النزيهة والتعددية الحزبية، والفصل بين السلطات العامة والتوازن بينها، واحترام حقوق الإنسان، وذلك كله على الوجه المبين فى الدستور. نتابع بالغد إن شاء الله.