وصف الباحث والكاتب السعودى عماد المديفر العلاقات بين مصر والسعودية بالتاريخية والثابتة والصامدة أمام أية عقبات، مؤكداً، فى حوار ل«الوطن»، أنهما معاً قطبا النظام الإقليمى العربى وجناحا العرب والحصن الحصين، وأن عليهما يقع العبء الأكبر فى تحقيق التضامن العربى. وقال «المديفر» إن وتيرة العلاقات بين البلدين ارتفعت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية من خلال تأسيس مجلس التنسيق السعودى - المصرى، مشدداً كذلك على قوة ومتانة العلاقات بين الشعبين المصرى والسعودى. كيف تنظر السعودية للعلاقات مع مصر؟ - لا شك أن مصر والمملكة العربية السعودية هما قُطبا العلاقات والتفاعلات فى النظام الإقليمى العربى، وهما جناحا العرب، وحصنهم الحصين، وعليهما يقع العبء الأكبر فى تحقيق التضامن العربى، والوصول إلى الأهداف المنشودة التى تتطلع إليها الشعوب العربية من الخليج إلى المحيط. والمتتبع لتاريخ الشرق الأوسط الحديث، يجد أن الرياض والقاهرة لطالما كانتا أكبر حليفين، يعملان معاً جنباً إلى جنب، وكتفاً بكتف، بتنسيق عميق وعلى أعلى المستويات وفى كافة الأصعدة لتكوين مستقبل مشرق وواضح يحقق العمل على ما يجمع العرب ويحمى مصالحهم العليا والحيوية، ويسعى لتحقيق المصالح الاستراتيجية وبعيدة المدى، وتعزيزها والحفاظ عليها. ولطالما مثّلت الأزمات الكبرى فى المنطقة اختباراً قوياً لمتانة العلاقات المشتركة، ويميل الجانبان إلى زيادة وتيرة التعاون والتنسيق فى أحلك الظروف، الأمر الذى ثبتت فاعليته فى مناسبات متعددة. ما أبرز المواقف التى عبرت عن هذه النظرة وطبيعة تلك العلاقات؟ - من أبرز ملامح العلاقة تاريخياً، تلك التى تمثلت بما حدث خلال حرب أكتوبر (أو نصر أكتوبر) 1973، حيث خاضت المملكة الحرب إلى جانب شقيقتها مصر، ليس فقط بترولياً كما يعتقد البعض، بل عسكرياً ومالياً وسياسياً أيضاً، ولعل أصدق ما يوصف به وقوف السعودية فى ظهر شقيقتها مصر هو ما أعلنه الرئيس محمد أنور السادات عليه رحمة الله حين قال: «الملك فيصل يحتل الصفحات الأولى من تاريخ جهاد العرب.. وهو صاحب الفضل الأول فى إسناد مصر وجيشها فى معركة العبور»، حيث قلبت مشاركة المملكة بدعم مصر فى حرب أكتوبر الموازين، وتحقق النصر. التنسيق المستمر فى القضايا الإقليمية والدولية يعزز ثقل الدولتين عربياً وإسلامياً ودولياً ماذا عن العلاقات خلال الاضطرابات التى طالت المنطقة عام 2011؟ - خلال هذه الاضطرابات شاهد الجميع كيف كانت وقفة المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر حاسمة وحازمة وفاعلة، رغم وقوف الغرب كله ضد مصر، بيد أن المملكة كانت رأس الحربة فى الدفاع عنها فى كل المحافل الدولية، وجميعنا يذكر تصريحات سمو وزير الخارجية السعودى آنذاك سعود الفيصل فى كل من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، ويكفى ما أوضحه الرئيس عبدالفتاح السيسى بهذا الشأن حين قال إنه «لولا تدخل الأشقاء فى المملكة العربية السعودية عام 2013-2014 لم تقم لمصر قائمة حتى الآن»، وفى عام 2013 أعلنت السعودية الوقوف بجانب شقيقتها مصر، وتقديم مساعدات مالية، ورحبت بنتائج الانتخابات الرئاسية فى يونيو 2014، وشاركت فى حفل تنصيب الرئيس السيسى. وليس آخرها ما تمثل فى الأعوام الماضية إذ ارتقت وتيرة العلاقات الثنائية بين السعودية ومصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية من خلال تأسيس مجلس التنسيق السعودى - المصرى. وتبقى العلاقات السعودية - المصرية ثابتة وصامدة، لأنها واجهت عقبات التاريخ الطويل الذى جمع بين البلدين، وحصّنت نفسها من أى خلافات قد تشوبها أو تعترضها مستقبلاً، إذ تجمعهما وحدة الموقف ووحدة المصير. العلاقات على المستوى الشعبى، ما الذى يمكن أن تقوله عنها؟ - الشعبان السعودى والمصرى شعب عربى واحد، أهل وسند وظهر، والعلاقات السعودية - المصرية ستبقى متميزة وراسخة لأنها عميقة ومتجذرة فى أعماق الشعبين، ومستمدة من تاريخ طويل جمع البلدين والشعبين عبر سلسلة من الأحداث والوقائع، لذا فهى محصنة من أى محاولات مغرضة تسعى لإثارة الفتن، فمستوى العلاقات الشعبية الطيبة والمتميزة التى تربط البلدين لطالما تكسرت دوماً أمامها كل تلك المحاولات البائسة لزعزعتها وباءت بالفشل، بفضل القيادة الحكيمة فى البلدين الشقيقين، وبفضل الشعبين الواعيين لكل ما يحاك ضدهما، وتعاضدهما معاً ضمن إطار التعاون والتنسيق والتفاهم والقرارات الحكيمة التى تتخذها قيادتا البلدين لمصلحة شعبيهما. العمق التاريخى بين البلدين تتسم العلاقة بين السعودية ومصر بالعمق التاريخى والتعاون الاستراتيجى والتنسيق المستمر تجاه المسائل والقضايا التى تهمُّ البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، لدعم وتعزيز الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم، نظراً للمكانة العالية والموقع الجغرافى الذى يتمتع به البلدان، مما عزَّز من ثقلهما على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية. وتطور العلاقات السعودية - المصرية بالتأكيد ينعكس إيجاباً على القضايا العربية والمشاكل فى دول المنطقة بدءاً من سوريا ومروراً بليبيا وانتهاء باليمن والعراق، فالتغول والتدخل العدوانى فى شئون المنطقة من دول وجهات لا تريد للمنطقة ولشعوبها الخير، يضع الدولتين (السعودية ومصر) فى سلة واحدة فى تعاطيه مع المنطقة.