بعد أن بدأت المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيقات في جرائم الحرب التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء عدوانه على غزة، بدأت إسرائيل بقيادة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو باتخاذ عدد من الإجراءت للهروب من المحاكمة والعقاب. كان أول هذه الإجراءات قرار إسرائيل تقديم شكاوى في محاكم دولية ضد قيادات فلسطينية وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبعض المسؤولين الفلسطينيين، وأوضح أحد المسؤولين الإسرائيليين في إذاعة جيش الاحتلال، أن إسرائيل ستقيم هذه الدعاوى القضائية عبر جماعات غير حكومية ومنظمات قانونية موالية لإسرائيل يمكنها إقامة الدعاوى القضائية في الخارج؛ بحجة أن إسرائيل تعتبر مسؤولي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية "متواطئين" مع حركة "حماس" في غزة، وذلك بسبب اتفاق المصالحة الذي تم بين الجانبين في أبريل الماضي. وثاني الإجراءات هو بداية التحقيق الداخلي مع قادة الجيش الإسرائيلي على أن تعاقب إسرائيل بنفسها من ثبت أنه تورط في قتل المدنيين في غزة حتى تكون هذه التحقيقات ذريعة لرفض تحقيقات دولية ومقاضاة الضباط الإسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب، وهذه الخطة وضعها وزير الأركان موشيه يعلون، وأنشا بالفعل طاقمًا برئاسة الميجر جنرال نوعم تيبون، لفحص مجريات الحرب وأداء القادة، ويجري التحقيقات مستشار رئيس النيابة العسكرية داني عفروني. أما ثالث هذه الإجراءات فهو إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، صباح اليوم، أن إسرائيل ستطالب الدول المموِّلة للمحكمة الجنائية الدولية قطع أو تقليص مساهماتها في عمل المحكمة، وهو الاقتراح الذي قدمه نتنياهو صباح اليوم في الاجتماع الوزراي ولاقى قبولًا، ولم يحدد نتنياهو الدول التي سيخاطبها. وبدوره، قال وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان، فى تصريح للإذاعة العبرية أمس، إنه سيطالب كندا وألمانيا بوقف تمويل محكمة الجنايات الدولية بعد قرارها بالتحقيق المبدئى فى جرائم الحرب التى حدثت فى غزة، مضيفا أنه سيلتقى وزير خارجية كندا، لمناقشته فى الأمر، وقال "هذه الدول صديقة لإسرائيل، وعليها الوقوف إلى جانبها". وقال ليبرمان، فى مقابلة بثتها القناة الإسرائيلية "الثانية" مساء أمس الأول، إنه يمكن التوصل لحل سلمى للنزاع فى المنطقة بنهاية عام 2015، لكن على إسرائيل التخلص من أبومازن والتفاوض مع كل الدول العربية. ومن المرجَّح أيضًا أن يفتح نتينياهو هذا الملف أثناء لقائه مع رئيس حكومة اليابان شينزو آبي، الذي يزور إسرائيل، كما أنه تحدث هاتفيًا أمس مع وزير خارجية الولاياتالمتحدة جون كيري، وبحث معه الأمر، كما وجَّه رسالة إلى الرئيس باراك أوباما، وبعث نتنياهو برسائل إلى رؤساء حكومات بريطانيا وألمانيا وأستراليا وكندا، يطالبهم بصفتهم أعضاء في محكمة الجنايات الدولية منع فتح أي تحقيق ضد إسرائيل في العدوان الأخير على قطاع غزة. أما رابع هذه الإجراءات فكان الاقتراح الذي تبناه وزير الاقتصاد والشؤون الدينية نفتالي بينت، رئيس حزب (البيت اليهودي)، بإطلاق مشاريع استيطانية جديدة في القدس ومناطق والضفة الغربية ردًا على قرار المحكمة الجنائية الدولية. وخامس هذه الإجراءات، وهو الذي قد نفذ بالفعل، حيث قررت الحكومة الإسرائيلية تجميد أموال الضرائب الفلسطينية، ما أدى إلى تأخير دفع رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، ورواتب عناصر أجهزة الأمن في السلطة وهو ما علَّقت عليه جريدة "هآرتس"، اليوم، بأن التأخير في دفع رواتب عناصر "حماس" في قطاع غزة متعلِّق بالخلاف المستمر بين "حماس" والسلطة الفلسطينية، والذي يؤخِّر أيضًا تحويل أموال إلى "حماس" وعملية إعادة إعمار غزة، وعلقت الجريدة قائلة إن قرار تجميد أموال الضراب كان خطيرًا ومن المتوقع أن تؤدي الضائقة الاقتصادية في غزة إلى معاودة الاشتباكات بين "حماس" وإسرائيل.