وصف وزير دولة الإمارات للشئون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للإمارات بأنها هامة للغاية في ظل الظروف التي تمر بها الدول العربية، والتي تعد الأسوأ منذ أن حصلت هذه الدول على الاستقلال، مشيرا أن العديد من الدول العربية إما مفككة أو مهددة بالتقسيم. وقال قرقاش، في لقاء مع الوفد الإعلامي المرافق للسيسي، إن مصر هي قلب الأمة العربية وأقدم دولة في العالم العربي، وتمكنت بعد ثورة 30 يونيو من العيش في حدود آمنة مطمئنة، لأنها دولة قديمة قدم التاريخ لا تعاني من مذاهب عرقية أو قبائلية أو دينية، في وقت تعاني منه عدد من الدول العربية من خطر التقسيم لأنها نتاج اتفاقية "سايكس بيكو"، مما يعني أن تاريخها لا يتعدى 90 عاما. وقال قرقاش إن هناك مصلحة إماراتية ومصلحة عربية في وجود مصر قوية ومزدهرة ووسطية، فمصر قلب الثقافة العربية، ولو أنتجت ثقافة معتدلة ووسطية يكون تأثيرها شاملا على المنطقة العربية، والعكس صحيح، مؤكدا أن العرب يدركون أن طبيعة الإنسان المصري طبيعة وسطية ومعتدلة. وأشاد قرقاش بدور الأزهر الشريف، الذي كان طوال التاريخ المنبر الرئيسي لمصر في نشر مبادئ الإسلام السمحة الوسطية بعيدا عن الغلو والتطرف، كما تحدث وزير الدولة للشئون الخارجية عن تنظيم الإخوان الإرهابي ووجهة نظر الغرب في فهمه ،وقال إن الغرب فهم الإخوان بصورة خاطئة، وكان يعتقد أنهم قادرون علي تخفيف حدة التطرف في الجماعات الإسلامية في المنطقة، وأنهم قادرون على نشر الإسلام السياسي المعتدل، لكنهم تحولوا إلى فصيل أكثر تشددا لا يعرف إلا "الأهل والعشيرة". وأضاف قرقاش أن قراءة الغرب للإخوان هي نتاج تقارير أجهزة استخبارات ومراكز دراسات اعتقدت أن هذه المرحلة هي مرحلة الإسلام السياسي، والإخوان هم الذين يستطيعون أن يخففوا من حدة التيارات المتطرفة، وأن يتعاملوا معهم على أساس أنهم يتبنون فكرا جامعا وديموقراطيا، لكن الواقع أثبت أنهم هم الذين خضعوا لفكر التيارات المتطرفة. وقال الوزير إن قراءة الإمارات كانت مختلفة فيما يتعلق بالإخوان، فقد تبين للإمارات أن الإخوان لن ينجحوا إلا في حشد الأصوات وكسب الانتخابات من خلال تقديم بعض الخدمات للفقراء، وتبين أنهم غير قادرين على قيادة دولة بحجم مصر تسعى للنهوض باقتصادها. وأضاف أن الإمارات حرصت على قدر من التعاون مع مصر أثناء حكم الإخوان نظرا للعلاقات التاريخية بين البلدين، لكنها دهشت لافتقار الإخوان للمهنية والدراية بالأمور السياسية، وعدم وجود قيادات تتمتع بالكفاءة لقيادة مجتمع بحجم المجتمع المصري يسعى للتقدم والرقي، وكشف أنه عندما التقى مع عصام الحداد المستشار السياسي للرئيس المعزول فوجئ بأنه يتحدث معه عن مصلحة الأهل والعشيرة، وصالح مجموعة واحدة وليس صالح مصر أكبر وأهم دولة عربية. وتناول من ناحية أخرى الوضع في ليبيا، ووصف الأوضاع هناك بأنها مقلقة ومعقدة لثلاثة أسباب، أولها تأثير الأحداث الجارية في ليبيا على الأوضاع في مصر، التي تعد الركيزة الأساسية للاستقرار في الوطن العربي وإعادة الاعتدال للدول العربية التي تقع بين دول إقليمية كبرى لديها أطماع لا سيما إيران. وقال إن السبب الثاني أن الخلاف الليبي ليس خلافا داخليا فقط، لكنه خلاف تقوده جماعات جهادية إرهابية متطرفة تضم في صفوفها أفرادا قادمين من دول عديدة لا تضع مصلحة ليبيا نصب أعينها، أما السبب الثالث فهو اختراق هذه الجماعات للدولة الليبية والتأثير على قراراتها ونظام الحكم فيها، لأنها جماعات تمتلك أموالا طائلة بعد السيطرة على النفط الليبي، وتتولى تمويل جماعات إرهابية داخل ليبيا وخارجها، بدءا من الهند والشيشان ومرورا بسيناء ونيجيريا. ووصف وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش، خلال لقائه مع رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الوسط ورؤساء تحرير الصحف المصرية، الأوضاع فى سوريا بأنها "مقلقة ومعقدة"، مرجعا ذلك إلى الخوف من أن يؤدي رحيل الرئيس السوري بشار الأسد إلى وقوع سوريا في براثن تنظيم القاعدة. وقال "إن الشيء الذي لا يقل خطورة هو أن تؤدي طريقة خروج بشار الأسد، الذي يلقى رفضا من جانب الكثيرين، إلى مشاكل خطيرة، حتى لو كان الذين سيتولون حكم سوريا من المعارضين المعتدلين، معتبرا أن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي، إلا أن هذا الحل غير موجود حاليا". وفيما يتعلق بالأوضاع في العراق، فأعرب قرقاش عن أمله فى أن تكلل مهمة رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي بالنجاح، مشيرا أن زيارة العبادي الأخيرة للإمارات كانت تستهدف فتح صفحة جديدة ومعالجة أخطاء رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، خاصة فيما يتعلق بسياساته المبنية على الطائفية، مؤكدا على ضرورة امتصاص التيار السني في العراق. وشدد على ضرورة أن تتسلح الحكومة العراقية بالوطنية لمواجهة الطائفية في العراق، كما أعرب عن ثقته التامة في أن تنظيم "داعش" الإرهابي سيهزم في العراق في نهاية المطاف عسكريا، مطالبا بضرورة هزيمة "داعش" سياسيا كما سيتم هزيمتها عسكريا. وحول اليمن، قال قرقاش "إن سيطرة الحوثيين على صنعاء كارثي، مؤكدا أن الحوثيين أجهضوا المسار السياسي بمحاولتهم عرقلة الدستور، محذرا من أن سقوط صنعاء في براثن الحوثيين يساعد إيران على السير قدما في سياستها الرامية للتمدد بنفوذها في العالم العربي من خلال التيار الشيعي". واعتبر أن سبب توسع نفوذ إيران في المنطقة العربية وتحول المنطقة العربية إلى مشاع بين الإيرانيين والأتراك يرجع إلى الفراغ الذي تركته مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة قبل أن تستعيد دورها الريادي والقيادي فى الأمة العربية. ورأى أن فترة تراجع مصر، التي تمثل للعرب عمقا تاريخيا فضلا عما تمثله للعرب من قدرات وكفاءات بشرية لا حصر لها، ترك الساحة خالية أمام محاولات تركياوإيران تحقيق نجاحات في المناطق العربية الشيعية. وتوقف الوزير الإماراتي كثيرا عند الإرهاب والتطرف في العالم العربي، معربا عن أسفه لقيام قلة باختطاف الدين الإسلامي مدعية أنها هي الوحيدة القادرة على الإفتاء في هذا الدين العظيم، وقال "إن الدول العربية دولا إسلامية وتعتز بإسلامها دين الحب والتسامح والوسطية، مؤكدا أن الدول العربية ليست بحاجة لمن يزيدها إسلاما.. لأن الإسلام السمح هو أعز ما تملكه الدول العربية، مشددا على أهمية توجيه المسلمين بخطاب ديني معتدل، منوها بأن الأزهر هو الأجدر للقيام بهذا الدور، منددا، في ذات السياق بمن يريدون تقويض دور الأزهر كمنبر لنشر الإسلام الوسطي في العالم". ولفت قرقاش إلى أن الإمارات من جانبها تمكنت من وضع نفسها بمنأى عن التطرف والإرهاب من خلال مناهج تعليمية تقوم على نشر الاعتدال والوسطية وسماحة الإسلام، فضلا عن استغلال المنابر في حديث إسلامي معتدل ومتطور يتماشى مع الحداثة التي تجري في عالم اليوم، وأكد، في ختام اللقاء، أن تجفيف مصادر تمويل الإرهاب كان على رأس أولويات الإمارات، موضحا أنه من الصعب أن تجد منظمة متطرفة تستند على تمويل إماراتي بعد الضوابط التي تم وضعها وتطبيقها بصرامة.