يرى السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الأفريقية، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى لديه رؤية شاملة للتعاون مع قارة أفريقيا منذ أن انتُخب رئيساً. وقال، فى حوار عبر الهاتف مع «الوطن»، إن فترة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى أحدثت نقلة نوعية فى العلاقات مع قارة أفريقيا، مشيراً إلى تعدّد ملفات التعاون المشترك، التى أدت فيها القاهرة دوراً محورياً، سواء فى ما يتعلق بمكافحة الإرهاب أو التعليم والصحة، خصوصاً أيضاً فى مجال البنية التحتية ومواجهة التغيّرات المناخية. وأكد السفير صلاح حليمة أن هناك تجاوباً كبيراً من قِبل الدول الأفريقية مع رؤية مصر إزاء كثير من القضايا الدولية والأزمات التى تعيشها الدول الأفريقية أو العالم. وإلى نص الحوار: فترة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي أحدثت نقلة نوعية في العلاقات مع القارة كيف ترى نظرة الرئيس السيسى للعلاقات المصرية الأفريقية؟ وكيف أحدث بها هذا التطور؟ - لا شك أن العلاقات ما بين مصر والقارة الأفريقية هى علاقات لها روافد كثيرة، وأعتقد أن هذه الروافد أو هذه النظرة تنطلق بتلك الروافد من خلال رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى الشاملة، فهناك أولاً الموقع الجغرافى من الناحية الجيوسياسية، التى تؤكد على الهوية الأفريقية لمصر، وثانياً: العلاقات التاريخية التى تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ تؤكد هذا الانتماء المصرى لأفريقيا. وثالثاً: هناك صلات اجتماعية وعلاقات ثقافية من جانب مصر تجاه الدول الأفريقية جميعاً. ومن خلال هذه العلاقة التاريخية، سواء كانت ذات طابع سياسى أو اجتماعى أو ثقافى، فإنها تشكل أساس رؤية مصر تجاه أفريقيا، خاصة أن هناك علاقات ترتبط بمياه النيل، وعلاقات ترتبط بالأمن المتبادل بينها، والمصالح المشتركة التى تجمع مصر مع أفريقيا. وهناك ما يقرب من نحو 10 دول عربية ذات هوية أفريقية فى الوقت نفسه طبعاً، من بينها مصر، ومعظمها يطل على البحر الأحمر، وبالتالى أصبح هناك ارتباط وثيق بين منطقة البحر الأحمر وأفريقيا من خلال رؤية مصرية، خاصة أن مصر هى قلب العالم القديم الذى كان يضم آسيا وأفريقيا وأوروبا، وهذا يُضفى نوعاً من العلاقة الخاصة من جانب مصر تجاه القارة الأفريقية والمنطقة العربية. ما الملفات التى تشغل مصر وأفريقيا بشكل مشترك حالياً؟ - العلاقات بين مصر وأفريقيا من خلال هذه الرؤية فى الفترة الحالية تتركز أساساً على مجموعة من الملفات، أولها الملف الأمنى ثم الملف الاقتصادى ثم الملف الاجتماعى بشقيه الأساسيين وهما الصحة والتعليم. وهذه العلاقة بدأت تتجسّد بشكل كبير جداً، خاصة فى فترة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى فى سنة 2019. وشهدت فى هذه الفترة وحتى الآن تنامياً وتعاظماً فى دور مصر المحورى فى القارة الأفريقية فى كل ملف من هذه الملفات، وعلى أرض الواقع، يمكن أن نشير فى هذا الصدد إلى دور مصر فى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والتعامل مع مسألة اللاجئين والنازحين، فيما بدا هذا الدور واضحاً فى منطقة الساحل، وأيضاً فى منطقة القرن الأفريقى وفى منطقة البحر الأحمر، وبالتالى دور مصر فى الملف الأمنى بأفريقيا وملف الإرهاب واضح جداً وبارز. ماذا عن الملفات السياسية فى العلاقة بين القاهرة والقارة السمراء؟ - لمصر دور محورى كبير، خاصة فى القضايا والأزمات التى تواجهها الساحة الأفريقية، والتعامل مع مشكلات، مثل الأزمة الليبية، والأوضاع فى السودان وجنوب السودان والبحيرات فى منطقة غرب أفريقيا. ومصر تتعامل مع هذه القضايا السياسية، سواء كانت نتيجة صراعات أو حروب أهلية أو نزاعات داخلية، وقد كان لمصر أيضاً دور واضح فى ما يتعلق بأن لديها مركزاً الآن لإعادة البناء والإعمار فى القارة الأفريقية، وأيضاً هناك نوع من النشاط والتعاون فى المجال المخابراتى الخاص بمكافحة الإرهاب. الملف الاقتصادى أحد أهم ملفات التعاون، ماذا عن العلاقات فى هذا المسار؟ - دائماً هناك إنجازات كبيرة ودور مصرى محورى كبير فى ما يتعلق بإنشاءات البنية التحتية فى القارة، أبرزها خط «القاهرة - كيب تاون» والربط بين بحيرة فكتوريا والبحر المتوسط، فضلاً عن موضوعات أخرى تتعلق بالبنية التحتية فى الطرق النهرية والبحرية ومشروعات الربط الكهربائى، وربما بالمصادفة مؤخراً كان هناك اجتماع بين مصر وعدد من الدول الأفريقية بشأن خط «القاهرة - كيب تاون». أشرت إلى النواحى الاجتماعية فى العلاقات المصرية الأفريقية، أوضح لنا مزيداً حولها. - النواحى الاجتماعية أقصد بها التعليم والصحة، ولنا هنا دور واضح جداً، خصوصاً ما يتعلق بتحديث النظم الصحية فى عدد من الدول بالقارة الأفريقية، وإسهامات مصر كبيرة فى مواجهة جائحة كورونا، سواء بتوفير معدات طبية أو تحديث الأطقم الطبية وبناء القدرات، أو فى إنتاج اللقاحات وتوزيعها أو فى جلب دعم خارجى للدول الأفريقية فى هذا المجال. أما فى ما يتعلق بالتعليم، فطبعاً هناك دور مصرى واضح فى بناء القدرات فى مجالات كثيرة، ثم هناك البعثات الخاصة بالجامعات المصرية وجامعة الأزهر، وهناك مجالات كثيرة للتدريب وإيفاد بعثات فى مجالات كثيرة، لبناء القدرات فى نواحٍ كثيرة لدى الدول الأفريقية. تجاوب أفريقي مع رؤية مصر الحقيقة أنه كان هناك تجاوب كبير من الدول الأفريقية مع الرؤية المصرية للعلاقات، خصوصاً فى مرحلة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، والتى أحدثت نقلة كبيرة فى تطور العلاقات المصرية - الأفريقية خلال الفترة الأخيرة. أيضاً كان هناك تجاوب كبير من قِبل الدول الأفريقية فى ما يتعلق بالتعاون مع مصر فى التعامل مع بعض الأزمات، مثل أزمة الطاقة والأزمة الروسية الأوكرانية، ولا ننسى أيضاً ملف التغيرات المناخية ونجاح الجهود المصرية فى دعم التوصل إلى اتفاق بشأن صندوق للخسائر والتعويضات، والذى تستفيد منه الدول الأفريقية بشكل كبير، باعتبارها المتضرّر الأكبر من التغيرات المناخية المتسبّبة فيها الدول النامية.