التسبحة من الطقوس المسيحية التي تقام بالكنائس في سهرات روحية، يصفها البعض بالعمل ملائكي، الذي ينقلك من الأرض التي تطأ قدماك عليها لتشعر أنك ترتفع لأعلى السموات، فكما الصوفية يتعبدون أرضًا للوصول للعمق الروحي للسماء، نجد المسبحين يهيمون في معاني الكلمات التي تخاطب بها العلي، مابين اللغة القبطية القديمة، والترجمة العربية، غير بالين بقيود الجسد واهتماماته فيصبح القلب، والعقل، والروح كيانًا واحدًا، مسبحًا للخالق الأزلي على إحسانه، وإبداعات خلقه في السماوات والأرض. ويعتبر شهر كيهك، من الأشهر القبطية المعروفة بإقامة الكنيسة للتسابيح، استعدادًا لميلاد المسيح، فتقام الصلوات، والتسابيح ليلاً حتى تختم صباحًا بإقامة القداس الإلهي على مدار الشهر الكيهكي الذي يبدأ، من 10 ديسمبر إلى 8 يناير، وفقًا للتقويم الجريجوي، وفيه يغطي فيضان النيل الأرض، علمًا بأن أسمه مشتقًا من أحد أسماء العجل "أبيس"، وهو رمز الخير لدى قدماء المصريين. وينقسم الشهر الذي يطلق عليه المريمي، لأن التسابيح أغلبها لشخص السيدة مريم العذراء، التي حبلت بالروح في شخص السيد المسيح، إلى 4 أحاد. الأحد الأول، البشارة بميلاد يوحنا المعمدان، بينما كان زكريا الكاهن داخل الهيكل يبخر كعادته، ظهر له الملاك، قائلا" طلبتك قد استجابت، وامرأتك ستلد ابنًا وتسميه يوحنا" حتى أن زكريا لم يصدق، "فقال زكريا للملاك كيف أعلم هذا لأني أنا شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها، فأجاب الملاك وقال له أنا جبرائيل الواقف قدام الله وأرسلت لأكلمك وأبشرك بهذا. وها أنت تكون صامتًا ولا تقدر أن تتكلم إلى اليوم الذي يكون فيه هذا لأنك لم تصدق كلامي الذي سيتم في وقته. وبقى زكريا الكاهن صامتا طيلة تسعة أشهر هي مدة حمل زوجته في الصبي المنتظر . الأحد الثاني، في الشهر السادس الذي كانت إليصابات زوجة زكريا الكاهن –وحسب رواية الأنجيل- حبلى في الشهر السادس، جاء الملاك مبشرًا السيدة العذراء بميلاد السيد المسيح، عندما دخل إليها قائلاً "السلام لكِ أيتها المنعم عليها الرب معكِ مباركة أنتِ في النساء، لا تخافي يا مريم، إنكِ قد وجدتِ نعمة عند الله وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع، هذا يكون عظيماً، وابن العلي يُدعَى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية". لو 1 : 28-33 اضطربت العذراء في البداية، واندهشت من تلك الدعوى، لكنه طمئنها قائلاً "لا تخافي يا مريم، لأنك وجدتي نعمة عند الله، وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع، وقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلًا؟. فأجاب الملاك، وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعى ابن الله، وهوذا نسيبتك أليصابات هي ايضا حبلى بأبن في شيخوختها، فقالت بتواضع ممزوجا طاعة ألهية، هوذا أنا امة الرب، ليكن لي كقولك" ومن وقتها وبدأت حياتها تأخذ منحى أخر من فتاة عذراء مخطوبة ، لفتاة حبلى بالروح القدس بالبشارة الملائكية. الأحد الثالث، زيارة السيدة العذراء لنسيبتها أليصابات "فذهبت مريم مسرعة إلى الجبال، ودخلت بيت زكريا الكاهن، وسلمن على أليصابات، فلما سمعت سلام السيدة العذراء، ارتكض الجنين في ابتهاج، حيث العذراء حبلى في السيد المسيح، وجاءت تسبحة اليدة العذراء و"قالت مريم تعظم نفسي الرب، وتبتهج روحي بالله مخلصي، لأنه نظر إلى اتضاع أمته فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني، لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس. ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه، صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. انزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين. اشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين، عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة، كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد" الآيات "46-55". الأحد الرابع ميلاد يوحنا المعمدان، وفيه وضعت أليصابات طفلها المنتظر، وجاءوا في اليوم ال8 ليختتنوا الصبي، وسموه باسم أبيه زكريا، فأجابت أمه لا بل يسمى يوحنا رغم أن لم يطلق هذا الاسم في عشيرتهم، وعندما طلبوا من أبيه أن يسميه فطلب لوحًا، وكتب قائلاً اسمه يوحنا فتعجب الجميع، وفي الحال انفتح فمه ولسه تكلم مباركا الله". وتستمر التسبحة الكيهكية طوال فترة الشهر المريمي، الذي خصص لتمجيد السيدة مريم العذراء، لحبلها في السيد المسيح في احشائها، وينتهي الشهر، باستقبال ميلاد السيد المسيح، في بيت لحم اليهودية بفلسطين أيام هيرودس الملك، يوم 29 كيهك الموافق 7 يناير وسط احتفالات الكنيسة بعيد الميلاد المجيد.