لازم نفهم أن «البطون الخاوية» والناحتين فى الصخر بحثاً عن «لقمة العيش والغموس» لا يعنيهم حوارات «هيكل» مع «لميس»، أو افتعال ترشّح أحمد عز.. ولا يهمهم القطار الصينى المكهرب.. ولا ينتظرون أملاً فى مرشحى الانتخابات.. ولا يتابعون 95٪ من برامج التوك شو التى لا تسمن ولا تغنى من جوع! عشرات الملايين بطول مصر وعرضها.. أصبح كل آمالهم وطموحاتهم، أن يناموا نصف شبعانين «عيش وجبنة - عيش وبصارة.. وأحلامهم حلة شوربة على أرجل وهياكل الفراخ البيضاء»، وهؤلاء لن يطول صبرهم سنين، مع حرائق الأسعار، وانتهازية التجار، وغياب الرقابة الحكومية والأهلية، وعجز أغلبية الوزراء المفلسين، وشلل المحافظين المكسحين، اللازقين فى الكراسى زى البَقّ. ولهذا أصبح لزاماً علينا جميعاً، تقديم «أفكار» و«مبادرات» نقدّمها لصانع القرار، تفادياً لأى اضطرابات مجتمعية، لا نملك كلفتها.. وبحثاً عن إجابة للسؤال الإجبارى: كيف نحقق أحلام الثورة: «عيش - حرية - عدالة اجتماعية - وكرامة وطنية»؟ سنبدأ فى تقديم «سلسلة» من المقترحات، مدروسة الجدوى، نطرحها «للحوار» لمن يريد التعليق بالحذف أو الإضافة، لإثراء النقاش، وبلورة «الفكرة».. و«الفكرة» جاءت من مقولة الفريق شفيق، عندما كان مرشحاً للرئاسة: بأنه خلال 12 شهراً، نستطيع استبدال «وجبة الفول والطعمية» التى يعايرنا بها البعض، وارتفع سعرها لاستيرادنا عناصر إنتاجها (من الفول نستورد 75٪، والزيت نستورد 92٪)، ونستبدلها بوجبة «فيش آند شيبس» السؤال: هل هذا ممكن؟ والإجابة: نعم.. وبسهولة.. والسؤال: كيف؟ بداية: تعالوا نفهم الحكاية من أولها.. ثم نتحاور بعد هذا السؤال البديهى: هل لدينا ميزات ومميزات فى إنتاج البطاطس، والأسماك؟ و«الزيت» له ألف حل. أولاً: البطاطس: نحن أولى دول أفريقيا فى الإنتاج، والبطاطس المصرية لها شهرة عالمية، من حيث «المذاق» والطعم، يشيد بها كل المستهلكين فى أوروبا.. والطقس مثالى من البحر المتوسط حتى العوينات وتوشكى.. ومتوسط إنتاج الفدان 14 طناً.. نزرع حوالى 25 ألف فدان = 3٫5 مليون طن.. نصدّر منها 700 ألف طن، وتصنيع شيبسى 800 ألف طن، بمتوسط استهلاك 22 كيلوجراماً للفرد سنوياً. تاريخياً: ظهرت بشائر هذا المحصول قبل الميلاد بألف سنة، فى «بيرو» بأمريكا الجنوبية، لدى الهنود الحمر، وكانوا يسمونها «Papa» ثم انتقلت إلى إسبانيا عام 1534، وسموها «Patata» ومنها إلى الاتحاد السوفيتى وأوروبا.. ثم حول العالم. كان الإسبان يُطعمون بها المرضى كعلاج لكثير من الأمراض، لما تحتويه من معادن وفيتامينات (فيتامين سى 19٫5 مللى جرام فى كل 100 جرام + بوتاسيوم 255 مللى جراماً و...»، وانتقلت من المستشفيات إلى «سفرة الأغنياء» لتصبح «الوجبة الشعبية» على كل الموائد، لتعدد الأصناف والأنواع. وكل صنف له طريقة فى الطهى.. ومذاق مختلف (فى فرنسا 26 طريقة لطهيها)، مما جعل المواطن الأوروبى يستهلك 135 كجم سنوياً، ولا يأكل سوى 80 كجم من القمح (فى مصر يستهلك الفرد 180 كجم من القمح، و22 كجم من البطاطس) ولهذا نستورد 10 ملايين طن قمح!! فى الصين وضعوا خطة للأمن الغذائى.. بعد 10 سنوات أصبحت «أولى» دول العالم فى إنتاج البطاطس (80 مليون طن سنوياً).. بعد أن اعتبروه محصولاً استراتيجيا بديلاً «للحبوب»، وغذاءً أساسياً لما يقرب من 2 مليار مواطن. «إيران» اهتمت بهذا المحصول، ودعمت المزارعين، فأنتجت ما يقرب من «خمسة ملايين طن» جعلتها لا تستورد قمحاً، بل تصدر أحياناً. وباستخدام التكنولوجيا الحديثة، وإنتاج التقاوى المنتقاة، تضاعف الإنتاج العالمى فى السنوات العشر الأخيرة، ليتجاوز من 350 إلى 400 مليون طن سنوياً.. لتستغنى معظم الدول عن «الخبز»، وتصدر أقماحاً.. كما تفعل الهند التى بلغ إنتاجها 35 مليون طن.. وحتى «رواندا»، رغم فقر التربة، وقحولة الصحراء، والفدان لا ينتج أكثر من 4 أطنان، تدخلت الحكومة بالدعم وحزمة إجراءات لمساعدة الفلاحين، للنهوض بهذا المحصول، كأمن غذائى بديل للحبوب.. وفى خمس سنوات وصل الناتج فى رواندا إلى 1٫8 مليون طن (نصف إنتاج مصر) وحتى «مالاوى».. الدولة المجهولة بشرق أفريقيا، قرروا الاكتفاء الذاتى من الغذاء، فاهتموا بزراعة البطاطس ليصلوا بالإنتاج إلى 2 مليون طن، يزرعونها على سفوح الجبال، وفوق المرتفعات الناطحة للسحاب، لتصبح «مالاوى» الدولة رقم 2 فى أفريقيا! ودخلت زراعة البطاطس فى مصر بداية القرن الماضى، وانتشرت زراعتها أثناء الحرب العالمية الأولى، حينما شجع الإنجليز «فلاحى مصر» ومدوهم بالتقاوى المنتقاة، وبدعم مادى حتى يضمنوا إطعام جنودهم، وبانتهاء الحرب تقلصت المساحات.. وعادت الحكومة المصرية فى 1961 للاهتمام بهذا المحصول، إلى أن حدثت «الطفرة» فى التسعينات، لتصبح مصر هى «الأولى» أفريقياً قبل «مالاوى».. وبالمناسبة احتفلت الأممالمتحدة بعيد البطاطس الدولى فى 2008 بعد أن نجحت «الثورة» التى حدثت فى عالم البطاطس، وانتقل الإنتاج العالمى من 30 مليون طن فى الستينات إلى 350 مليون طن.. وهناك «خناقة» الآن بين بلجيكاوهولندا.. على أحقية كل منهما فى تسجيل «البطاطس المقلية» بالأممالمتحدة «اليونيسكو» كتراث، بعد أن وصل عدد المحلات المتخصصة فى بيع «الفرنش فراى» كوجبة إلى 5000 محل فى بلجيكا التى تبلغ مساحتها 1/30 من مساحة الوادى الجديد: السؤال: ما المطلوب من مساحات إضافية؟.. ولماذا لا ننتج «التقاوى» التى نستورد منها 130 ألف طن سنوياً؟.. وكيف نغير من الثقافة الغذائية، ونجعل من «البطاطس» بديلاً للأقماح التى نستوردها؟! صباح الخير سيادة الرئيس: جهاز الخدمة الوطنية يزرع «مانجو»، وفاصوليا.. ويؤجر الفدان لمزارعى البطاطس بأربعة آلاف جنيه سنوياً، ولديه أراضٍ لا حصر لها.. فلماذا لا يزرع «مائة ألف فدان» بطاطس، حتى ننتج التقاوى.. يستورد هو، أو وزارة الزراعة «التقاوى» التى يربح فيها المستورد (خمسة أشخاص) من 5 إلى 15 ألف جنيه فى كل طن يستوردونه من هولندا أو إنجلترا؟ وقلت قبل كده: لماذا لا نزرع «الدخان» الذى نستورد منه ب6 مليارات جنيه سنوياً؟ وبأرباح زراعة الدخان وحدها نزرع سمك وبطاطس، والشعب فى 10 أشهر يأكل فيش آند شيبس!! ونستكمل الثلاثاء المقبل، كيف يصل كيلو البطاطس إلى المستهلك «بجنيه ونص»، وكيلو السمك مقلى فى البيت ب8 جنيهات، ووزارة التموين تحقق منها 20٪ هامش ربح؟!