فى الوقت الذى تشكو فيه الغالبية العظمى من المستهلكين فوضى مراكز الصيانة الخاصة بالسيارات والسلع المعمرة عموماً، كشف مصدر مسئول فى وزارة الصناعة والتجارة عن أحد الأسباب الرئيسية لتلك الفوضى، التى مثلت مفاجأة من العيار الثقيل، إذ أكد أن عشوائية مراكز الصيانة فى مصر تتم بإشراف وزارة الصناعة، وبموجب قرار أصدره منير فخرى عبدالنور وزير الصناعة، الذى أصدر قراراً يتيح لأى فرد إنشاء مراكز صيانة بموجب «استمارة 14». وبحسب ما قاله المصدر، فإن القرار الذى أصدره الوزير فى أبريل الماضى ويحمل رقم 304 لسنة 2014 سمح لأى مستورد أو أى فرد بإنشاء مراكز صيانة دون ضرورة وجود موافقة من الوكيل للمنتج الذى حصل على موافقة من الشركة الأم بصيانته. وأوضح أن القرار الذى أصدره الوزير ألغى قراراً وزارياً آخر كان قد أصدره وزير الصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد، لتحجيم مراكز الصيانة العشوائية ويحمل رقم 393 لسنة 2008 وينص فى مادته الأولى على ضرورة وجود شهادة من المصنع أو الشركة المنتجة أو صاحبة العلامة التجارية معتمدة تفيد بموافقتها للمركز على إجراء الصيانة وخدمة ما بعد البيع للمنتجات الخاصة بها. ووفقاً للمصدر، فإن قرار «عبدالنور» الأخير الذى صدر بناء على توصيات من الدكتور حسن عبدالمجيد، رئيس هيئة المواصفات والجودة والمشرف السابق على مصلحة الرقابة الصناعية، ألغى الشرط الذى وضعه «رشيد» وفتح الباب أمام المراكز العشوائية، إذ نص على الاكتفاء باستمارة 14 صادرة من هيئة الرقابة على الصادرات والواردات فى حالة إجراء صيانة وخدمة ما بعد البيع لمنتجات تحمل علامات تجارية بعينها «ماركات»، وهى الاستمارة التى أكد المصدر سهولة استخراجها. فى المقابل علمت «الوطن» أن أزمة نشبت داخل وزارة الصناعة بين عدد من مسئولى الوزارة نتيجة صدور هذا القرار، وأن المستشار القانونى لوزير الصناعة يعكف حالياً على تصحيح الوضع الحالى، وتقديم مذكرة قانونية للوزير بهدف التراجع عن القرار، أو تعديله بما يحول دون فتح الباب أمام مجموعة من أصحاب المصالح المستفيدين من القرار الحالى وفقاً لكلام مصدر وزارة الصناعة. وقال السيد أبوالقمصان، مستشار وزير الصناعة والتجارة ل«الوطن» إن هناك «التباساً» فى فهم القرار، وأن الوزارة تعكف حالياً على دراسة كيفية تعديل القرار من خلال المستشار القانونى، لافتاً إلى أن مصلحة الرقابة الصناعية هى التى لديها صلاحية إنشاء مراكز الصيانة والسماح لها بممارسة مهامها. وحاولت «الوطن» التواصل مع المستشار القانونى للوزارة هشام رجب مراراً لكنه لم يرد. فى نفس السياق طالب تجار السيارات والسلع المعمرة بإحكام الرقابة على مراكز الصيانة العشوائية فى مصر، وقال اللواء عفت عبدالعاطى، رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة: «لا يوجد توكيل فى مصر إلا ولديه مركز صيانة معتمد لخدمة التوكيل وحفاظاً على سمعة السيارة من عبث المراكز الوهمية، لافتاً إلى أن مراكز الصيانة المعتمدة تتكلف أكثر من 20 مليون جنيه بينما الورش العشوائية لا يتجاوز إيجارها الشهرى 3 آلاف جنيه. وقال إن مراكز الصيانة الوهمية تتلاعب فى قطع غيار الأجهزة، إلى جانب تكرار العيوب خلال فترة قصيرة من عمليات الإصلاح، ما يتطلب تشديد المراقبة من جانب الجهات الحكومية على هذه المراكز لحماية المستهلك والشركات المنتجة، وفى نفس الوقت توفير مراكز الصيانة المعتمدة، مضيفاً أن المستهلك الذى يلجأ إلى تلك المراكز يفقد الضمان الخاص بالسيارة. وتابع أن السيارات الحديثة تعمل بنظام حساسات «وهو نظام جديد تعلمه جيداً مراكز الصيانة والخدمة المعتمدة، وهو يقوم بالإشارة إلى مكان العطل، وهذه الآلية لا توجد فى الورش والجراجات الوهمية تنعكس على مزيد من التكلفة على المستهلك». ولفت إلى أن مراكز الصيانة المضمونة والمعتمدة تلتزم باستخدام قطع الغيار الأصلية فى حالة وجود عيوب بالأجهزة ويستلزم استبدالها، ولا تطلب سوى قيمة قطع الغيار فى حالة الصيانة فقط، بدون أية مبالغة فى الأسعار. كما ألقى باللوم على المستهلك الذى أكد أنه لا بد من أن يتوافر لديه الوعى الكامل الذى يستطيع من خلاله أن يطالب المسئول عن مركز الصيانة بإبراز التوكيل الذى يقدم له بموجبه خدمة الصيانة للتأكد من تبعية هذا المركز للشركة المستهدفة، مشيراً إلى أن الشركة غير مسئولة إطلاقاً عن انعدام وعى المستهلك، خصوصاً فى حال لحق ضرر بالجهاز الذى تمت صيانته من أحد المراكز الوهمية. وذكر أشرف هلال، رئيس شعبة الأجهزة والأدوات المنزلية بالغرفة التجارية للقاهرة، أن مراكز الصيانة الوهمية غير المعتمدة منتشرة بشكل عشوائى وتزايدت بسبب غياب رقابة وزارة الصناعة، وهو الأمر الذى يسىء إلى مراكز الصيانة الرسمية والمعتمدة، حيث تتلاعب بالمستهلكين وتخدعهم وتبالغ فى قيمة خدمة الصيانة بشكل كبير، مشيراً إلى أن مراكز الصيانة الحقيقية والرسمية تمثل دوراً مهماً فى عمليات تسويق المنتج إذا ما أحسنت خدمة الصيانة وهو يلاحظ فى عملية البيع والشراء، والإقبال يتزايد بشكل كبير على منتجات الشركات التى تهتم بخدمة ما بعد البيع والشركات أيضاً التى تخصص إدارة بالشركات المنتجة تكون مهمتها متابعة وتلقى أى شكاوى من المستهلكين، والعمل على إيجاد الحلول السريعة لها وتلبية احتياجات المستهلك فى زمن قياسى جداً.