غريب الدار عليا جار.. زماني أسى وظلمني مشيت سواح مسا وصباح.. أدور ع اللي راح مني صوت مذبذب يخرج، فينفض الغبار الزمن عن إسطوانة قديمة بالية في "جرامافون"، لم تفلح معالجاتها بالتكنولوجيا الرقمية الحديثة، تجلس لتسمعها بسماعة أذن "هاند فري" عبر برنامج صوتي في جوالك الحديث، في وقت كان يلتف "السميعة" من جيل محمد عبدالمطلب ومحمد فوزي، حول عبده السروجي في فرح، أو جلسة بمقهى شعبي، يرددون "الآهات" إعجابًا وإشادة. أنا اللي الدهر عاداني.. وباعني واشترى فيا وخد أحبابي وإداني.. بدالهم فكر وأسية الغريب في داره، يروي حكاية بدأت في 14 مارس 1911، حدوتة "بائع الجرائد" يكتسب رزقه من على رصيف طريق بقلعة الكبش صباحًا، ووجد متعته في الغناء في الأفراح، حتى أصبح أشهر المطربين الشعبيين في عصره، فكانت الثلاثينيات، حقبة تنافس بين: "إبراهيم حمودة، وعبدالغني السيد، ومحمد عبدالمطلب، وعباس البليدي، ومحمد فوزي"، حتى أصبح "عبده السروجي" من الأسماء المترددة على مسامع جمهور الإذاعة. مليت بالدمع كاساتي.. رويت منها زهور حبي وغنى الطير بأهاتي.. وردد لحنها قلبي "السروجي"، وصل صيته للسينما، فبعد أن غنى على مسرح "بديعة"، غنى أيضًا في فيلم "وداد" لأم كلثوم عام 1936، "على بلد المحبوب"، فغنتها من بعده "الست"، لإعجابها بها، كما شارك في عدة أفلام، منها: "يا مؤمنين بالله، وأحلام الحب، وبين نارين، وحب من السماء، ووادي النجوم"، كما غنى بالإذاعة "بكت في إيديا الشموع، وغنيت على عودي، والنهاردة العيد عيد علينا سعيد". ما خانش الود يا حبايب.. هيظلم حبكم حالي وكان عشمي وأنا غايب.. تصونوا عهدنا الغالي غنى السروجي للنيل، ولبلد المحبوب، ارتبط اسمه بشهر رمضان بأغنية "المسحراتي"، وتعاون مع كبار الملحنين في أغانيه، إلا أنه ابتعد عن الإذاعة في الفترة الأخيرة من حياته، وعاش بقية حياته في عزلة داخل مسكنه في حي عابدين، حتى وفاته في 13 ديسمبر 1978.