"عاوزين نتعلم.. عاوزين نتعلم" هتاف يقابل به تلاميذ مدرسة كوم الديبة الابتدائية المشتركة بمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية، أي مسؤول يزورهم (وهذا لا يتكرر كثيرًا) لشعورهم بأن ما يذهبون به لا يرتقي إلى إطلاق اسم مدرسة عليه لفقدها أدنى مقومات التعامل الآدمي للتلاميذ وهي الحمامات، فالطفل الذي يرغب في الذهاب للحمام يذهب لبيته ثم يعود للمدرسة. 6 فصول و274 تلميذًا، مقاعد متهالكة وكميات الأتربة الموجودة عليها تجعل الطفل يتقزز وهو يجلس عليها، وحمام صغير بدون باب لمجلس إدارة المدرسة والمدرسين وممنوع على التلاميذ الاقتراب منه، وسقف من قش الأرز وبعض الأخشاب والأسمنت، و"حوش" المدرسة عبارة عن الشارع أمامها، هذا هو حال مخزن الإصلاح الزراعي، الذي تحوَّل إلى مدرسة منذ أكثر من 10 سنوات، ونسيتهم هيئة الأبنية التعليمية. هند محمود، (54 عامًا- فلاحة) قالت: "ولادنا من غير مدرس إنجليزي من أول السنة ولما بيتزنق وهو في المدرسة يرجع البيت علشان يعمل حمام ويرجع تاني، عاوزين نعلم أولادنا لكن الحكومة متجاهلانا" هكذا عبَّرت هند عن مأساتها مع المدرسة، وأضافت: "نفسي أعلم ولادي ويطلعوا دكاترة مهندسين لكن في هذه المدرسة لو حصلوا على دبلوم يبقى كويس لأن مفيش تعليم من الأساس". وتابعت هند قائلة: "مديرية التربية والتعليم، تعمل كل حاجة على الورق وخلاص فالديبة اسم مدرسة، ولكنها أصبحت لا تصلح للحيوانات ومع ذلك نرسل أبناءنا لها لأننا نخاف عليهم أن يذهبوا لمدرسة في قرية (الشركة المجاورة) التي تبعد 3 كيلو مترات عننا لأننا نخاف عليهم من المواصلات وسوء الطريق". وقال أحمد نافع، مهندس زراعي من أبناء القرية: "أنشأنا سقفًا للمدرسة بالجهود الذاتية، وأرسلنا طلبات لهيئة الأبنية التعليمية بضرورة الانتهاء من الإجراءات لبناء مدرسة جديدة، خاصة بعد أن وفَّرنا قطعة أرض كبيرة، تبرَّع بها أحد أهالي القرية وتبلغ مساحتها 1200 متر، إلا أن الهيئة تتجاهلنا وتطلب منا نقل أبنائنا لأقرب قرية ولا تريد بناء مدرسة هنا". وأضاف نافع أن "الأرض موجودة في هيئة الأبنية منذ عام 2002 وقدَّمنا طلبات للواء عمر الشوادفي، محافظ الدقهلية، لكنه لم يتخذ قرارًا فيها وتجمهر تلاميذ المدرسة خارجها، ورددوا هتافًا واحدًا فقط (عاوزين نتعلم) في محاولة منهم لاستعطاف وزير التعليم ووكيل الوزارة بالدقهلية، لبحث معاناتهم، حيث قالت التلميذة ريهام إبراهيم، بالصف السادس الابتدائي: كل شتاء الأمطار تتساقط على السقف علينا ولما يزداد سقوط الأمطار المدرسين يطلبوا منا أن نعود لمنازلنا دون أن يشرحوا لنا شيئًا وكل يوم نقف في الشارع لعمل طابور الصباح وسط مرور الحيوانات والتوك توك، بالإضافة إلى أن المدرسة بجوارها حظيرة للحيوانات ورائحتها في أنوفنا طول الوقت". وقال مصدر مسؤول بهيئة الأبنية التعليمية إن اسم المدرسة مدرج ضمن المدراس المطلوب إنشاؤها ولكننا نطرح المدارس حسب الأولوية ودورها لم يأتِ للطرح هذا العام ويمكن أن يأتي خلال سنة أو سنتين.