أعلنت وزارة إسكان الدكتور «متبولى» عن تخصيص مقابر بحق الانتفاع (BOT) ب68 ألفاً بخلاف 5 آلاف جنيه كوديعة للصرف على الخدمات التى تؤدى للسادة الأموات، وقد أصابتنى صدمة عنيفة، خاصة أن المنتفع لن يكون لديه حرية ترك المكان واختيار آخر، ولن يهون على أسرته أن يُهجروا ميتهم تهجيراً قسرياً، أو أن يقرر الميت الانتقال من مدفنه transfer. سألت مسئولاً -طلب عدم ذكر اسمه- قال: هذه الصيغة التعاقدية تعفى الوزارة من المسئولية، على اعتبار أنه تعاقد بحق الانتفاع وليس بنظام التملك. لا يمكن فصل الحكاية عن حالة الخوف والحذر الشديدين لدى معظم المسئولين عقب ثورة يناير، ما أنتج تنمية سلحفائية وهرولة إلى الخلف، وفى أحسن الأحوال جرى فى المكان، وطحن فى الماء، وقد ألتمس العذر للسادة مسئولى الإسكان الذين يمارسون سياسة النفخ فى الزبادى، على اعتبار أن عدداً كبيراً فى الوزارة قد لسعته قرارات اتخذت كان من نتاجها وزيران تواريا خلف القضبان، وأيضاً أنتجت حجم بناء لم يسبق له مثيل. وزير سابق قال لى بالفم المليان: (مش حشتغل وأبنى والناس تنبسط واتحبس أنا.. مش همضى على قرارات، وسوف يظل قلمى نظيفاً)، وأضاف الوزير: لدى بنت مقبلة على الزواج ومعروف شرعاً أننى وكيلها، وحينما يحين أوان التوقيع على عقد زواجها (مش حوقع)، وأضاف: توقيعى يخيفنى.. ذلك لأن معظم وزراء مبارك الذين حققوا (8%) تنميه وما يحمله الرقم من دلالات اقتصادية، أهمها أن كل واحد بالمائة يعنى تشغيل 150 ألف متعطل عن العمل، حبسوا. وحسب معلومات مدققة فإن هيئة التنمية الصناعية خصصت 112 مليون متر مربع أراضى مرفقة لمستثمرين عام 2011، وكان من نتاج ذلك 400 ألف فرصة عمل فى التصنيع.. معظمهم الآن على الرصيف نظراً لتوقف مصانعهم، فى وقت لم يشهد تخصيص أراضٍ صناعية منذ 25 يناير وحتى الآن، «صفر أراضى».. وأحسب أننى أستطيع تأويل ما يجرى من ارتعاشات حكومية أنتجت نكسة أو قل وعكة اقتصادية تسببت فيها المادة 115 من قانون العقوبات، تلك المادة الكيدية اللعينة، التى تنص على: (كل موظف عام تربح أو حاول أن يتربح.. كل موظف عام ربَّح الغير أو حاول أن يربح الغير يعاقب بالحبس المؤبد والغرامة)، وحتى لا يفهمنى البعض فهماً على غير ما أنتويه، فإننى أقول: هذه المادة تسببت فى حبس المهندس رشيد محمد رشيد والمهندس عمرو عسل، وكلاهما، وللحق أقول، جرى إدخالهما فى قضية رخص الحديد، وكنت شاهد الإثبات الأول فى القضية، ووجدت نيابة الأموال العامة هذه المادة متطابقة عليهما على اعتبار أنها افترضت تربيحهما لأحمد عز، وهو افتراض لا يسانده دليل مادى واحد، فلا رشيد ولا عمرو عسل حصل على منفعة من عز، ولا هما حتى اتخذا قراراً على نحو خاطئ، وأنا لا أجيز الفساد، ولكننى أريد من الجهات الرقابية التى تحتاج لرقابة أن تراقب المسئول وتضبطه متلبساً بالرشوة، ولكن أن يُساق المسئول إلى السجن ويظل محبوساً على أمل ثبوت براءته.. أجزم بأنه لن يعمل ولن يوقع وسوف يدور فى حلقة مفرغة يكون من نتائجها تضييع الوقت والجهد والمال فى عمل وزراء ومسئولين عاطلين عن العمل المثمر. باختصار البرامج الاقتصادية مرتبة على حَول يتيح للحكومة أن تمنح الأغنياء، وتمنع عن الغلابة حتى المدفن الأبدى.