شهدت قاعة الاحتفالات الكبرى في جامعة القاهرة، محاضرة مشتركة عن «تطوير الوعي بالدين» للدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، والدكتور وجدي زين الدين رئيس تحرير جريدة الوفد، والشيخ جابر طايع رئيس قطاع الشؤون الدينية السابق بوزارة الأوقاف، في إطار مشروع جامعة القاهرة لتأسيس خطاب ديني جديد، وبحضور نواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات والأساتذة والطلاب، حيث تناول المشاركون طرق تنمية الوعي بالدين في الإعلام والمنابر وكيفية التخلص من الوعي الزائف. تطوير الوعي بالدين وفي بداية كلمته، قال الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، إنّ تطوير الوعي بالدين له وسائل عديدة، وقنوات متعددة، أهمها المناهج الدراسية والمنابر ووسائل الإعلام والعمل الثقافي، والدور الذي تقوم به هذه القنوات في نشر الوعي، سواء كان الوعي بالدين أو الوعي السياسي أو الوعي الاقتصادي أو الوعي المجتمعي، وهو مهم جدًا في صناعة الوعي العام وتطهير الوعي بالدين من الخرافات والأساطير ومغذيات التطرف. وقدّم رئيس رئيس جامعة القاهرة، محاضرة بعنوان «تطوير الوعي بالدين بين النظرة الجزئية والنظرة الكلية»، أكد فيها أنّ معرفتنا بجزء من الحقيقة لا يترتب عليه بالضرورة إنكار ما يعرفه الآخرون، وأنّ علينا أن نتجاوز في نظرتنا مختلف النظرات الجزئية حتى نرى الأشياء بنظرة كلية. الخشت يطالب بمواجهة علمية لمن يحاولون فرض نظرتهم على الآخرين باعتبارها حقيقة وقال الدكتور الخشت، إنّ الوعي بالدين يشترط التخلص من النظرة الجزئية والنظرة الأحادية في النظر إلى الدين، مؤكدًا حاجتنا إلى النظر نظرة كلية تتضافر فيها علوم الدين والعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية ومختلف العلوم من أجل أن نفهم ديننا بشكل أفضل. طايع: الفهم الصحيح للدين بداية لخلق وعي مجتمعي مخلص ومتجرد وأكد رئيس جامعة القاهرة، أنّ أحد أهم المشكلات التي تواجهنا في الحياة المعاصرة وعبر القرون الماضية، أنّ بعض الناس ينظرون إلى الأمور أو الظواهر جزئيا، ويسعون لفرض رؤيتهم على الآخرين باعتبار أنّ ما يرونه وحده هو الحقيقة، مستشهدًا بقصة «الفيل والمكفوفين»، قائلًا إنّ هذا المثال يعكس موقف معظم الناس في معظم الأمور، حتى في الأخبار التي تنتشر على مواقع السوشيال ميديا، وتأخذ جزءا من الحقيقة ويتم التمسك بهذا الجزء ضد الآخرين، والأمر ذاته يتكرر مع المتعاملين مع الدين، وأنّ كلاهما ينظر إلى الدين نظرة جزئية أحادية ويزعم أنّ الدين كله هو هذا الجزء. الخشت: الأمور تقاس بنتائجها في مواجهة إشكالية التعامل مع الحقائق بين النظرة الجزئية والكلية وأوضح رئيس جامعة القاهرة، أنّ هناك إشكالية في التعامل مع الحقيقة بين النظرة الجزئية والكلية، مؤكدًا أنّ الأمور تقاس بنتائجها. من جانبه، قال الدكتور وجدي زين الدين، رئيس تحرير جريدة الوفد، إنّ موضوع ندوة اليوم مهم ويستدعي تعريف مفهوم الوعي، وهو الفهم الصحيح لأي ظاهرة وسلامة الإدراك لهذه الظاهرة، مؤكدًا أنّ الوعي بالدين مسأله في غاية الأهمية ويشمل عدة أمور، منها، المناهج الدراسية التي تشمل أمرين، وهي مناهج ما قبل التعليم الجامعي ثم المناهج الجامعية. ووجّه رئيس تحرير جريدة الوفد، الشكر للدكتور محمد الخشت، على الندوة، مشيدا بدور الدكتور الخشت في تعميم تدريس التفكير النقدي على طلاب جامعة القاهرة نظرًا لأهميته في إعمال العقل والتفكير وعدم الأخذ بالمسلمات. وقال الدكتور وجدي زين الدين، إنّ الدكتور الخشت صاحب فكر ومدرسة عظيمة، وأنّ فلسفته تتماشى مع تأسيس الدولة الوطنية الجديدة، وأنّ أفكاره في كيفية إعمال العقل والتفكير تعد منبرًا مهما في نطاق تأسيس الجمهورية المصرية الجديدة. وأكد رئيس تحرير جريدة الوفد، أنّ تدريس منهج التفكير النقدي لطلاب الجامعة مهم لإخراجنا من عملية المسلمات والحفظ والتلقين والتمرد عليها والذي لا يأتي إلا بإعمال العقل والتفكير النقدي، مشيرًا إلى أنّ المساجد والكنائس والصحف والأحزاب والقوى السياسية والإعلام، من المنابر المهمة لتطوير الوعي، مؤكدًا ضرورة تطوير المنابر في هذا التوقيت تحديدا، لمواكبة الدولة المصرية في هذه المرحلة والتي تحدث فيها نهضة وتطوير في كل المجالات. وأشار الدكتور وجدي زين الدين، إلى أنّ الأحزاب المصرية والإعلام لهما دور فاعل في تطوير الوعي، ويجب أن يتصدى الإعلام للجماعات الارهابية التي تسعى بكل الوسائل الحديثة لتزييف الوعي، مضيفا أنّ مصر الآن في حرب كبيرة من أجل تطوير الوعي لمحارية الجماعات المتطرفة. وتابع أنّ المسجد له دور كبير في الوعي، حيث تؤدي المساجد هذه الفترة دور مهم، ومنع كل متطرف من صعود المنبر، كما أنّ لكل الكنائس المصرية دور توعوي ومهم في تطوير الوعي، ما يتماشى مع جهود الدولة والجمهورية الجديدة. من جانبه، أكد الشيخ جابر طايع، رئيس قطاع الشؤون الدينية السابق بوزارة الأوقاف، ضرورة فهم الأمور والوعي بها، والفهم الدقيق للدين، موضحًا أنّ الوعي يكون عبر مراحل ليكون وعيا حقيقيا وهي مثل التجرد والإخلاص والفهم، كما أنّ بعض الأمور في الدين لا يمكن الأخذ بها بشكل مطلق ولكن لابد من الأخذ بظروف كل عصر. وأكد رئيس قطاع الشؤون الدينية السابق بوزارة الأوقاف، ضرورة عدم السماح لأي شخص بالحديث عن أمور الدين سواء في الإعلام أو دور العبادة دون ترخيص، بما يساهم في حجب انتشار أو بث أي افكار إرهابية أو متطرفة. وأوضح الشيخ طايع، الفرق بين الإجماع والقياس، مشيرًا إلى أنّ الإجماع يتمثل في ما أجمع عليه علماء الأمة في مرحلة ما، وتوجد 4 مصادر أساسية معتبرة، وما عداها فهو غير معتبر، بينما يتمثل القياس في قياس مسألة في الحاضر على مسألة في السابق، لافتًا إلى أنّ علماء الدين اليوم مقلدون وليسوا أصحاب مذاهب، وأنّ كل شخص له أن يتبع مذهب معين ما لم يكن من أهل النظر، مع إجازة التنقل بين المذاهب. وأكد الشيخ طايع، أنّ الدكتور محمد الخشت ليس علمانيا ويستشهد بالقرآن الكريم بدرجة كبيرة تفوق الآخرين، مضيفًا أنّ الجماعات المتطرفة نجحت في حقبة من الزمن في عمل انفصال بين الفرد والدولة، وعملوا على أن يصموا آذان الناس عن علماء مخلصين وذوي كفاءة كبيرة، مع تصدير علماء أو أفراد ليس لدبهم أي قدر من المعرفة، كما أكد أنّ المصريين استعادوا وعيهم، وتطور فكرهم، وأنّ الدولة أدت العديد من الجوانب وترعى الدين بشكل كبير من خلال عدة إجراءات، بينها بناء المساجد.