أنت أيضاً تستحق السعادة.. تستحق هذه الحياة التى تمنيتها طفلاً، تلك التى انتظرتها أياماً وسنواتٍ، تستحق البيت الدافئ السعيد الذى يقطر سكينةً وأماناً.. هذا البيت الذى يَعمُره الحب وتهرب إليه من صخب الحياة وتجد فيه الركن الآمن الذى طالما جهزت نفسك للركض إليه. اسأل نفسك الآن «هل هذا البيت الذى تعيش فيه هو نفسه البيت الذى حلمت أن تُنشِئه ويصبح لك.. وحدك.. دون سواك؟ حقّاً هل هو هو؟ ما نسبة التشابه بينه وبين ما حلمت به؟»، اكتب النسبة بخطّ واضح. العملية ليست معقدة فى الكتابة والحديث قدر تعقيدها فى التطبيق. اسأل بصوت أعلى.. واجه واقع بيتك إن كنت تشعر حقّاً أنك تستحق أن تعيش الحياة التى تمنيتها والتى تليق بك.. ولكن أرجوك لا ترجعنى إلى نقطة الصفر، نقطة سوء الاختيار. اخلع عنك هذه الحياة إذن، وانظر بنفس العدسة المكبِّرة التى طالما رأيت بها عيوب الطرف الآخَر، استخدمها هى نفسها وانظر من جديد وابحث عن هذا الجمال الذى لم تُتعِب نفسك بعدُ لاكتشافه. داخل كل منا تلال من الصفات الحسنة، صل إليها وإن تعبتَ قليلاً من أجل الوصول. أنا واثقة أنك ستجد فيه هذا الذى سيملأ حياتك سعادة ورضا. ضع مَن تشاركك حياتك الآن فى الميزان: كيف تراها؟ ما الذى ينقصها؟ ابحث عن الجزء الناقص، ضع يدك عليه واستنبته.. حاول، لن تخسر شيئاً. ربما تحب شيئاً لا تحبه هى! ربما حقّاً لا تحبه، لكنها تستطيع أن تفهم عنه منك. تَحدّث إليها، لا تحاول فقط أن ترضيها لتظل صامتة، حتى لا تجهد نفسك معها.. لا تفعل.. صدِّقْنى ستخسر أكثر. تَجمّل لها من داخلك.. انتقِ كلماتك قبل أن تخرج منك، امنحها ذلك الشىء اللذيذ الذى يسمّى «الأمان». هل تعرف شيئاً عن ثقافة اللمسة الطيبة، والنظرة العميقة الدافئة، والصوت المرحِّب الحَنُون؟ هذه اللغة لا يمكن أن تستعيض عنها بأى لغة أخرى أيّاً كانت. أعرف أنك تغضب أحياناً. اختلف.. تَناقَش.. عبِّر كما يحلو لك، ولكن عبّر كما تحب أن يعبَّر لك، لا تقُل لى «لن تفهمنى»؛ أنت لم تحاول بعدُ. انتقِ اللغة التى تفهمها هى حتى إن لم تفهمك فستشعر بك، وهذا يكفى جدّاً. أنشئ محكمة منزلية للتشاكى والتصالح فى بيتك. قل لها «إنى أحبك حقّاً» كلما شعرتَ بها، استدعِ كل أحلامك بالبيت السعيد، وقرر أن تحققها. قل لها «أنا فخور بك حقّاً» كلما فعلَت الشىء الجميل، قدم الشكر والعرفان كلما ضحّت من أجلك وكلما قدمت شيئاً يسعدك. اسأل قلبك كلما اختلفتما، ففى قلب كل منا شريعة، وإمام، وقس، ونبى أيضاً يُوحَى إليه، ضميرك هو نور الله بداخلك، إلى أى شىء يمكن أن تحتاج إذن؟ تَحرَّر من فكرة أنك مجبر على هذه الحياة، فالإجبار لم يُخلَق للشخص الحر، وأنت لست ضعيفاً، نعم هناك علاقات إجبارية فى حياتنا، ولكنك ستجد نفسك تحبها وترعاها بالفطرة كصلتك بوالديك وبأولادك وإخوتك، أما زملاء العمل والأصدقاء وزوجتك فكلها علاقات اختيارية. تَذكّر، ليس عيباً أن تفشل، أن تترك وتذهب، فلربما وجدت الحب والسعادة فى بيت آخَر، فلِمَ تحرمها وتحرم نفسك من هذه البداية الجديدة؟ ولكن اجعل هذا دائماً الاختيار الأخير. أما الاختيار الأول والثانى... وقبل الأخير، فهو أن تقرر زيادة مساحة التكامل بينكما، فكلما زادت هذه المساحة قلّت الاحتياجات إلى المكمِّلات الخارجية. لا تخبرها أنك تحبها إلا إذا كنت تحبها فعلاً، لا تغضب منها إلا إذا كان الأمر حقّاً يستحقّ.. تَعلّم عنها، فكلما ازددت علماً ازددت قرباً، ففى مجتمعات تُقهَر المرأة فيها وتهان وتتزوج رغماً عنها فى بعض الأحيان لا تنتظر منها أن تبدأ. أنت البطل يا صديقى، أنت فارس هذا الحصان، اقترب أكثر منها، فهى لم تتعلم أشياء كثيرة. كن مرشدها ومعلِّمها، علِّمها نغماتك التى تحبها، وستعزفها لك من قلبها. اجعلها تشعر بالأمان وستملأ بيتك أماناً.. حبّها بصدق، ستحبك بصدق. والمرأة إن أحبت أعطت، وأسعدت إلى ما يفوق حدود خيالك. اركض إليها إذن.. واصنع لنفسك هذا الركن الآمن.