د. خالد عمران: ليس هناك إحصائية عن عدد الملحدين.. ونستعين بتجربة «الغزالي» لتوعيتهم بحقيقة الدين قال الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنَّ نسب الإلحاد زادت بسبب فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، خاصةً مع انتشار أفكارهم الضالة التى أحدثت صدمة فى أذهان الشباب، إلَّا أنَّ استقرار الأوضاع فى البلاد قلل عدد الملحدين. مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت فتحت مجالاً كبيراً لدعاة الفتنة بحثاً عن «التريندات واللايكات».. ونحن مأمورون باتباع الموعظة الحسنة وأضاف فى حوار ل«الوطن»، أنه ليس هناك إحصائية عن عدد الملحدين، ونستعين بتجربة «الغزالى» لتوعيتهم بحقيقة الدين، مشيراً إلى أن مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت فتحت مجالاً كبيراً لدعاة الفتنة بحثاً عن التريندات واللايكات.. ونحن مأمورون باتباع الموعظة الحسنة.. وإلى نص الحوار: ما الأسباب الرئيسية وراء زيادة الإلحاد؟ - الإلحاد والفتاوى التكفيرية وحالة النفور من التدين وصلوا إلى منحنى عالٍ جداً بسبب فترة حكم الإخوان، ووفق الإحصائيات يبدو أنَّ الشباب حدثت لهم صدمة من هذه الفترة، والعقلية التى كانت تنشر العديد من الأوهام وصدرت للناس الكثير من المعلومات غير الصحيحة المصادمة للعلم على أنها من الدين، وصدروا للناس الكثير من التشوهات المنافية للجمال، وخاطبوهم بكثير من الأمور غير الأخلاقية باعتبارها من الدين، فأحدثت صدمة كبرى، فوصل منحنى النفور من الدين إلى مستوى عالٍ. وحالياً مؤشر الإلحاد يقل، لأن هناك ارتباطاً بين الاستقرار النفسى والاجتماعى وحالة التدين الرشيد للإنسان، إلا أنه ما زالت هناك اعتبارات كثيرة فى عدد الملحدين، منها ما حدث من صدمة واتجاه عالمى ودخول السوشيال ميديا وعصر المعلومات المفتوح وما يقارنه أحياناً من حالة شك وتشكيك فى كثير من المُسَلَّمَات، وهذا يقابله نفور من الدين، وفى حالة استقرار البلاد الآن الإلحاد أقل. وفقاً للإحصائيات الخاصَّة بالإلحاد.. ما عدد الملحدين فى مصر؟ - ليس هناك إحصائية كاشفة عن عدد الملحدين، ويجب أن نتوقف عند كلمة الملحدين، لأنَّنا قد نُسمى شخصاً يُعانى من حالة نفسية ويستحق المساعدة والعون «ملحد»، والحقيقة أنه لم يصل إلى هذه الدرجة، أو نجد شخصاً لديه بعض الأسئلة الطبيعية أو المشروعة ونسميه «ملحد»، والحقيقة أنه لا يستحق هذا المسمى، وقد يتسرَّع البعض فى تسمية هؤلاء ملحدين ويوسعون الإحصائية، لكن هناك درجات وعوامل لهذا الأمر. ومن خلال التجربة والمقابلات التى نُجريها فى دار الإفتاء، وجدنا أن الإحصائيات كانت الأكثر بعد حكم الإخوان، وهى الآن أقل، ولا توجد إحصائيات واضحة لطبيعة القضية. هل ترى أن تطبيق دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للوعى يُساعد فى تقليل عدد الملحدين؟ - الوعى هو الدعوة التى تتبناها الدولة، ودعا الشرع الحنيف إلى الفهم وحمل العلم وفهمه وإعادة إنتاجه وتجديد الخطاب الدينى.. كل هذه التركيبة تجعل الإنسان كما أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعياً وصالحاً للحياة ومُدركاً لشأنه ومقبلاً على زمانه، كما جاء فى بعض الأحاديث، فيكون واعياً للنصوص والتراث، وهو فى الوقت نفسه إنسان واعٍ بالواقع والكون ووطنه والتحديات التى تواجهه، وكل هذا يجعل الإنسان أكثر إقبالاً على الحياة، وحينها يعرف أن الدين ليس عدو الحياة، وهذا سر من الأسرار التى تجعل الإنسان يُقبل على الله ويتفادى هذه الأفكار السلبية التى تأتيه فتؤدى به إلى الإلحاد. لماذا تحوَّل بعض أبناء تيار الإسلام السياسى إلى ملحدين؟ وما الذى أوصلهم إلى هذه المرحلة؟ - الإلحاد نوع من أنواع التطرف والوجه الآخر لعملة التكفير، والطبيعة الوسطية هى أكبر علاج لكل اتجاهات التطرف، بالتحلى بالتدين الصحيح المقبل على الحياة، الذى يحب ولا يكره، وبعدما لفظت مصر هذا التطرَّف وهذه الفئة، نقول إنَّ التدين والنموذج المصرى يستحق أن نُظهره للعالم كعنوان للسماحة والتدين الصحيح، فعندما يُظهر هؤلاء وغيرهم إلحادهم، فهذا مؤشر على أن هذا الاتجاه لن يؤدى إلا إلى تطرف آخر وعندما نحارب الإرهاب والتطرف نُحافظ على مقاصد الشريعة. الملحدون يرددون «أنَّه ليس للكون إله».. ماذا يكون ردكم على هذا؟ - نستقبل خلال الأسبوع 5 أو 6 حالات وتكون جلسات مطوَّلة تصل إلى الساعتين فى الجلسة الواحدة، ونقدم لمثل هؤلاء شهادات كثيرة من أينشتاين مروراً بعلماء الدنيا كلها أنه يوجد للكون قوة قادرة هى الخالقة له، والأدلة التى وراء هذا عكف كثير من العلماء على تقديمها وإظهارها للناس، فيوجد أدلة واضحة عقلية وعلمية وفطرية أو وجدانية على ذلك، ونستعين بتجربة أبوحامد الغزالى التى قدمها فى كتاب المنقذ من الضلال، وهى تجربة فريدة من حيث منهجها، والملحدون درجات، منهم درجة لا يجب تسميتهم ملحدين مثل من لديه أسئلة مشروعة، ومنهم من هو مؤمن بوجود إله، لكنه غير مؤمن بالشرائع والتكليف، ومنهم من هو مؤمن بالشرائع والتكليف ولديه اعتبارات أخرى، ومنهم الإلحاد الحاد هو الذى ينفى وجود إله، وبعض هذه الحالات يرجع إلى أمور يظن أنها علمية مثل العودة إلى نظرية «داروين». يُردِّد بعضهم أن «الدين ليس حق وكله ألغاز».. ما هو مصدر معلومات هؤلاء؟ - لعل هذا يرجع إلى أن بعض الناس يقتنعون أن ما ليس مرئياً محسوساً ليس موجوداً، رغم أن الإيمان بالغيب جزء من الدين، وهذا معناه أنه جزء موجود لكنه ليس محسوساً، ويوجد فى الوجود ما لا نستطيع أن ندركه بالحس وهذه ليست خرافة، وهذا يجعلنا أكثر نظراً فى الكون وجزء موجود فى الأديان كلها، وهو المعبر عنه بالإيمان بالغيب، وعندما تُسيطر هذه الفكرة على أحد، ينظر إلى أن الجنة والنار على أنها لغز من الألغاز، وكذلك الإيمان بالآخرة والمعلومات التى تذكرها الأحاديث التى تبشر بأشياء، فهو إن لم يكن مؤمناً بالغيب ينظر إليها على أنها ألغاز. هناك من يُطالِب بتحرّر المجتمع من الأديان.. كيف ترى هذه الدعوات؟ - المُطالبة بالتحرّر من الأديان معناها الدعوة إلى إدخال الناس فى فوضى عارمة، لأنَّ وجود الدين فى حياة الإنسان أمرٌ ضابط لنفسه وسلوكه، لأنَّ القوانين مثلاً لا تضبط سلوك الإنسان، كما أنَّ الدين يضع فى الناس أملاً واستمراراً للعمل والبناء، وهناك من المنتسبين للأديان من يُسىء لها، ومن يقرنون الدين بالتطرف وهذه نزعة شيطانية موجودة لدى بعض المتدينين ولكن لا تعالج بإنكار وجود الدين وأهميته فى الحياة، لأنه تنظيم إلهى لحياة الناس. عندما تُواجهون المُلحدين.. ما أبرز الأسئلة التى يعرضونها ويتبنونها؟ - عندما نجلس معهم تأتى المفاجأة، ونجد أنَّ أكثر هذه الحالات يكونون غاضبين من شىء ما، وحدث لهم أمر فى حياتهم وبسبب ما فى نفسيتهم يلجأون إلى اعتناق هذه الأفكار، وعندما تحدث لهم حالة طمأنينة تهدأ أنفسهم ويبدأون فى إعادة أفكارهم، لكن هناك مَن له أسئلة، إثر بحثه بطريقة ما وغالباً لا تكون طريقة علمية، فبات لديه أسئلة عن الحياة والمصير والقضاء والقدر والشريعة والحكمة من التشريع، خاصة فى قضايا المرأة والحرب والسلام، وتكون هناك مناقشة مفتوحة حول ذلك، ومنهم من لديه أسئلة عن أحداث وحوادث حدثت فى التاريخ الإسلامى، سواء كانت فى السيرة أو عبر الفتوحات، ومنهم من لديه أسئلة عن واقع الجماعات. وما أبرز منابر الملحدين الإعلامية؟ - مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت فتحت مجالاً كبيراً لما نُسميه فضفضة، وهنا يوجد جزء سلبى وآخر إيجابى، والسوشيال ميديا أحدثت مجالاً رحباً لهذا الأمر، سواء كان فى قضايا الدين أو غيرها، ووجد أن البحث العلمى له أدوات وكذلك فى مجال الأديان، فإذا أراد الشخص أن يكون باحثاً فالبحث العلمى والأسئلة مشروعة ولكن بالأدوات التى استقرَّت عليها الأكاديميات العلمية، وليس منها السوشيال ميديا، وليس منها أن كل ما يخطر على بال الإنسان يتكلم به ويظهره، لكن هناك ما يسمى التواصل العلمى والتدرج العلمى، وهذا تحدٍ ينبغى أن يحافظ عليه المرء. والملحدون لهم وجود على السوشيال ميديا، وجزء من عمل الباحث ودار الإفتاء أن ترى فيما يتحدثون وخاصة الأسئلة الجديدة التى يناقشها الشباب، والتى تجد بطبيعة العصور وتظهر خلال السوشيال ميديا. هل يُواجه المتصدى لأفكار الإلحاد عقبات أثناء عمله؟ - نحن نعيش فى مجتمع متدين، وعندما يجد المجتمع شخصاً يدافع عن هويته يُساعده، لكن يجب أن يناقش الأفكار بطريقة صحيحة، لأن أحياناً بعض المجموعات على السوشيال ميديا وبعض محبى اللايكات والتريندات يتصدون لهؤلاء بطريقة عنيفة ويظهرون الدين كأنه فى حالة صراع مع كل من يُفكر وهذا شىء فى غاية السوء، وكثيراً ما يُحقِّق تريند، ولكن هذا ليس جوهر التدين ولا مطلوب منَّا، بل نحن مأمورون باتباع الموعظة الحسنة. المُطالبة بالتحرّر من الأديان معناها الدعوة إلى إدخال الناس فى فوضى عارمة لأن وجود الدين فى حياة الإنسان أمر ضابط لنفسه وسلوكه رصد الفتاوى المتشددة دار الإفتاء المصرية أخذت على عاتقها مُحاربة الأفكار الشاذة منذ وقتٍ مُبكِّر وعلى مستوى المفاهيم، وعلماؤها قدَّموا الأبحاث، وعلى المستوى المؤسسى أنشأت مركزاً لرصد الفتاوى التكفيرية والمتشددة ثمَّ بعد ذلك تطوَّر الأمر، والمركز أصدر تقارير كثيرة، لذلك نشأ مركز «سلام» لدراسات التشدد، وهو مركز بحثى متقدِّم جداً لدراسة ظواهر التطرف والتشدد من جوانبها كافة الدينية والاجتماعية وغير ذلك من المجالات، والمركز بصدد إصدار أبحاث ومادة مرئية ومكتوبة تُنشر للجميع وتُقدِّم للرأى العام لمُعالجة هذه القضية بصورة فاعلة.