سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحلبية الهاربة من جحيم «الأسد»: «تركنا المدرسة تلاميذ.. وعدنا إليها لاجئين» رجال النظام يستوقفون الأطفال دون سن الخامسة ويسألونهم «بتحبوا بشار؟.. والإجابة يمكن أن تتسبب فى اعتقال الأب
«كل دروب الحب توصل إلى حلب» قالها نزار قبانى حين أراد أن يغازل المحبوبة التى غاب عنها لسنوات ولا تزال كلماته تعطر فم الفتاة الحلبية التى تجسدت فيها ملامح الثورة وحمل اسمها جزءا من جمال طلتها فصار «قمر» وصارت قمر الثورة وشمسها.. طفلة لم تزل تخطو فى عامها ال13 لم تفكر يوما سوى فى ألعابها البسيطة فى ذلك البيت السورى المطل على الباب الأحمر لحلب الشهباء ولم تفكر يوما أنها ستدخل مدرستها فى عامها القادم «ممرضة ومسعفة» وليست طالبة كما اعتادت ولكنه النظام الذى حول «قمر نعمان» من «تلميذة» إلى «ثائرة». تتذكر أول مظاهرة خرجت فيها من منزلها حين دعاها أخوها الشاب الذى لم يكمل عامه السابع عشر لتشاركهم أولى المظاهرات الحلبية «ماكان عنا ثورة فى حلب بالبداية لكن حين ثارت حلب ضمن السوريين نجاح الثورة» حلب التى اشتهرت بغناها واتساعها عن بقية المدن السورية فهى الميناء التجارى الأول فى سوريا وحدودها المجاورة لتركيا جعلت أهلها منفتحين أكثر عن بقية البلدات السورية «نحنا عنا خير سوريا وتاريخها» تحكى قمر عن ذلك اليوم حيث خرجت من منزلها لتسير فى المظاهرة ولم تكن تعرف أن ما تراه على شاشات التليفزيون سوف تجده حقيقة على أرض الواقع بل هو أقرب من ذلك فقدمها التى سارت وسط الجموع وعيناها اللتين شهدتا مقتل صديق أخيها على يد قناصة النظام جعلاها لا تفارق مكانها من الثورة ولم يقف فى طريقها عهدها الذى قطعته مع والدها ألا تشارك فى مظاهرة دون علمه «كان بيريد يطمن علىّ عشان لو انخطفت يعرف انخطفت من وين وكنت مع مين». بعد عدة أشهر من المظاهرات فى حلب توقفت ولكن ليس بأمر النظام ولكن بأمر من الجيش الحر فلم يعد يجدى الصراخ فى وجه القنابل ولا رفع الأعلام يحمى من القناصة فلم يبق غير الرصاص صوته يعلو على صخب المظاهرات ولم يبق لقمر نعمان إلا تضميد الجراح وإسعاف الجرحى فى المستشفيات «كنت فى البداية أبكى كلما رأيت جريحا أو قتيلا أو جائعا فى المخيمات ولكنى تعلمت أن دموعى لن تنقذهم وما سينقذهم هو عملى لهم». مدرستها التى درست فيها يوما عادت إليها فى الإجازة الصيفية ليس لممارسة النشاط الصيفى كما اعتادت ولكنها حملت الدواء والطعام لمن فقدوا بيوتهم من أثر القصف وصارت المدارس بيتا لهم «أعداد كبيرة كانت تسكن المدارس ولم نكن نملك أموالا لمساعدتهم ولكن كل سورى كان يتبرع بما يستطيع» فصاحب مزرعة التفاح يتبرع بمحصول المزرعة فيكون نصيب الأسرة تفاحة واحدة تقسم بالتساوى وآخر يتبرع بأدوية من صيدليته ولكنها لا تكفى احتياجات المرضى ليوم واحد «النظام يقتلنا، من لم يمت قنصا أو قصفا مات جوعا أو مرضا» تتلألأ الدموع فى عين الصغيرة حين تتذكر قصة هروبهم من سوريا «والدى قال إننا نذهب على مصر شوية ثم نعود مرة تانية وكنا بنعتقد إنها إجازة قصيرة لأنه بيعمل بالكويت ولا يستطيع أن يأتى لسوريا والكويت ترفض استقبالنا على أراضيها» تدمع عيونها مرة أخرى «والدى قدم لنا فى المدارس المصرية وما بقى نعود لسوريا مرة أخرى» مسحت دموعها بمنديلها الأبيض الحريرى وعادت تتذكر قصة الهروب «الجيش السورى بيفتش حتى الموبايلات والأغانى والصور والرنات ولو على موبايلك أغنية ثورية لن تخرج من حلب وكثير بيوقفوا الأطفال دون الخامسة ليسألوهم بتحب بشار؟؟ وعلى حسب رد الطفل بيكون السماح للأب أو اعتقاله» قصص طويلة تحكيها الفتاة ذات السنوات الثلاث عشرة ولكنها لن تستمر فى الحكى وإنما ستعود للنضال من جديد حتى وإن تغيرت أرض النضال «سنعود لسوريا وستعود سوريا إلنا».