«آيلة للسقوط».. هذا هو حال سرايا «العُمدة العطافى» التاريخية، التي تقع في قلب مدينة بيلا، بمحافظة كفر الشيخ، أُنشئت عام 1917م، ومرّ على تاريخ إنشاؤها أكثر من 104 أعوام، ولها تاريخ طويل وذكريات، وكانت شاهداً حياً على مُعظم الأحداث التي مرت بمصر. يقول أحمد حسن علي العطافي المنشاوي، أحد ورثة السرايا، في تصريحات ل«الوطن»، إن مبنى سرايا «العُمدة العطافى» تاريخي، وهو ضمن المُنشآت التابعة للجهاز القومي للتنسيق الحضاري بوزارة الثقافة، وله قيمة عالية لما يتمتع به من تاريخ طويل، وعلى الرغم من ذلك يُحاصره الإهمال الجسيم، ولا يهتم به أي مسؤول، وهو الآن على حافة الانهيار، وآيل للسقوط في أي وقت، وذلك بسبب إهماله لسنوات. سرايا العطافي شهدت الكثير من الأحداث التاريخية وأوضح «المنشاوى»، أن هناك الكثير من الأحداث التاريخية التي حدثت بالسرايا ومنها على سبيل المثال استقبال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بصُحبة أعضاء مجلس قيادة الثورة، فضلاً عن سيدة الغناء العربى أم كلثوم التي زارات السرايا وغنّت بها، وأيضاً القارئ الراحل الشيخ أبو العينين شعيشع، نقيب قُراء مصر السابق، والقارئ الراحل الشيخ مصطفى إسماعيل، بالإضافة إلى فريق النادى الأهلى، وغيرهم. وأشار «المنشاوي»، إلى أن الراحل المشير عبد الحكيم عامر، نائب رئيس الجمهورية الأسبق، ووزير الحربية، وقائد عام القوات المسلحة في الجمهورية العربية المُتحدة، كان حريصاً على زيارة السرايا باستمرار، ضيفاً على صديقه البكباشى أركان حرب محمد على المنشاوي، وحتى وقت قريب كان يتردد على السرايا الكثير من رموز الدولة المصرية. السرايا تُعد تُحفة معمارية فريدة من نوعها ذات طراز معماري مُتميز وأضاف «المنشاوي»، أن سرايا «العُمدة العطافي» كانت في سابق العصر منارة لمدينة بيلا، باعتبارها من أقدم السرايات في محافظة كفر الشيخ، ولكنها بعدما طالتها يد الإهمال أصبحت حالتها سيئة من الداخل والخارج، وآيلة للسقوط في أي لحظة، مُطالباً بالإسراع في عملية ترميم السرايا حتى تعود إلى سابق عصرها. سرايا العطافي متحفاً للتراث الحضارى ووجّه «المنشاوي»، نداء لإنقاذ سرايا «العُمدة العطافي»، الواقعة في شارع النيل بمدينة بيلا، من أجل الحفاظ على تراث مصر المعماري والحضاري، وأن يُنقذ هذا المبنى العريق قبل فوات الأوان، مُتمنياً أن تكون هذه السرايا متحفاً للتراث الحضاري، مُشتملاً على قاعة مُخصصة لعرض الصور النادرة لزيارة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة إلى السرايا عام 1954م. ويرجع تاريخ إنشاء سرايا «العُمدة العطافى» إلى عام 1917م، حيث شيدها مُهندس يهودي من أصل أوروبي، على الطراز الإيطالي الكلاسيكي، وعُرف مُحيط السرايا لاحقاً ب«حي العطافي»، نسبةً إلى مالك السرايا وهو «العُمدة العطافي المنشاوي»، والذي يُعد أحد الشخصيات المُؤثرة التي تولت مقاليد الحُكم المحلي في مركز ومدينة بيلا مع بداية الأربعينيات من القرن الماضي. السرايا التي مرّ على تاريخ إنشائها 104 أعوام، تقع على مساحة 1150 متر، وتتكون من بدروم، وطابقين علويين، كل طابق يحتوي على 8 غُرف، ودورتي مياه، وصالة استقبال كبيرة، ويُحيط بالسرايا سور، وحديقة صغيرة، وعن طريق السُلم الخشبي الداخلي يُمكن الوصول للطوابق العليا من السرايا، أما البدروم فكان به المطابخ والجراجات وحُجرات الخدم. سرايا «العُمدة العطافي» تم تسجيلها كأحد المباني ذات الطراز الحضاري المُتميز عام 2006م كانت سرايا «العُمدة العطافى» على موعد مع الشهرة حينما زارها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1954م، بصُحبة أعضاء مجلس قيادة الثورة، لافتتاح مقر الاتحاد الاشتراكي بوسط مدينة بيلا، وبدأ «ناصر» الزيارة بالتوجه إلى السرايا مع صديقه البكباشى أركان حرب محمد علي المنشاوي، أحد الضباط الأحرار، وابن شقيق «العُمدة العطافي»، وصاحبه خلال الزيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والمُشير عبد الحكيم عامر، وعزيز صدقي، رئيس وزراء مصر الأسبق، وآخرين من الشخصيات العامة والسياسية. الرئيس جمال عبد الناصر يزور سرايا العطافي وكان في استقبال «ناصر» وأصدقائه الآلاف من أهالي مدينة بيلا ومحافظة كفر الشيخ، الذين خرجوا من كل حدب وصوب لاستقبال موكب الرئيس من أول المدينة، وحتى سرايا «العُمدة العطافي»، فضلاً عن كبار الشخصيات العامة في ذلك الوقت، وأعضاء مجلس الأمة، وتناول الزعيم خلال الزيارة وجبة الغداء في سرايا «العُمدة العطافى»، وجلس على مأدبة الطعام التي شملت أطياف عديدة من أبناء الشعب المصري، وأبدى «ناصر» إعجابه الشديد بالسرايا. وغطت الإذاعة المصرية الزيارة التاريخية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأعضاء مجلس قيادة الثورة، إلى سرايا «العُمدة العطافى» ببيلا، بحضور الإذاعي الكبير الراحل جلال معوض، والإذاعية الكبيرة الراحلة آمال فهمي، والتي أفردت لها حلقة خاصة في برنامج «على الناصية» الشهير وقتها. سر تحويل بيلا إلى مجلس مدينة وعلى غرار هذه الزيارة، طلب البكباشي أركان حرب محمد علي المنشاوي، من وزير الداخلية وقتها البكباشي أركان حرب زكريا محيي الدين، إلغاء العُمدية في بيلا وتحويلها إلى مجلس مدينة يتبعها قريتي «الحامول وبلطيم»، وكان له الفضل حيث كانت بيلا قرية وعُمدية تابعة لمركز طلخا التي كانت وقتها تابعة لمحافظة الغربية، قبل أن تتبع محافظة الدقهلية في الوقت الحالي، وصدر القرار وتحولت إلى مجلس مدينة بيلا تضم قرى وتوابع حتى بحر بلطيم. ولعلّ المُشير عبد الحكيم عامر، القائد العام للجيش والنائب الأول لرئيس الجمهورية في ذلك الوقت، كان أبر المُترددين على سرايا «العُمدة العطافي» الخميس من كل أسبوع، فكان يصل من القاهرة مع حلول العصر، ليأخذ قسطاً من الراحة في إحدى غرف السرايا التي خُصصت له، ثم يستيقظ قبيل آذان المغرب، ويتناول وجبة الغداء، مع صديقه البكباشي أركان حرب محمد علي المنشاوي، ثم يتسامرن ويلعبان «الدومينو» حتى صباح يوم الجمعة، ومن ثم يُلملم «عامر» أغراضه الشخصية، ويستعد للسفر إلى القاهرة، دون أن يشعر به أحد. القائد العسكري المصري زار سرايا العطافي كما زار السرايا أيضاً، القائد العسكرى المصري الراحل الفريق أول فؤاد الدجوي، الحاكم العسكري العام لقطاع غزة الأسبق، والذي سبق أسرِه في إسرائيل، وتولى فيما بعد رئيس محكمة الثورة، وكان القاضي الذي حكم على سيد قطب بالإعدام عام 1965م. الجدير بالذكر أن نجل «العُمدة العطافي» هو الوزير السيد بك المنشاوي، أبو التعاونيات فى مصر، وهو منصب يُساوي منصب وزير الصناعة والتجارة في الوقت الحالي، وكان الوزير مُتزوجاً من ابنة الشيخ عبد المجيد سليم، شيخ الأزهر الشريف، في ذلك الوقت، وزار كل دول أوروبا وأمريكا ومُعظم باقي دول العالم مُمثلاً للدولة المصرية، وعمل أستاذاً غير مُتفرغ للدراسات العُليا بجامعتي عين شمس والإسكندرية بجانب منصبه الرسمي.