أصبح الاقتصاد العالمى معتمداً بشكل أساسى على مسار جائحة كورونا، وظهرت على مدار الأيام الماضية العديد من التقارير التى تؤكد استمرار الاضطرابات الاقتصادية على المستوى العالمى بسبب القدرة المستمرة للفيروس على التحور والتطور ومواجهة اللقاحات التى توصل إليها العالم حتى الآن. وكشف تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادر مؤخراً عن صندوق النقد الدولى، أنه سيظل تحقيق التعافى أمراً غير مؤكد، إذا ما استمر تعرض شريحة من السكان لمخاطر الفيروس، كما أن التعافى شهد انتكاسة حادة فى عدد من البلدان التى واجهت تحورات الفيروس وأبرزها الهند، بالإضافة إلى المملكة المتحدة التى اضطرت لتأجيل خطوة إعادة فتح اقتصادها بسبب انتشار سلالة دلتا المتحورة، حتى مع نشر اللقاح الذى عزز من خفض حالات الإصابات والعلاج بالمستشفيات. وشهدت اقتصاديات الدول المتقدمة والأسواق الناشئة والنامية انخفاضاً حاداً فى معدلات النمو الاقتصادى منذ بداية انتشار الجائحة، ومن المتوقع وفقاً لصندوق النقد الدولى، أن يحقق الاقتصاد العالمى نمواً بنسبة 6% فى عام 2021 و4.9% فى عام 2022، بعد انخفاض حاد فى النمو سجل -3.2% فى عام 2020، بينما توقع التقرير لاقتصاديات الدول المتقدمة تحقيق نمو بمعدل 5.6% فى عام 2021، و4.4% فى عام 2022، بعد نمو سالب بنسبة -4.6% خلال عام 2020. بينما من المتوقع أن تحقق اقتصاديات الأسواق الصاعدة والنامية نمواً بمعدل 6.3% خلال عام 2021، و5.2% فى عام 2022، بعد أن حققت نمواً سالباً بنحو -2.1% فى 2020. على الجانب الآخر يستمر ظهور تحورات جديدة للجائحة، مثل متحور دلتا شديد العدوى والذى يؤثر بشدة على النشاط الاقتصادى فى العالم، بالإضافة إلى ظهور تحور جديد يسمى «مو»، والذى أعلنت عنه منظمة الصحة العالمية، ويصنف بأنه أحد التحورات المثيرة للاهتمام وتدعو للقلق، نظراً لأنه أكثر انتشار وخطورة من جميع التحورات السابقة للفيروس، باعتباره مقاوم للقاحات التى نعتمد عليها فى الوقت الحالى. وكشف التقرير أن العالم يشهد رغم تعافيه الاقتصادى تفاوتاً بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة، حيث عملت الجائحة على تخفيض نصيب الفرد من الدخل القومى بنحو 2.8% فى الاقتصادات المتقدمة، فى مقابل تراجعه بحوالى 6.3% فى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ما عدا الصين. ويجدر الإشارة إلى أن حوالى 40% من سكان الاقتصادات المتقدمة حصلوا على جرعات اللقاح الكاملة، مقارنة بأقل من نصف هذه النسبة فى الاقتصادات الصاعدة، ونسبة قليلة للغاية فى البلدان منخفضة الدخل. يُذكر أنه إلى جانب التفاوت فى نسب التطعيم، تمثل أيضاً التفاوتات فى الدعم المقدم من الحكومة مصدراً آخر للفجوة التى تزداد عمقاً بين الاقتصادات المتقدمة والنامية، حيث أعلنت الدول المتقدمة عن تقديم 4.6 تريليون دولار لتمويل التدابير المتعلقة باحتواء تداعيات كورونا، أما عن اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية فإنها أنهت المدة المقررة لمعظم التدابير المالية التى اتخذتها.