وصف عبدالملك منصور، المندوب السابق لدولة اليمن فى جامعة الدول العربية، المشهد السياسى ببلاده ب«المرتبك»، مشيراً إلى أن «الحوثيين» بالرغم من توقيعهم ميثاق القوى الوطنية مع الدولة اليمنية، فإنهم فى النهاية قوى مسلحة فرضت نفسها على الواقع. وأوضح «منصور» فى حوار ل«الوطن»، أن المملكة العربية السعودية عليها دور كبير فى حل الأزمة، لأنها «دولة يطمئن لها اليمنيون» بحسب تعبيره، مستبعداً تصنيف الدولة ل«الحوثيين» كتنظيم إرهابى، ورفضه لتشبيههم بالإخوان. ■ كيف تقرأ المشهد اليمنى الآن فى ضوء الاتفاق الأخير بين الحوثيين والدولة، طرفى الأزمة؟ - المشهد اليمنى مرتبك ويصعب فهمه، وأسباب ذلك أن الأطراف اليمنية كانت قد وافقت على المبادرة اليمنية، وصارت محور الحديث كحل للأزمة، واعتمدت أيضاً، لكن فجأة ظهر على المشهد قوة مسلحة استطاعت السيطرة على العاصمة صنعاء. ■ وهل انقلاب المشهد الداخلى من قبل جماعة الحوثيين مصدره قوة السلاح الذى تملكه أم بالدعم الخارجى لها؟ - هى قوة احتلت مدينة صنعاء، ونحن الآن أمام مشهد به قوى جديدة بخلاف القوى المعروفة من قبل، وأمام واقع تفرضه القوى الجديدة بمطالبها الجديدة أيضاً، وبدأ الرئيس يتعامل معهم تعاملاً لا بأس به، بحيث إنه بدأ يتفهم مطالباتهم خصوصاً بتشكيل حكومة، ولكنهم حتى الآن لم يتفقوا على اسم رئيس الوزراء، بسبب وجود المسلحين فى شوارع العاصمة، وفى أهم مراكز ومدن اليمن، وهذا أمر يصعّب من مهمة الرئيس فى الاستجابة للمطالب التى ترفعها القوى الأخرى. ■ وما الحل برأيك، وفق تلك التطورات على الأرض وأفق الحلول السياسية؟ - يبدو أنه لا حل إلا الصبر، وعلى الرئيس أن يصبر حتى يستطيع الاستجابة إلى الطلبات التى لا بد أن ينفذها وأن يستوعبها، ولا بد أن يستعين بالمملكة العربية السعودية لتساعده. ■ وما الذى يمكن أن تقدمه السعودية لحل الأزمة مع الحوثيين؟ - السعودية هى المؤثر الرئيسى فى اليمن، وهى الدولة التى يطمئن إليها اليمنيون. ■ هل لهذا السبب فقط أم لصراع السعودية مع إيران التى تدعم جماعة الحوثيين؟ - هذا ما ينشره ويتحدث به أعداء الحوثيين، لكن ليس فى يدى الآن دليل يؤكد هذا. اليمن يتجه إلى الأسوأ، ما لم يتدارك الأزمة الحالية، وأن تلتف القوى الوطنية حول الرئيس وأنا أناشد القوى بكافة مشاربها أن تمد يد العون له. ■ وكيف ترى الدور المصرى بالنسبة للأزمة، خاصة فى ظل تصريحات وزير الخارجية المصرى بدعم مصر للدولة اليمنية؟ - مصر واليمن كان بينهما تنسيق قديم، واليمن شريكة لمصر فى حرب 1973، لأن اليمنيين أغلقوا مضيق باب المندب، وجاءت مجموعة من الشباب اليمنى اشتركوا فى غلق مضيق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية وهذه مسألة تاريخية معروفة، وشارك الجيش اليمنى الجيش المصرى فى الإغلاق، فضلاً عن تأثير المضيق على قناة السويس، وحركة الملاحة، واليمنيون حريصون على علاقات جيدة وعالية المستوى مع مصر. ■ هل هناك أطراف إقليمية تؤدى دوراً فى الداخل اليمنى؟ - الأمر تخطى حدود الأطراف وباتت القضية الآن فى مجلس الأمن، هو الذى يصدر قرارات فيها، وله مندوب عربى يسمى جمال بن عمر. حتى مع وجود الأطراف، فكل طرف له مطالب وحريص على أن يتمسك بمصالحه، وأن يتبنى ما يؤدى مصالحه، وعلى الدولة اليمنية أن تدافع عن مصالحها. ■ وما هو برأيك هدف جماعة الحوثيين فى اليمن؟ - هم تنظيم مسلح ودخل فى حروب مع الدولة، وما يحدث حالياً هى الحرب السابعة، إذا اعتبرناها حرباً، هؤلاء مدربون وجاهزون ولديهم أسلحة، أما مسألة أنهم يحصلون على دعم من الخارج، فهذه مسألة تحتاج إلى بحث، وهم فى نهاية الأمر قوة يمنية موجودة فى الساحة، لهم خياراتهم السياسية، مثل أى قوة أخرى، وفهم الديمقراطية التى تؤكد مبدأ المواطنة، يقضى بأن نستمع إلى طلباتهم وننفذ ما يمكن تنفيذه من مطالبهم. ■ وماذا عن إمكانية التعامل مع «الحوثيين»، هل يمكن تصنيفهم كجماعة إرهابية مثل الإخوان؟ - أنا لا أنصح بهذا، الناس جميعهم إخوة، ولا يجرم أحد أحداً، من أجل أن نطفئ النار، إذا قام الرئيس باعتبار الحوثيين جماعة الإرهاب فإن النار ستزيد، خصوصاً إذا علمت أنهم يحتلون العاصمة. ■ وما دور الجامعة العربية باعتبارك كنت تشغل مندوب اليمن فى الجامعة فى وقت سابق؟ - الجامعة العربية لم تقصر فى موضوع الأزمة اليمنية ودائماً كانت تتابع وما زالت تتابع، ومتابعة من أمينها العام الدكتور نبيل العربى، والأزمة فى بدايتها تولاها مجلس التعاون الخليجى، وعمل مبادرة للحل اعتمدت من مجلس الأمن، ولذلك لا نستطيع أن نلقى عليها باللوم أو نطلب منها طلباً، لأن الأمر أصبح فى خارج إطارها وصلاحياتها وبات فى يد مجلس الأمن. ■ ما الروشتة التى يمكن أن تقدمها لحل الأزمة فى اليمن؟ - لا توجد مشكلة ليس لها حل، إذا صلحت النوايا وصحت الإرادة، والحل يمكن من خلال الإسراع فى تشكيل الحكومة، وإقرار الدستور بصفة نهائية والاستفتاء عليه، ثم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية مع بعض، حتى تتشكل المؤسسات المنتخبة، وإذا حدث ذلك سيتفرغ اليمنيون لخطة التنمية، والأغلبية تشكل الحكومة أو يشكلون ائتلافات لتشكيل الحكومة. النموذج اليمنى اليمن سيكون لها نموذج خاص بها، لأن اليمن ليست قريبة من أحد فى المنطقة، فهى لها شكل خاص بها ولها موقع جغرافى ،خصائص ديموجرافية تختص بها دون غيرها ومتنوعة، واليمن لن يكون لها نموذج متكرر، لأن اليمن تملك شعباً متماسكاً، ومنذ زمن بعيد لم تعرف المذهبية لأن أغلبية اليمنيين شافعية وقليل منهم زيدية، والشافعية يعتبرون إخوانهم الزيدية سنة الشيعة، لأنهم يحترمون البخارى ومسلم، ونحن كيمنيين لُحمة واحدة.