اختلفت طريقة إدارة جلسات المحاكمة فى نسختها الأولى عن الثانية بتغير رئيس المحكمة، فهل يتغير الحكم الذى ينتظره الملايين صباح السبت المقبل؟ إنها قضية «القرن»، التى حوكم فيها الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ونجلاه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلى ومساعدوه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، باتهامات قتل متظاهرى ثورة يناير والفساد المالى، أمام قاضيين مختلفين فى نواحٍ كثيرة، ربما لا يتشابهان إلا فى شغل منصب رئيس دائرة استئناف بمحكمة جنايات القاهرة، وهما المستشاران أحمد فهمى رفعت ومحمود الرشيدى. القاضى الأول نظر القضية فى نسختها الأولى من المحاكمة، وأصدر فيها حكمه «الأخير» بمعاقبة مبارك والعادلى بالسجن المؤبد، بتهمة الامتناع السلبى عن حماية المتظاهرين السلميين الذين خرجوا للمطالبة بإسقاط النظام، فيما قضى ببراءة باقى المتهمين.. أما القاضى الثانى فنظر القضية بعد أن ألغت محكمة النقض الحكم الأول، وأعادت القضية للمحاكمة من جديد أمام دائرة أخرى. القضية واحدة، والمكان واحد هو قاعة أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، طوال جلسات نسختى المحاكمة، ورغم ذلك اختلفت طريقة القاضيين فى إدارة كل منهما للجلسات إلى حد بعيد، فمنذ دخل مبارك قفص الاتهام للمرة الأولى صباح 3 أغسطس 2011 والقاضى أحمد فهمى رفعت تميز بالصرامة الشديدة طوال جلسات المحاكمة الأولى التى انتهت فى الثانى من يونيو 2012، ولم يسمح مطلقاً لأى من المحامين سواء من دفاع المتهمين أو المدعين بالحق المدنى بالحديث إلا بما يتراءى للمحكمة وفقاً لما يقتضيه القانون، وقرر منع البث التليفزيونى فى مرحلة مبكرة من القضية، كما شهدت جلسات القضية فى عهده توتراً كبيراً بين المدعين بالحق المدنى من دفاع أسر الشهداء وصلت إلى حد طلب رد المحكمة، وكان حكم المستشار أحمد رفعت فى القضية هو الأخير له، غادر بعده منصة القضاء نهائياً لبلوغه السن القانونية للتقاعد وهى 70 عاماً. فى المقابل، بدا القاضى محمود الرشيدى، منذ نظر أولى جلسات «إعادة المحاكمة»، هادئاً لا ينفعل إلا نادراً، يستمع للمحامين من الدفاع أو المدعين بالحق المدنى ويمنحهم الوقت اللازم لإبداء طلباتهم ودفوعهم، كما سمح بنقل وقائع الجلسات على الهواء مباشرة، وسمح للمتهمين بالحديث فى نهاية مرافعات القضية وفقاً للقاعدة القانونية «المتهم آخر من يتكلم»، فتحدث «مبارك» للمرة الأولى، ودافع عن نفسه وتغنى ببطولاته وإنجازاته، وتحدث العادلى ودفع عن نفسه تهمة قتل المتظاهرين. قبل أن يغلق باب المرافعات فى القضية ويحجزها للحكم بجلسة 27 سبتمبر الحالى، قال الرشيدى، إن الأحكام بكل درجاتها «واردة» فى القضية، بدءاً من الإعدام وحتى البراءة، مروراً بما بينهما، وإنه لا يلتفت للتكهنات التى صاحبت جلسات القضية ولا يعنيه إلا الأوراق والقانون والعدالة. وبعكس المستشار أحمد رفعت الذى تقاعد بعد الحكم الأول فى القضية، فإن «الرشيدى» سيعود بعد أن يصدر حكمه فى القضية صباح السبت المقبل، إلى نظر جلسات القضايا المختلفة مرة أخرى، بعد توقف دام عاماً بسبب تفرغه لنظر قضية القرن، فما زالت لديه سنوات يقضيها على منصة القضاء حتى يبلغ سن التقاعد.