تتوجه الأنظار اليوم إلى قاعة المحكمة في الفاتيكان حيث سيدلي باولو غابيرييلي، كبير الخدم السابق للبابا بنديكتوس السادس عشر، بأقواله في التهم الموجهة إليه بتسريب عشرات الوثائق السرية إلى وسائل الإعلام في فضيحة باتت تعرف باسم "فاتيليكس". وفي هذه الجلسة الثانية من المحاكمة العلنية غير المسبوقة في تاريخ الكنسية الكاثوليكية والتي بدأت السبت سيدلي المتهم الرئيسي في القضية باولو غابرييلي (46 عاما) بأول إفادة علنية له منذ اعتقاله في 23 مايو. ومن المفترض أن يوضح في إفادته كيف ولماذا سرب هذه الوثائق السرية إلى الصحفي جيانلويجي نوتزي. ونشر الصحفي هذه الوثائق في كتاب بعنوان "قداسته" فضح فيه التنافس الشديد الذي يصل في كثير من الأحيان إلى درجة العداء بين كبار المسؤولين في أصغر دولة في العالم، وعرض الكتاب خصوصا للمماحكات التي تستهدف الرجل الثاني في أعلى هرم الكنيسة الكاثوليكية الكاردينال تارتشيسيو بيرتوني وزير خارجية دولة الفاتيكان. ويمثل غابرييلي في قاعة المحكمة أمام ثلاثة قضاة علمانيين، وفي القضية يحاكم معه خبير المعلوماتية كلاوديو شاربيليتي بتهمة التواطؤ. وغابرييلي، العلماني والأب لثلاثة أولاد وأحد مواطني دولة الفاتيكان القلائل، يواجه عقوبة السجن لفترة تصل إلى أربع سنوات في حال تمت إدانته. واعترف بالتهم المنسوبة إليه، وأوضح أثناء استجوابه أنه قام بما قام به بتكليف من "الروح القدس" وبهدف كشف "الشر والفساد" داخل أروقة الفاتيكان ولأنه رأى أن البابا لم يكن على علم بكل الفضائح. وأثناء مقابلة أجرتها معه القناة السابعة الخاصة في فبراير قبل كشف هويته، قال إن هناك في الفاتيكان "إرادة في طمر الحقيقة ليس عن طريق التنافس على السلطة بل ربما بسبب الخوف". وإعتبر في هذا الحديث أن حوالى عشرين شخصا "في الأجهزة المختلفة" للفاتيكان قد يكونون متورطين في فضيحة فاتيليكس، إلا أن الاسم الوحيد الذي كشف رسميا حتى الآن من بين هؤلاء هو خبير المعلوماتية. وفي حدث غير مسبوق في التاريخ الحديث لحاضرة الفاتيكان المعروفة بتكتمها الشديد في كل ما يتعلق بشؤونها الداخلية، فإن هذه المحاكمة علنية وقد سمح لمجموعة مختارة من الصحفيين بتغطية وقائعها كاملة. وهؤلاء الصحفيون المنتقون وعددهم ثمانية فقط سيحضرون كل الجلسات ولكن لن يسمح لهم بنشر المداولات إلا بعد انتهائها. وتجري المحاكمة في مبنى المحكمة الواقع خلف كاتدرائية القديس بطرس ولكن وخلافا لآلاف السياح الذين يتواجدون كل يوم في ساحة الكاتدرائية الواقعة على بعد خطوات من قاعة المحكمة، لن يسمح لأي من الحاضرين داخل القاعة، بمن فيهم الصحفيون، إدخال أجهزة تصوير أو تسجيل. وفي الجلسة الأولى السبت، قرر قضاة المحكمة إستدعاء السكرتير الخاص للبابا المونسنيور جورج غانشفاين إلى منصة الشهود. والمونسنيور غانشفاين "56 عاما" الذي يعتبره البعض أقرب مستشاري البابا، هو الرئيس المباشر لكبير الخدم.