هل من الممكن أن تنضم مصر إلى التحالف الدولى للحرب التى ستقودها أمريكا ضد «داعش»؟ من المعلوم أن ثمة تنسيقاً بين كل من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات لمواجهة الظاهرة «الداعشية» التى استشرت داخل مساحات كبيرة من الأرض بالعراق وسوريا. ومن اللافت أن «تونى بلينكن»، مستشار البيت الأبيض الأمريكى، أكد أن مصر والسعودية والإمارات «حلفاء محتملين» للحرب التى ستقودها أمريكا ضد تنظيم «داعش»، وذلك استناداً إلى التحالف القديم الذى تم تشكيله إبان حرب تحرير الكويت فى عام 1991، وشاركت فيه مصر والسعودية مع الولاياتالمتحدة لتحرير الكويت، إلى جانب الدعم الاستخباراتى والمعلوماتى الذى قدمته مصر للولايات المتحدة فى حربها عقب أحداث 11 سبتمبر. الرئيس عبدالفتاح السيسى حذر فى أكثر من مقام من خطورة «داعش» وقال صراحة إنه لا يبالى ب«داعش» أو بما يسمى «دالم» (الدولة الإسلامية فى ليبيا ومصر) «طالما أن هناك شعباً يقف خلف جيشه». وتطلع الولاياتالمتحدة لمشاركة مصر أمر له ما يبرره، فمهما كانت القدرة التدميرية الجوية لقوى التحالف فإنها لن تستطيع القضاء بسهولة على تنظيم مثل «داعش»، فالأمر يستوجب مواجهات أرضية تتحرك فيها قوات برية، عملاً بقاعدة أن «أصل الحرب مشاة». وقد بدا أمين عام جامعة الدول العربية صريحاً عندما تحدث عن تحالف عربى يمكن أن يأخذ شكلاً عسكرياً فى مواجهة داعش، وذلك فى الاجتماع الذى ضم وزراء الخارجية العرب مؤخراً. وواقع الحال أننا عندما ننظر إلى ما يسمى بالجيوش العربية لن نجد بالطبع سوى الجيش المصرى، وأى حديث عن قوات عربية برية تقف فى مواجهة «داعش» على الأرض يجعل الذهن ينصرف باستمرار إلى مصر وجيش مصر. مؤكد أن للقيادة المصرية حساباتها الخاصة وهى تتعاطى مع قرار المشاركة فى التحالف الدولى ضد «داعش». فهذه القيادة تستوعب أن قرار التحرك فى هذا الاتجاه ليس بالسهل، بسبب ما نواجهه من تحديات داخلية، على المستويين الأمنى والاقتصادى، بالإضافة إلى وعيها بأن «داعش» تنظيم يمتلك قدرات عسكرية وتسليحية تميزه عن غيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى، ويتسم بالقدرة على المناورة والمراوغة بشكل لن يجعل قتاله سهلاً، لأنه يجمع فى أدائه على الأرض بين سمات الجيوش النظامية والعصابات المسلحة، والأخطر من ذلك أن نزع فتيل هذه الحرب أمر سهل، لكن التنبؤ بمسارات تطورها يصادفه الكثير من الصعوبة، إذا أخذنا فى الاعتبار الوجه الطائفى (السنى الشيعى) الذى سوف يقفز سريعاً بمجرد أن تقف القوات العربية والإسلامية من هنا وهناك فى مواجهة بعضها البعض، وعلينا ألا ننسى أيضاً أن ثمة محوراً قطرياً تركياً يقف فى مواجهة المحور المصرى السعودى الإماراتى، ويتبنى وجهة نظر رافضة للتدخل الدولى ضد «داعش». فى تقديرى أن صانع القرار يستوعب هذه الأمور جيداً، ويأخذ فى الاعتبار حسابات المكسب والخسارة قبل الدخول فى دائرة الخطر، وما أخشاه حقيقة أن يكون المشهد الذى يتشكل الآن مجرد فخ، يمكن أن يسقط فيه البعض بحسن نية، والسقوط فيه سوف يكون مكلفاً جداً!