أيام قليلة وتحل علينا الذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو، التى نجحت فى إنهاء مخططات جماعة الإخوان الإرهابية فى السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها، خاصة أن الملايين التى خرجت فى الميادين والشوارع لإسقاطهم بعد توقيع استمارة «تمرد» لم يفعلوا ذلك من فراغ، فعقب إعلان فوز محمد مرسى فى انتخابات 2012، بدأت الجماعة فى تنفيذ سياسة أخونة الدولة ومؤسساتها للسيطرة وترسيخ حكمهم. شهد عام حكم الإخوان العديد من الجرائم، على رأسها معركة الإخوان الشرسة مع القضاء، ومحاولات تعيين نائب عام بدلاً من النائب العام عبدالمجيد محمود، وسُمى وقتها «النائب الخاص». ليس هذا فحسب، بل حاصروا المحكمة الدستورية العليا، ولم يتمكن مستشاروها من الحضور إلى المقر بسبب الحصار الذى فرضه آلاف من عناصر الجماعة، ما دفع المحكمة وقتها إلى إرجاء النظر فى الدعاوى التى تطالب ببطلان مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور. أما فيما يتعلق بملف «أخونة الدولة»، فشهدت مؤسسة الرئاسة وجود 8 من قيادات الإخوان داخل القصور الرئاسية، وهم كالتالى: «محمد مرسى عضو مكتب الإرشاد، رئيس حزب الحرية والعدالة، وياسر على المتحدث باسم الرئاسة، وعصام الحداد مساعداً لشئون العلاقات الخارجية والتعاون الدولى، وهو عضو مكتب الإرشاد المسئول عن ملف العلاقات الخارجية فى الجماعة ومدير حملة مرسى الانتخابية، وأحمد عبدالعاطى مدير مكتب رئيس الجمهورية، عضو الجماعة وحزب الحرية والعدالة، المنسق السابق لحملة الدكتور محمد مرسى، إضافة لكل من محيى الدين حامد، مستشار الرئيس، عضو الإرشاد، وحسين القزاز مستشار الرئيس، يشغل منصب المستشار الاقتصادى لجماعة الإخوان وحزبها، وأميمة كامل السلامونى، مستشار الرئيس لشئون المرأة، عضو الحزب، وعصام العريان مستشار الرئيس للشئون الخارجية (استقال)، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، شغل منصب المتحدث الرسمى للإخوان عدة سنوات قبل ثورة 25 يناير»، وآخرون.
وجاءت أحداث الاتحادية من الأسباب الهامة لانهيار الجماعة، عندما خرج آلاف المعارضين فى تظاهرات عقب الإعلان الدستورى أمام قصر الاتحادية والتظاهر فيه، وواجهت الجماعة تلك التظاهرات بإعطاء شبابها الأوامر بالهجوم على المعارضين، فى مشهد أدى إلى سقوط ضحايا ومصابين كثر، وكان دليلاً على دموية الجماعة، بعدما أقدمت على استخدام السلاح لضرب المعارضين، مما أدى إلى حدوث قتل وترويع أمام القصر دون تدخل «مرسى»، الذى سمح لشباب الجماعة بقتل المعارضين، وهى الواقعة التى حُكم فيها بالسجن 20 عاماً عليه وعلى قيادات إخوانية فى «أحداث الاتحادية». وفى 2014 ظهرت تقارير صحفية دولية تكشف تفاصيل اجتماعات كانت تُعقد داخل القصر الرئاسى، بحضور أعضاء مكتب الإرشاد، وجعل طاولة اجتماعات الرئاسة جزءاً من اجتماعات أعضاء المكتب. وجلس محمد بديع، مرشد الإخوان، على الكرسى المخصص للرئيس فى طاولة الرئاسة، فجميع الشواهد والقرارات التى كانت تخرج من محمد مرسى كانت تذهب أولاً لمكتب الإرشاد، ولعل أبرز هذه الأمور كانت حركة المحافظين والتعديلات الوزارية، ثم تعلن فى قرار رئاسى بعدها، إضافة إلى دعوة محمد مرسى أكثر من مرة قيادات شيوخ الإرهاب للقائه داخل القصر الرئاسى، وبالتحديد قيادات الجماعة الإسلامية، وكان من بين نتائج تلك اللقاءات قرارات العفو الرئاسى التى أطلقها بشأن إرهابيين متورطين فى أعمال عنف، والذين تم اكتشاف تورطهم بعد ذلك فى أعمال عنف جديدة بعد عزله، وكان «مرسى» دائم الاستضافة لطارق الزمر وعاصم عبدالماجد داخل القصر الرئاسى، لطرح مبادرات، كما أنه كان يدعو قيادات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد فى الحوارات مع الأحزاب التى كان يدعو لها خلال عهده. وفى تقرير أعدته مؤسسة «ماعت»، أكد أنه منذ نشأة جماعة الإخوان الإرهابية وهى تسعى بكل السبل للوصول لما سمته «أستاذية العالم»، أى تمكن الجماعة من السيطرة على العالم، وذلك بعملية تدريجية تبدأ بتكوين الفرد الإخوانى ثم الأسرة الإخوانية ثم الجماعة الإخوانية، وهو ما سموه «المجتمع المسلم» من منطلق زعمهم أنهم الممثل الشرعى للدين الإسلامى، وحسب التقرير فإن تجربة جماعة الإخوان فى حكمها مصر لمدة عام أظهرت الوجه العنيف والإقصائى لديهم، ففى السابق كانوا يدّعون أن تيارهم يستطيع استيعاب الجميع وأنهم يؤمنون بدولة المواطنة، لكن حين لفظهم الشعب أطلقوا التهديدات علانية ضد الأقباط علاوة على مهاجمة الكنائس. وبعد سقوط جماعة الإخوان الإرهابية انهارت وتشتتت، وهرب بعضهم للخارج، وهؤلاء الذين فروا اندلعت بينهم صراعات على الأموال والمناصب، ما تسبّب فى انشقاقات عميقة فى صفوف ما تبقى منهم، حتى إن تركيا التى احتضنتهم باعتبارها الراعى الرسمى للجماعة فى الوقت الراهن، أصبحت تعيش إخفاقات لا حصر لها، بدءاً من الاقتصاد الذى يعانى أزمات غير مسبوقة وحجم الدين الخرافى الذى تجاوز ال440 مليار دولار وفقاً لإحصائيات البنك الدولى. من جانبه قال إبراهيم ربيع، القيادى الإخوانى المنشق والباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، إن الإخوان حكموا بالإرهاب والتهديد، وأيديولوجيتهم مبنية على العنف والمصلحة، فمصر قضت عاماً تحت حكم التنظيم مارس خلاله القتل للوصول إلى مصالحه وأغراضه، فكان شعاره إما أن تكون مع الجماعة وإما أن تكون كافر مرتداً وعدواً للإسلام، على اعتبار أن التنظيم هو الإسلام، واستغلوا باقى جماعات الإسلام السياسى كقطعان لتحقيق غايتهم. وأضاف «ربيع»، فى تصريحات خاصة ل«الوطن»، أن الجماعة فى عام حكمها لمصر سعت لتكسير مؤسسات القلب الصلب للدولة، من القوات المسلحة والشرطة والقضاء، فحاولوا هدم القضاء، والدخول فى معركة تكسير عظام معه وإهانته عندما حاصرت قطعانهم المحكمة الدستورية العليا لمنعها من النظر فى دعاوى بطلان مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور آنذاك، كذلك تسييس منصب النائب العام بتعيين نائب عام إخوانى بدلاً من النائب العام الأسبق عبدالمجيد محمود، وتابع: كانت هناك رغبة داخل الجماعة لاستنساخ التجربة الخمينية، حيث سعت لتشكيل حرس ثورى وتفكيك مؤسسات الدولة وعمل مؤسسات بديلة لضمان استمرار تمكين التنظيم من مفاصلها وحماية التنظيم الإجرامى من المصريين إذا أرادوا إنقاذ دولتهم وإرهاب من يحاول الاعتراض أو عدم القبول بحكم المرشد، وهذا ما تباهى به المجرم الإرهابى عاصم عبدالماجد، عندما أكد أن الجماعة الإسلامية كانت تتناقش مع الإخوان لتدشين ما سماه «الحرس الثورى» على غرار الحرس الثورى الإيرانى.