يتمنى الجميع أن يذهب لأداء فريضة الحج، مع اقتراب موسم حج عام 2021، لكن البعض لا يكون مقتدرا، نظرا للتكاليف الباهظة، فهل يجوز الاقتراض من أجل الحج؟، وهو السؤال الذي ورد إلى أمانة الفتوى التابعة لدار الافتاء، وجاءت إجابته أنّه «لا يجب على المكلف الاقتراض للحج باتفاق الفقهاء، حيث قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في (المجموع شرح المهذب) أنّه لا يجب عليه اقتراض مالٍ للحج، بلا خلاف». واستدرجت الأمانة في فتواها، أنّه لا مانع مِن أن يقترض ويحج إذا اطمأن أنّه سيرد القرضَ دون تأثيرٍ ضار على من تجب عليه نفقتُه، وقد ورد عن بعض السلف النهي عن الاقتراض للحج؛ فروى الإمام الشافعي، وابن أبي شيبة في (المصنَّف)، والبيهقي في (السنن الكبرى) -واللفظ له- عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه موقوفًا عليه: أنه سُئِلَ عن الرجل يَستقرض ويحج؟ قال: «يَسْتَرْزِقُ اللهَ وَلَا يَسْتَقْرِضُ»، قال: وكنا نقول: (لا يَستَقرِضُ إلا أَن يَكُونَ له وَفاء). وأسند ابن عبد البر في (التمهيد) عن سفيان الثوري أنه قال: «لا بأس أن يحج الرجل بدَينٍ إذا كان له عُرُوضٌ إن مات ترك وفاءً، وإن لم يكن للرجل شيءٌ ولم يحج فلا يعجبني أن يستقرض ويسأل الناس فيحج به، فإن فعل أو آجر نفسه أجزأه مِن حجة الإسلام». وأشارت إلى أنّ مذهب الشافعية، أكد أنّه إن كان للمقترض وفاءٌ به ورضي المُقرِض فلا بأس بالاقتراض. رأي الحنفية والمالكية والحنفية جعلوا الاستقراض واجبًا إذا كان المكلَّف وجب عليه الحج وفرَّط حتى فاته وَصْفُ الاستطاعة ولو لم يكن قادرًا على الوفاء؛ لتفريطه. وأشارت إلى أنّ المالكية عندهم احتمالين بالتحريم والكراهة إذا لم يكن له وفاء، موضحة أنّه ومن مجمل ما سبق يتبين أنّه: «إذا كان المكلَّف باقتراضه للحج سيُحَمِّل نفسَه أو مَن يعول فوق الطاقة ويعرض نفسه أو مَن يعول للفتن وما لا يقدرون على تحمّله فيترجح في حقه القولُ بالحرمة، أما إن كان تحصيل ما يَسُدّ به الدَّين سيُعَطِّله عن نوافل العبادات ومكارم الأخلاق ومعالي الأمور فيترجح في حقه القول بالكراهة، فإن لم يكن هذا ولا ذاك وكان يغلب على ظنه السداد بلا ضررٍ عليه وعلى مَن يعول جاز له القرض بلا حرمة ولا كراهة». اختلاف الحكم الشرعي واختتمت فتواها: «على كل حال ومع اختلاف الحكم الشرعي باختلاف حال المقترض: فإن الذي يحج من مالٍ اقترضه يكون له ثواب الحج بإذن الله تعالى، وتسقط عنه الفريضة إن كانت حجته هي حجة الإسلام».