قولوا ورايا وما تخافوش.. إحنا خدنا على الخرطوش، لو خطفونا من البيوت عمر الثورة ما هتموت»، هتافات صاحبت ضجيج الأوانى الفارغة و«الدق على الأنابيب»، على رصيف مجلس الوزراء، احتجاجاً على ما آلت إليه الأوضاع فى مصر. هم «البخاوية»، تلك المجموعة قليلة العدد من أبناء الطبقة المتوسطة، الذين يفخرون بانتمائهم لميدان التحرير، دون أن يكون لهم اتجاه سياسى محدد، فقد جمعتهم الثورة ولم يفرقهم شتات أبنائها، وقرروا حشد أنفسهم أمام مجلس الوزراء وحمل اللافتات المعبرة عن غضبهم لما يتعرض له المواطن البسيط. «كيلو الطماطم ب8 جنيهات والخيار ب6 والفاصوليا ب10»، لافتة رفعتها «ريهام»، الفتاة العشرينية، التى لا تذهب إلى السوق عادة، لكنها تشعر بمعاناة كل مصرى، يتقاضى راتباً شهرياً قدره 500 جنيه، ومُطالب بأن يأكل ويشرب ويسكن ويُعلم أبناءه بهذا المبلغ الضئيل. لا تختلف «ريهام» عن «حامد»، الذى رفع «أنبوبة بوتاجاز» فى وسط رصيف مجلس الوزراء، وأخذ يهتف: «يا أنبوبة فينك فينك الحكومة بينا وبينك»، فعلى الرغم من توصيل الغاز لمسكنه بمنطقة الهرم، فإنه يبحث عن العدالة الاجتماعية، قائلاً: «إزاى فى ناس عندها غاز، وناس تانية مش لاقية أنبوبة ب 80 جنيه». «يعنى إيه بخاوية»، سؤال تردد على ألسنة كثير من المارة، فتبرع أحد حاملى اللافتات بالرد وقال: «يعنى بنبخ فى أى حد وماحدش بيهمنا»، وبين نظرات الإعجاب والدهشة، همس أحد المارة فى أُذن من إلى جواره وقال: «دى عالم فاضية سيبوا الحكومة تشتغل». ارتدت خمارها الرمادى، وأتت مع أطفالها، لتشارك فى الوقفة.. هى «أم على»، التى كان هتافها الحماسى، يرج شارع محمد محمود، فتقول: «خيرت شاطر حلق حوش، مشروع نهضة بقى فنكوش.. يا مراة مرسى بتطبخى إيه كيلو القوطة بعشرة جنيه». المسافة التى قطعتها «أم على» فى أتوبيس هيئة النقل، من بولاق الدكرور، حيث تعيش، حتى مكان التجمع، لم تفكر طيلتها، سوى فى أن مشاركتها فى الثورة، لم تنته بعد، وأن «البطاطس المسلوقة»، التى تعدها كطعام يومى لأولادها وزوجها المصاب فى أحداث الثورة، لا تزال تشهد على إننا «شيلنا حسنى من غير دقن وجيبنا جماعة حسنى بدقون».