مر نحو ألفي عام على ما قام به الشاب المقدوني الذي لم يكن يتجاوز الخامسة والعشرين وقتها، عندما أسس مدينة الإسكندرية، ووضع مخططها على شكل الدرع الذي يرتديه الجندي، وبدأ الإسكندر الأكبر بناء المدينة في 20 يناير عام 331 قبل الميلاد. ظلت المدينة تتطور حتى بعد وفاة مؤسسها، حتى أصبحت مركزًا شهيرًا للفن في مصر القديمة، وتشبه مدينة روما واليونان، لكن الوضع الآن تغير كثيرًا، فلا وجود للعجائب الأسطورية، مثل قصر الملكة كليوباترا، حتى اكتشف في عام 1994، فريق من علماء الآثار، بقايا أعمدة من الجرانيت الأحمر منقوش عليها كتابة هيروغليفية، ومجموعة من التماثيل المهيبة، ورصيفًا صخريًا، وألواحًا خشبية ثقيلة كانت تشكل سابقًا رصيفًا قديمًا لتحميل السفن كلها، وكانت غارقة تحت الماء. معظم هذه الآثار ترجع إلى العصر البطلمي، حيث ابتعدت التماثيل عن الشكل اليوناني التقليدي، وأخذت الشكل الفرعوني، حسبما يرى الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، مضيفًا: "معظم هذه الآثار موجودة أمام قلعة قايتباي والميناء الشرقية لمدينة الإسكندرية". ويشير الكسباني ل"الوطن"، أن هذه الآثار كانت في البداية موجودة عند مقبرة عمود السواري بالإسكندرية، ولكن في العهد العثماني وأيام محمد علي، نقل الوالي العثماني التماثيل الموجودة وبعض الآثار من المقبرة إلى القلعة؛ ليتم تحصينها ومنعها من التآكل جراء المياه المالحة. وينفي الكسباني غرق مدينة الإسكندرية، في السابق كما أشيع، فما تم غرقه من آثار موجودة تحت الماء، هي ليست مدينة الإسكندرية، ولكن بعض الآثار التي تم نقلها من مكانها ووضعها على الشاطئ، موضحًا أنه تم إخراج بعض الآثار، ووضعها في معامل خاصة لمعالجتها من آثار الملوحة، والبعض الآخر لم يتم إخراجه حتى الآن. ويؤكد أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، أن الآثار التي لم تستطع الدولة إخراجها، سوف يتم تصميم متحف تحت الماء يضم هذه الآثار، بالتعاون مع علماء فرنسيين، ومنظمة اليونسكو، حيث سيتم تصميم هذا المتحف من مادة شفافة مكونة من الزجاج والبلاستيك، بحيث يتمكن المواطن من رؤية هذه الآثار، عبر هذه المادة، وسوف يشبه هذا المتحف الغواصة ولكن بشكل شفاف، موضحًا أن الوضع الحالي لا يساعد على اكتمال بناء المتحف كما ينبغي.