ينتهى من صلاة العصر فى مسجد الخلفاء الراشدين بمنطقة أبوسليمان بالإسكندرية، ينوى الاعتكاف مدة إقامته بالمسجد، يطل على أتباعه بلحيته المخضبة بالحناء، وزبيبة الصلاة الواضحة على جبهته، تعلوها طاقية بيضاء، بابتسامة خفيفة يبدأ الشيخ ياسر برهامى حديثه الأسبوعى، وفى كل مرة يجيب فيها الرجل عن الأسئلة تقوم الدنيا ولا تقعد، توجه إليه سهام الانتقاد من علماء الأزهر تارة والسياسيين تارة أخرى، حتى قادته كلماته مؤخراً للتحقيق معه فى النيابة العامة، بعد أن تقدم المحامى نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، ببلاغ ضده يطالب فيه بضبطه وإحضاره بتهمة ازدراء الدين المسيحى، والتحقير من شأن أتباعه، إذ دعا الشيخ فى أحد دروسه لعدم تهنئة الأقباط فى أعيادهم، وكذلك أفتى بعدم جواز ترشحهم للرئاسة تارة أخرى. لا يكف «برهامى» عن إصدار الفتاوى المثيرة للجدل والسخرية فى نفس الوقت، مخالفاً فى ذلك لآراء علماء الأزهر، فذهب مؤخراً إلى جواز معاشرة الرجل لزوجته وهى حائض، بل وأجاز ترك الرجل زوجته للمغتصبين دون الموت من أجلها، وأكد «برهامى» فى فتواه أن حفظ النفس مقدم على حفظ العِرض، وإن كانت هناك نسبة لدفاع الزوج عن زوجته فيدافع عنها، لكن إن تأكد من مقتله فيجوز له تركها. يتناقض رأى ياسر محمود برهامى حشيش، المولود فى مدينة كفر الدوار بالبحيرة عام 1958، دائماً مع آراء علماء الأزهر الشريف، فيحرم تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد، مفسراً ذلك بأن أسباب الاحتفال تتنافى مع معتقدات المسلمين، وجاء رد الأزهر على لسان مستشار شيخ الأزهر ووصف الفتوى ب«الكلام الفارغ الذى ليس به مضمون». لا يتراجع الشيخ ياسر برهامى عن أقاويله وفتاواه أبداً، ويرى أنه مُتَوَّج فوق رؤوس المشايخ وأن على الجميع الإنصات لحديثه، وإن كان الحدث «شاذاً» كما يردد البعض، ومع رفع درجة الهجوم عليه من قِبل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية يأتى رد الشيخ على الفور «تم تحريف فتواى». حصل «برهامى»، نائب رئيس الدعوة السلفية، على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1982، ثم ماجستير طب الأطفال من جامعة الإسكندرية، كما حصل على ليسانس الشريعة الإسلامية عام 1999م من جامعة الأزهر. فى الجامعة تعرف على الشيخين أحمد حطيبة وإسماعيل المقدم، وفى أواخر السبعينات من القرن الماضى انضم الثلاثة معاً للجماعة الإسلامية، وبعدما تسلل الإخوان للجماعة وجدوا أنها انحرفت عن طريقها، فاتجه «برهامى» وزملاؤه لتأسيس الحركة السلفية، وأثناء وجودهم فى الكلية انتشرت محاضراتهم وخطبهم فى الإسكندرية، ودرس كتب محمد بن عبدالوهاب، مؤسس «الوهابية السعودية»، و«ابن تيمية»، وشارك فى تأسيس معهد إعداد الدعاة للمدرسة السلفية بالإسكندرية والتدريس فيه، ويشرف بنفسه على موقع «صوت السلف»، كما يعتبر الأب الروحى لحزب النور الذى تأسس عقب ثورة 25 يناير.