فى الوقت الذى تحول فيه ملف الدعم إلى «لغم» قابل للانفجار فى وجه كل من يحاول الاقتراب منه، وفى الوقت الذى تعاملت فيه الأنظمة السياسية والحكومات المتعاقبة مع ملف الدعم بنظام «المسكنات»، جاءت حكومة محلب لتخوض معركة قد تكون الأصعب على الإطلاق وهى معركة إعادة هيكلة الدعم. وربما كان رفض الرئيس عبدالفتاح السيسى للموازنة العامة بشكلها الأول سبباً فى سرعة اتخاذ قرارات «صعبة» و«حاسمة» بشأن الدعم الذى كان مقدراً له 104 مليارات جنيه فى الموازنة، لكنه انخفض بعد رفض «السيسى» بقيمة حوالى 40 مليار جنيه. ويرى إبراهيم زهران، الخبير البترولى، أن قرار خفض دعم الطاقة فى مصر وإلغائه تدريجياً تأخر أكثر من 10 سنوات وتسبب فى عجز بالموازنة العامة للدولة وارتفاع الدين الخارجى بسبب قيمة دعم الطاقة؛ حيث إنه يستحوذ على 60% من الدعم الحكومى سنوياً. وأوضح «زهران»، فى تصريحات ل«الوطن»، أن عجز الحكومات السابقة عن حل أزمة قيمة دعم الطاقة خلال السنوات الماضية تسبب فى وصول قيمة دعم الطاقة إلى 130 مليار جنيه بنهاية العام المالى الماضى، مشيداً بقرار «السيسى» بضرورة زيادة أسعار المنتجات البترولية، مطالباً بعدم استثناء أى منتج بترولى لعدم خلق سوق سوداء بين مافيا الوقود. وأوضح حمدى البنبى، وزير البترول الأسبق، أن رفع الدعم عن الطاقة كان يتطلب قرارات حاسمة منذ أكثر من 20 عاماً، وأن التأخر عن تنفيذه تسبب فى ارتفاع عجز الموازنة إلى تلك المعدلات المخيفة، مؤكداً أن قرارات رئيس الجمهورية «قوية» وفى وقتها المناسب تماماً. وأوضح «البنبى» ل«الوطن» أن نجاح خطة الحكومة برفع الدعم عن الطاقة يجب أن يستند على سياسات ودراسات علمية تحدد الفترة الزمنية ومدى استفادة المواطن من رفع الدعم وتقليل الفترة الزمنية بين التطبيق وشعور المواطن بالفائدة التى تعود عليه ويستفيد هو وأبناؤه فى المستقبل. ووصف الدكتور محمد هلال، رئيس جمعية مهندسى ترشيد الطاقة، الزيادة التى أعلنتها وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة أمس الأول على تعريفة الاستهلاك فى مختلف المجالات ب«المتواضعة»، مشيراً إلى أن القطاع المنزلى فى أمريكا يدفع مقابل الكيلووات/ ساعة 70 سنتاً. وطالب «هلال»، فى تصريحات ل«الوطن»، بضرورة تفعيل مشاريع كفاءة استخدام الطاقة التى أعلن عنها رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى فى برنامجه الانتخابى حتى تؤتى سياسة رفع الدعم التدريجى ثمارها. وأوضح «هلال» أن العالم يتجه حالياً لسياسة تحرير أسعار الطاقة وتشجيع القطاع الخاص للخوض فى منافسة جادة داخل قطاع الكهرباء، وهو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة المالية التى يعانيها قطاع الكهرباء المصرى. واعتبر «هلال» الدعم على الطاقة السبب الرئيسى فى وقوع اضطراب شديد داخل المنظومة الاقتصادية المصرية خلال السنوات الأخيرة، مطالباً بضرورة وضع الحكومة معايير عادلة للتنافس داخل الأسواق. وقال الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، فى تصريحات صحفية أمس: إن 57٪ من المشتركين فى قطاع الكهرباء لا يتعدى استهلاكهم ال350 كيلووات/ ساعة شهرياً، أما المحلات التجارية فهناك 60٪ منها تستهلك 100 كيلووات فأقل. وأشار الوزير إلى أن الزيادة الجديدة بتعريفة الكهرباء جاءت بعد دراسات مستفيضة بالتعاون مع جهاز مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، وتراعى محدودى الدخل والطبقة المتوسطة.