أصوات الرصاص التي تدوي في الأرجاء، لتعلن عن بدء حلقة جديدة من مسلسل الاشتباكات اليومي، بين الإرهابيين وقوات الأمن، لم يقنع أهالي سيناء، خاصة البدو منهم، باستقبال الشهر المبارك بهدوء، كما هو الحال في كثير من محافظات مصر، فبعادات توارثوها منذ مئات السنين، يستقبلون شهر رمضان كل عام، بالرغم من مظاهر الحياة الحديثة التي بدأت تغزو صحراءهم. تبدأ فعاليات الشهر الفضيل في سيناء، لدى بعض القبائل، باستطلاع الهلال فوق أعلى قمم الجبال، لكنهم في كل الأحوال يلتزمون ببيان دار الإفتاء المصرية في ثبوت هلال رمضان من عدمه، ثم يهنئ شيوخ القبائل بعضهم البعض بالشهر الكريم، وتعلق الزينة والأعلام. تحرص القبائل في سيناء على فتح مايسمي ب"المقعد" أو الديوان الخاص بكل قبيلة قبل أذان المغرب، وإعداده بما يكفي من طعام لاستقبال بعض أفراد القبيلة الذين يحرصون على الإفطار مع أقربائهم، وكذلك لاستقبال الفقراء من أهل القرية أو الحي، كنوع من أنواع التكافل الاجتماعي بين القبائل، وتبقى هذه الدواوين مفتوحة حتى صلاة العشاء، تحسبا لمرور عابر سبيل أو ضيف أو محتاج، وبعد صلاة التراويح تظل الدواوين مفتوحة أيضا حتى السحور، لاستقبال الضيوف وتناول الحلوى والشاي والقهوة العربي، والسهرات الرمضانية. المائدة السيناوية في رمضان لا تخلو من "الفطير العرايشي" و"زيت الزيتون" والفتة، والأرز، واللوز، وحمص الشام واللحم، إلا أن بعض القبائل لا تأكل السمك طوال شهر رمضان، كما تكثر الإفطارات الجماعية والرحلات الخلوية، حيث يتجمع أفراد العائلة أو الأصدقاء على شواطئ البحر، أو أعلى الجبال، ليتناولون الأكلات السيناوية المشهورة، مثل" الفراخ المندي" و"الفتة" و"المكبوس". ومن العادات أيضا التي يلتزم بها أهالي سيناء في رمضان، توقف جلسات القضاء العرفي، فهي لاتعقد في رمضان احتراما للشهر المبارك، ويتم تأجيل أي جلسة إلى ما بعد عيد الفطر، وإذا حدث ما يستوجب الاحتكام للقضاء العرفي، يتم تحديد هدنة بين الأطراف المتنازعة لحين انتهاء الشهر، كذلك أيضا تتوقف "البشعة" في شهر رمضان. وتحرص بعض القبائل السيناوية، على نحر الذبائح، في آخر خميس من شهر رمضان، تحت اسم "عشاء الأموات"، حيث تقدم هذه الذبائح ليكون ثوابها لأمواتهم، كذلك أيضا توقف بعض القبائل البدوية في سيناء حفلات الخطوبة وعقد القران أثناء شهر رمضان.