6 قرى.. وآلاف المواطنين يشربون مياهاً مختلطة بنفايات الغسيل الكلوى التى يلقيها مستشفى مركز أولاد صقر بالشرقية فى الترعة التى تمر عبر هذه القرى والإهمال سيد الموقف.. هكذا الحال فى «زنانيرى والحاج على وأم غامز وإسكندر وروزا والطوبجى».. المنظر العام فى هذه القرى لا يزيد على حيوانات نافقة ومياه صرف صحى ومياه شرب ملوثة تغتال «كلى» المعدمين منهم وطرق غير ممهدة «تنهش» أرواح صغارهم وأخيراً أوبئة فى كل مكان تحاصر هؤلاء «الغلابة» المنسيين.. «الوطن» زارت القرى التى أكد أهلها أن الفقر وإهمال المسئولين تآمرا عليهم ووضعاهم وأطفالهم خارج معادلة الاهتمام والحياة الكريمة. يتحدث «حسن محمد سعيد» مقيم بقرية الزنانيرى بأولاد صقر، عن المعاناة التى يعيشونها على مدى أكثر من 20 عاماً، قائلاً: «إحنا ناس غلابة ساكنين فى هذه القرى وبنعتمد فى رى الأراضى الزراعية وقضاء حوائجنا على مياه ترعة القصبى، رغم إننا عارفين أن ده هيأثر على المحاصيل بشكل سلبى وهينقل لينا الأمراض» مشيراً إلى أن الترعة ممتلئة بالحيوانات النافقة والقمامة كما يتم فيها التخلص من مياه الصرف الصحى ونفايات الغسيل الكلوى لمستشفى أولاد صقر. وتابع قائلاً «اشتكينا كتير للمسئولين ومحدش سأل فينا». وأضاف: مشكلة الصرف الصحى مصاحبة للأهالى منذ عدة سنوات، لافتاً إلى أنهم يعتمدون على «الطرنشات» التى يتم كسحها من مرتين إلى 3 مرات فى الأسبوع الواحد بتكلفة تتراوح من 200 إلى 300 جنيه شهرياً علماً بأن سيارات الكسح تلقى مياه الصرف بالترع المخصصة للرى وتختلط مياه الشرب بتلك المياه. بصوت حزين قالت «فتحية عوض الله» ربة منزل مقيمة بقرية إسكندر: «بنضطر نغسل الأوانى والملابس فى مياه الترعة الملوثة عشان محرومين من المياه النظيفة». وتابعت: «الأطفال بيتجمعوا عشان يلعبوا وبينزلوا المياه ويلعبوا فيها والآباء والأمهات مش بيعرفوا يسيطروا عليهم ولا يمنعوهم ينزلوا الترعة». «معظم الأهالى عندهم فشل كلوى وأمراض كبد وبلهارسيا».. هذا ما يؤكده السيد محمد فلاح، أحد الأهالى، مشيراً إلى أنه يعانى من الفشل الكلوى منذ 3 سنوات، لافتاً إلى أنه يعانى أيضاً من الإهمال داخل المستشفيات عند تلقى العلاج. «السيد» لم يكن هو الحالة الوحيدة التى تعانى من الفشل الكلوى، فالحاجة فوزية حامد 60 عاماً إضافة لإصابتها بمرض الكبد أيضاً والتهابات بالأعصاب تعانى هى الأخرى من الفشل الكلوى، قالت بصوت متقطع: «إحنا خلاص حياتنا خلصت والأهم العيال الصغيرة إحنا خايفين عليهم تتنقل ليهم الأمراض وتقضى عليهم». وطالبت المسئولين بالنظر بعين الرحمة للأطفال وإبعاد أسباب الأمراض والأوبئة عنهم، قائلة: «دول مستقبل البلد حرام نسيبهم يموتوا ولّا لما يكبروا يبقوا ضعاف من المرض وما يقدروش يبنوا البلد». سيدة أحمد من قرية إسكندر، قالت: «إحنا مش بنتعامل زى البنى آدمين، حتى الطرق فى القرية غير صالحة نهائى ومفيش عربية ممكن تمشى فى القرية والوسيلة الوحيدة هى التوك توك»، وتابعت «الواحدة مننا لو راحت السوق واضطرت تاخد معاها ابنها الصغير متعرفش تمشى على الطريق لأنها ممكن تقع أو يقع الخضار اللى اشترته أو يقع ابنها خصوصاً إن فيه مساقى للرى محفورة ومهجورة وماتمش ردمها من سنين» لافتة إلى أن ذلك يدفعهن لاستقلال التوك توك ويدفعون تعريفة للركوب 5 جنيهات ما يشكل عبئاً عليهم خاصة فى ظل غلاء المعيشة. وأضاف «مسعد محمد جاد»: «قرى زنانيرى، الحاج على، أم غامز، إسكندر، روزا، الطوبجى محرومة من كل الخدمات وبرغم تبعيتها لمدينة أولاد صقر إلا أن كل الميزانيات مخصصة لصالح المدينة فلا يوجد فى هذه القرى صرف صحى أو مياه شرب أو أعمدة إنارة أو مخابز أو إسطوانات للبوتاجاز»، مشيراً إلى أنهم تقدموا بالعديد من الشكاوى للمسئولين من أجل المساهمة فى القضاء على تلك المشكلات دون جدوى. ولفت إلى تخصيص 400 ألف جنيه لرصف الطرق تم استغلالها لرصف شارع واحد بالمدينة فى حين أن القرى يقع بها كثير من الحوادث التى تزهق أرواح الأهالى كما أن سيارات الإسعاف ترفض الدخول بالعديد من الشوارع لأن الطرق غير ممهدة. «الأطفال معرضون للأمراض والموت والاختطاف» ولو سلموا من حاجة مش هيسلموا من التانية. هكذا يصف «عزت على» مقيم بقرية الحاج على حال الأطفال فى القرى، موضحاً «أن ال 6 قرى لا يوجد بها مدارس سواء ابتدائى أو إعدادى أو ثانوى وأن أقرب مدرسة تبعد عن مكان إقامتهم عدة كيلومترات يضطر الأطفال لسلك الطرق سيراً على الأقدام ما يجعلهم يتعرضون لحوادث الطرق أو الاختطاف على أيدى بعض الخارجين على القانون». ويروى الطفل «إسلام محمود محمد» طالب بالتعليم الابتدائى ومقيم بقرية إسكندر، قصة تعرضه للاختطاف، قائلاً: «أنا كنت رايح المدرسة قبل امتحانات النصف الدراسى الأول وأنا ماشى فى الطريق ماكانش فيه ناس وفجأة لقيت 2 راكبين توك توك واحد سايق والتانى شدنى من الشنطة ودخلنى التوك توك وكانوا مغطيين وشهم بحاجة سودة وبعدين صرخت وعضيته فى إيده ورميت نفسى من التوك توك راحوا سايبنى وجاريين أول ما شافوا الناس بدأت تتجمع على صوتى». وتابع قائلاً: «أنا وكل زمايلى نفسنا يكون عندنا مدرسة قريبة». ويعود «عزت» لمتابعة حديثه، قائلاً: «الأهالى اتبرعوا بقطعة أرض عام 1999 بقرية الزنانيرى لإنشاء مجمع مدارس «حضانة وابتدائى وإعدادى».. لافتاً إلى أن الأرض كانت عبارة عن مقلب للقمامة إلا أن الأهالى قاموا بتنظيفها وإصلاحها والتبرع بها لإنشاء المدرسة وصدر العديد من القرارات لإدراجها بخطة الموازنة عدة مرات لإنشاء المدرسة دون جدوى، وعندما تقدمنا بشكاوى أخبرنا المسئولون بأنها مدرجة ضمن المدارس التى سيتم إنشاؤها هذا العام ولا ندرى إذا كان سيتم إنشاؤها أم لا.