أثارت سيطرة مقاتلين إسلاميين على مناطق واسعة في العراق مخاوف الأردن من تمدد تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) إلى المملكة التي تعاني أمنيا من وجود عدد كبير من السوريين وتنامي أعداد الجهاديين. وتفاقمت مخاوف المملكة بعد سيطرة مسلحين ينتمون إلى التنظيم المتطرف وتنظيمات أخرى وعناصر من حزب البعث المنحل على الموصل ثاني مدن العراق، وقسم كبير من محافظة نينوى (شمال) وتكريت ومناطق أخرى في شمال وشرق وغرب البلاد. ويحذر خبراء من أن الأردن قد يكون الهدف القادم فيما تظهر مقاطع فيديو على الإنترنت تهديدات أطلقها التنظيم باستهداف المملكة التي تعاني أمنيا نتيجة وجود نحو 650 ألف لاجئ سوري وجهاديين أردنيين انضم عدد منهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" ومجموعات أخرى للقتال في العراقوسوريا. ويقول عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية، لوكالة "فرانس برس"، "إما جاهل أو يعيش حالة انكار من ينفي أن لداعش مؤيدين وانصار داخل الأردن". وأضاف أن "هذا التنظيم له موطئ قدم هنا وإلا كيف لنا أن نفسر وجود نحو ألفي مجاهد أردني في سورياوالعراق". وشارك نحو 60 شخصا الجمعة في تظاهرة في مدينة "معان" (جنوب المملكة) تأييدا ل"فتوحات" التنظيم في العراق. ويتفق حسن أبو هنية الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، مع الرنتاوي. ويقول ل"فرانس برس": "على المملكة أن تقلق وبشدة. فهناك تنظيم منظم جيدا وقوي وعازم على توسيع مداه فهو أعلن دولة إسلامية في العراق والشام ووضع الأردن كجزء من دائرة استهدافه وتوسعه". وحذر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في مقابلة بثت أمس الأول من مخاطر الهجوم الكاسح للمسلحين الإسلاميين المتطرفين في العراق على استقرار المنطقة برمتها. وقال أوباما في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" أن "المشكلة الحالية هي أن مقاتلي داعش يزعزعون استقرار البلد (العراق) لكن يمكنهم ايضا التوسع نحو دول حليفة مثل الأردن". ونشر موقع يوتيوب مقطع فيديو لمقاتل يافع من التنظيم يحمل جواز سفر أردني ويقول قبل أن يمزقه "رسالة إلى طاغوت الأردن، جئناكم بالذبح وبالأحزمة (ويشير إلى حزام ناسف يرتديه).. أقسم بالله سنأتيكم بالمفخخات بأطنان مطننة بإذن الله". ويميل معظم مؤيدي التيار السلفي الجهادي في الأردن إلى تأييد "جبهة النصرة" في سوريا التي خاضت معارك دامية ضد "الدولة الإسلامية في العراق والشام". ورغم أن للتنظيم مؤيديه في الأردن إلا أن قيادات التيار السلفي الجهادي في المملكة انضموا لزعيم القاعدة أيمن الظواهري، في انتقاد وحشية "الدولة الإسلامية في العراق والشام". وقام 6 أشخاص يشتبه بأنهم من مؤيدي التنظيم في الأردن، الأسبوع الماضي بالاعتداء على الداعية الإسلامي اياد القنيبي الذي كان وجه انتقادات "للدولة الإسلامية"، وحطموا سيارته. ولم يوجه القنيبي، الذي يؤيد جبهة النصرة، الاتهام إلى أحد إلا أن قيادات في التيار السلفي وآخرين وجهوا أصابع الاتهام إلى أنصار "الدولة الإسلامية في العراق والشام". وقال القيادي السلفي محمد الشلبي، المعروف ب"أبي سياف" "لسنا على اتصال تنظيمي مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، لكن مما لا شك فيه أن للتنظيم أنصاره في الأردن وأعدادهم ليست قليلة". ووصف ما يحدث في العراق بأنه "صراع بين الحق والباطل لكن يشوبه بعض الشوائب التي نتمنى من الله أن تزول ونتمنى أن تكون هذه بداية لخلافة إسلامية قادمة". أما محمد أبو رمان، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية والخبير في الحركات الإسلامية، فرأى أن "هناك قلقا أردنيا من صعود "داعش" سواء في العراق أو سوريا فاقمه الحديث عن انهيار الجيش العراقي على الحدود الشرقية". وأضاف ل"فرانس برس" أن "هناك تحولا جذريا في المنطقة ويشكل تحديا أمنيا إقليميا فنحن لم نعد نتحدث عن دول مستقرة وإنما عن حروب داخلية وأهلية ومليشيات تتقاتل وهذا يشكل خطرا كبيرا سواء من الشرق أو الشمال". ووفقا لتقرير لمؤسسة "ستراتفور" الأمريكية الخاصة بالاستخبارات والتحليل الاستراتيجي فإن "نية (داعش) التوسع باتجاه الأردن تتبع المنطق الجيوسياسي في المنطقة". وأضافت المؤسسة على موقعها الإلكتروني "بعد الهجوم على العراق والسيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي السورية يمكن للتنظيم الجهادي أن يحاول دخول المملكة.. الأردن هو الوحيد المتاح أمام داعش". إلا أنها أضافت أن التنظيم سيواجه تحديات كبيرة "فالنظام الأردني أكثر ثباتا من الأنظمة في سورياوالعراق وأجهزته الأمنية اثبتت دائما فعاليتها ناهيك عن أن المملكة تحظى بدعم واشنطن والسعودية". ويتعامل الأردن بجدية تامة مع هذه المخاطر والتهديدات. ويقول محمد المومني، وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة ل"فرانس برس"، "نراقب بقلق شديد ما يحدث في العراق".