قالت مصادر دبلوماسية إن قرار عودة مصر للاتحاد الأفريقى جاء بعد جهود دبلوماسية مكثفة استمرت طيلة 11 شهراً تقريباً. وأكدت المصادر، التى رفضت ذكر اسمها، ل«الوطن»، أنه كانت هناك اتصالات يومية بالمسئولين داخل مقر الاتحاد الأفريقى فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لاستعراض التطورات السياسية أمام المسئولين وممثلى الدول الأعضاء، فضلاً عن اللقاءات الودية التى كانت تجرى بين سفير مصر فى إثيوبيا محمد إدريس وسفراء الدول الأفريقية، واستعراض آخر التطورات السياسية، فيما يخص الاستفتاء على الدستور، والانتخابات الرئاسية، والمشاركة المصرية المؤيدة للنظام الحالى والرافض لحكم الإخوان. وأوضحت المصادر أن الزيارات التى أجراها وزير الخارجية السابق نبيل فهمى إلى العديد من الدول الأفريقية كان لها دور كبير ومؤثر فى إقناع رؤساء وقيادات هذه الدول بأن ما حدث فى مصر لم يكن انقلاباً وإنما ثورة شعبية قام بها المصريون مثل ثورة 25 يناير، والجيش تدخل فى الحالتين لحماية الشعب وليس للسيطرة على الحكم. كما أشارت المصادر إلى أن ترتيبات وزارة الخارجية المكثفة للزيارات الثلاث للجنة الحكماء إلى القاهرة كانت لها الدور الأقوى أيضاً فى إقناع اللجنة برؤية الأمور على حقيقتها، ونقل ذلك إلى قيادات وممثلى الدول داخل الاتحاد، والعمل على استعادة نشاط مصر بعد القرار الخاطئ، الذى اتخذه الاتحاد بسبب رؤية غير واضحة. من جهته، أكد سفير مصر فى غينيا الاستوائية، السفير محمد كاظم، ل «الوطن»، أن مصر بدأت التحضير للمشاركة فى الاجتماعات التحضيرية الخاصة بالقمة الأفريقية التى تنعقد على المستوى الرئاسى يومى 26 و27 يونيو الحالى. ومن المتوقع مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة، كأول مشاركة له بعد توليه الحكم، وبعد عودة نشاط مصر للاتحاد الأفريقى، فضلاً عن اللقاء المرتقب بينه وبين رئيس وزراء إثيوبيا هيلى ماريام ديسالين، فى خطوة مهمة لرأب الصدع بين البلدين بعد أزمة بناء سد النهضة. ورحب سياسيون بقرار مجلس السلم والأمن الأفريقى، بعودة مصر إلى عضوية الاتحاد الأفريقى، بعد تعليق أنشطتها فى أعقاب ثورة 30 يونيو. وقال السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، ل«الوطن»، إن عودة مصر إلى عضوية الاتحاد أمر متوقع وطبيعى فى ظل انتظام المشهد السياسى داخل البلاد، والمضى فى خارطة الطريق بشكلها الصحيح والمتفق عليه، منذ ثورة 30 يونيو، واستكمال الاستحقاق الثانى منها، بتنصيب عبدالفتاح السيسى رئيساً للبلاد فى انتخابات اتسمت بالشفافية والنزاهة، مضيفاً: «القرار خطوة تؤكد أن مصر ماضية فى استعادة مكانتها وريادتها مرة أخرى فى أفريقيا، والمنطقة العربية، فلا يمكن أن تُعاقَب تحت أى ظرف». وأشار «العرابى» إلى أن قرار تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الأفريقى كان خطأ فادحاً، لأن دولتنا أكبر من أن تستبعد، لما لها من دور طبيعى فى أفريقيا كلها، وبعودتها للاتحاد سيعود تأثيرها على القارة السمراء بما ينعش اقتصادها ويساعد على تطويرها، حال التعاون اقتصادياً وسياسياً بين الطرفين. وأكد وزير الخارجية الأسبق أن مصر ستستعيد فى المرحلة المقبلة موقعها الطبيعى على المستوى الأفريقى والعربى والدولى، خصوصاً أنها تتحرك بشكل طبيعى فى محيطها، وتسعى لعلاقات متوازنة مع الدول. وقال الدكتور أيمن الصياد، المستشار السابق لرئيس الجمهورية «المعزول»، إن قرار عودة مصر إلى الاتحاد الأفريقى مرتبط بقواعد تحكم الاتحاد حالياً، وعندما وجد الاتحاد مصر استوفت تلك القواعد والشروط اللازمة للعضوية كان من الطبيعى أن تعود، مضيفاً: «مصر من الدول المؤسسة للاتحاد الأفريقى، ولا يجب المبالغة فى قرار عودة عضويتها، لأن الأمر مرتبط بقواعد وشروط تنظيم المشاركة والانضمام».