سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجيوش «النظامية» والميليشيات المسلحة.. حانت لحظة «المواجهة» جيشان يتنازعان «الشرعية» فى ليبيا.. وجماعات الإرهاب زادت بنسبة 50٪ فى آخر 3 سنوات.. وأصبحت تضم أكثر من 60 ألف مقاتل
مع تزايد حدة الصراعات بين الميليشيات المسلحة التى تدخل فى مواجهات مع جيوش الدول النظامية، فى دول غير بعيدة جغرافياً وحدودياً عن دول الخليج، صارت دول مثل السعودية والإمارات والكويت والبحرين تسعى لنفى علاقتها بتلك التنظيمات، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع مواطنيها من السفر إلى مناطق الصراعات للمشاركة فى تلك المعارك بين الجيوش والميليشيات. وأبدى خبراء أمنيون واستراتيجيون عرب مخاوفهم من وجود الجيوش غير النظامية فى العراقوسوريا وليبيا، مؤكدين أنه لا بد من مواجهة تلك التنظيمات التى تحصل على دعم إيرانى. واعتبر الدكتور فهد الشليمى، الخبير الأمنى والاستراتيجى الكويتى العقيد الركن المتقاعد، أن الجماعات المسلحة والجيوش غير النظامية الموجودة فى العراقوسوريا تهدد أمن دول مجلس التعاون الخليجى، خاصة السعودية والكويت، لوجود حدود مشتركة لهما مع العراق، فضلاً عن وجود مسلحين فى سوريا من جنسيات خليجية يمكنهم العودة مجدداً لبلادهم بعد انتهاء الصراع فى سوريا، مما يجعل ملف «العائدين من سوريا» من أهم مهددات الأمن القومى لتلك الدول. وأكد «الشليمى» ل«الوطن» أن الدول الخليجية أدركت خطورة التحاق أبنائها بالمجموعات الإرهابية المقاتلة فى سوريا فقامت بإصدار قوانين تمنع التحاقهم بتلك الجماعات أو تأييدها أو تمويلها أو التعاطف معها، كما فعلت السعودية مؤخراً. وأوضح أن تلك الجماعات لا تتمتع بأرضية شعبية أو غطاء سياسى فى دول الخليج. ودعا إلى ضرورة التركيز على خطورة الإرهاب «الشيعى» المدعوم إيرانياً مثل مجموعات جيش المهدى وأنصار الله وحزب الله وعصائب أهل الحق؛ لأن السائد فى الإعلام التركيز على المجموعات السنية فقط، مؤكداً أن تدخل إيران لدعم هذه التنظيمات، أو وجود مقاتلين إيرانيين يدعمون نظام رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى، سيؤدى لإشعال صراع سنى - شيعى فى المنطقة. وأضاف: «الجماعات الإرهابية زادت بنسبة 50% بين عامى 2010 و2013، ووصلت أعداد الإرهابيين إلى نحو 60 ألف مقاتل فى بعض التقديرات، وهذا الانتشار يهدد أمن دول الخليج؛ لأن عملية إرهابية واحدة على مصفاة بترول قد تكلف الدولة أكثر من 200 مليون دولار وتهدد استقرارها ونموها الاقتصادى». وقالت الدكتورة ابتسام الكتبى، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، ل«الوطن»، إن اشتعال الأحداث فى العراق نتيجة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) يجعل دول الخليج أكثر تأثراً بهذه العمليات الإرهابية؛ لكونها عرضة لانتقال بعض عناصر هذه التنظيمات إليها عبر الحدود المشتركة بين بعض دول الخليج والعراق. واعتبرت «الكتبى» أن هذه التنظيمات تحمل فكراً أكثر تطرفاً من تنظيم «القاعدة»، بدليل عمليات القتل البشعة وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث التى تقوم بها تلك الجماعات بين الحين والآخر. ودعت رئيسة مركز الإمارات للسياسات لوجود موقف موحد من دول مجلس التعاون الخليجى ضد هذه الجماعات المسلحة، مؤكدة أنه لم يصدر بيان موحد حتى الآن من دول المجلس ضد هذه الجماعات، باستثناء جهود إماراتية منفردة، مثل اتصال وزير الخارجية الإماراتى الشيخ عبدالله بن زايد بوزير الخارجية العراقى هوشيار زيبارى للاطلاع على تطورات الأوضاع فى العراق وتأكيده دعم الإمارات للعراق ضد الإرهاب. وأكدت «الكتبى» أن الإمارات لا تخشى من مشكلة «العائدين من سوريا»؛ لأنها ليس لديها مواطنون يقاتلون فى سوريا مثلما هو الحال بالنسبة للسعودية والكويت. من جانبه، أكد إبراهيم المناعى، الدبلوماسى البحرينى السابق بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجى، ل«الوطن»، أن دخول الدول فى حروب مع الجيوش غير النظامية والجماعات الإرهابية يعد أكثر خطورة الآن، نتيجة اعتماد الدول المتصارعة فى المنطقة على سلاح الحرب بالوكالة، من خلال تلك التنظيمات بدلاً من الدخول فى حرب نظامية مباشرة. وأكد الملا ياسين رؤوف رسول، ممثل الاتحاد الكردستانى فى مصر، ل«الوطن»، أن الصراع الحالى فى العراق له تأثير سلبى على أمن العديد من دول المنطقة ومن بينها دول الخليج وإيران وتركيا وسوريا، معتبراً أن ذلك سيزيد من الأعباء على الجيوش النظامية بالمنطقة، خاصة بعد المكاسب التى حققتها تلك الجماعات، خلال احتلالها عدداً من المناطق وفرض نفوذها على مناطق أخرى فى العراق. وننتقل إلى الوضع فى ليبيا الذى أصبح أقرب إلى وصف «دولة الميليشيات»، بعد أن نسى الليبيون المعنى الحقيقى للجيوش الوطنية، واعتادوا مشاهد فرق شبه عسكرية تنصب نفسها بديلة لجيش الدولة النظامى، حتى إن بعضها يعمل تحت لواء الحكومة، ويصفى حساباته مع الميليشيات والتيارات الأخرى. كل هذه الميليشيات والفرق شبه العسكرية التى تتمزق ليبيا بينها الآن تعمل وفق أجندات مختلفة، كما تحكمها مصالح الأطراف السياسية الفاعلة داخل الدولة وأجندات قوى إقليمية ودولية، الأمر الذى ساهم فى ضياع صورة الدولة الليبية كمصدر واحد للحكم يملك الأدوات اللازمة التى تمكنها من فرض إرادتها وسيادتها على المحكومين، بما فيها الشرطة والجيش النظاميان. ومنذ إسقاط نظام معمر القذافى فى 2011 تحولت ليبيا إلى دولة ميليشيات، حتى إن النواة التى وضعت لبناء جيش احترافى حديث لم يكتب لها النجاح إلى الآن، بفعل خضوعها لأجندة الأطراف السياسية وسيطرة الإسلاميين عليها تحديداً. يرصد دليل أعدته هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» أهم الميليشيات الرئيسية فى ليبيا، والقوى التى تمثلها تلك الميليشيات غير النظامية بشكل يجعلها أقرب للجيوش الجوالة، فى محاولة لقراءة خريطة التفاعلات بينها: 1- جيشان يتنازعان السلطة فى ليبيا.. جيش العاصمة يعانى الانشقاقات وسيطرة الإسلاميين.. وجيش «حفتر» يحارب الإرهاب. يحاول الليبيون بناء جيش وطنى ليبى، لكن لا يمكن القول إنه يمثل قوة فاعلة. وتم تدريب الجيش والمجندين الجدد بعد انسحاب ميليشيات مدينة مصراتة التى كانت منتشرة فى العاصمة طرابلس، وبدأت تظهر فى الشوارع لمساعدة قوات الأمن العادية للمرة الأولى فى نوفمبر 2013، لكن أزمة الجيش الليبى أنه لا يمتلك جنوداً من ذوى الخبرة، حتى أولئك الذين كانوا بين صفوفه ونجوا من الحرب التى أطاحت بنظام «القذافى» تركوا خدمتهم ورفضوا العودة إلى صفوف القوات المسلحة مع أن الحكومات المتعاقبة بعد سقوط «القذافى» طالبتهم بالعودة لوظائفهم. وهناك فصائل سياسية تقول إن «الجيش ورئاسة أركانه خاضعان لسيطرة جماعة الإخوان والجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة، وغيرهما من الجماعات الإسلامية». كذلك حتى هذا القوام للجيش أرهقته الانشقاقات الداخلية مع ظهور ما يعرف ب«قوات الجيش الوطنى الليبى» بقيادة اللواء خليفة حفتر قائد القوات البرية السابق فى الجيش، الذى نفذ عملية عسكرية فى بنغازى شرق ليبيا ضد من وصفهم ب«الجماعات الإرهابية»، وبدأت بعض القوات والكتائب التابعة للجيش النظامى تنشق عنه وتنضم لقوات «حفتر».