استنكر الجميع الفيلم المسىء للرسول لما فيه من استهزاء وتطاول على الدين الإسلامى ورسوله محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولكن ما عرض من الفيلم (لأنه برومو أو تنويه فقط) ليس سوى مضمون ركيك وحقير أخذ أكثر من حجمه بسبب تداولنا له وإعطائه كثيراً من الاهتمام من قبل وسائل الإعلام المختلفة، فبالطبع كل ما يراد من هذا الفيلم هو استفزاز مشاعر المسلمين لما لدى الرسول من مكانة عند المسلمين جميعاً وأيضاً قصد عرضه فى ذكرى (11/9) للعبث فى مشاعر الغرب تجاه الإسلام، وللأسف لعبت الكثير من القنوات العربية دوراً خاطئاً بالترويج لهذا الفيلم الوضيع عندما عرضت لقطات منه واستطردت فى تحليله، مما أدى إلى جذب الانتباه إليه، فحين ينتشر مثل هذا الفيديو فى العصر الرقمى بتعدد قنواته الهائل، فإن أفضل رد هو تجاهله بدلاً من الاهتمام به الذى جعل الملايين يشاهدونه. فكما قال عمر بن الخطاب: «أميتوا الباطل بالسكوت عنه ولا تثرثروا فينتبه الشامتون»، ولكن تسارعت معظم وسائل الإعلام وركزت على حجم الإساءة وما يحتويه الفيلم من ألفاظ ومشاهد نستنكرها جميعاً، ولم تنتبه لنقاط أخرى هامة: أولاً: لم تلقِ كثير من القنوات الضوء على تصريحات الأزهر الشريف فى حق التظاهر ولكن مع ضرورة عدم استخدام العنف الذى يسىء لصورة الإسلام الذى يؤكد ما يحاول الآخرون نسبه للإسلام على أنه دين العنف والتطرف والإرهاب أو على أنه دين لا يرى فى المرأة إلا جسدها ولا يخاطب عقلها أو قلبها؛ لذلك كان يجب أن تتسم ردود الفعل الإسلامية بالحكمة والعمل على إيضاح حقائق الإسلام ومبادئه وأن يكون رد الفعل متماشياً مع ما علمه لنا الرسول الكريم. ولكن ما نشاهده الآن من أعمال العنف المتطرفة هو تجاوز للغضب المشروع وخروج على تعاليم رسول الله، كما أنه يزيد من الترويج لفيلم ما كان لأحد أن يسمع عنه أو يراه ولو صرفت المئات من الملايين على دعايته. ثانياً: يجب أن نعلم أن هذه الأعمال لا تعبر عن رأى الشعب أو الحكومة التى أنتج الفيلم على أرضها وذلك لأن دساتير كثير من الدول الغربية تضمن حرية الرأى والتعبير ولذلك ليس لديها من قوانين تجرم ازدراء الأديان لكى تفرض عقوبة على أمثال هؤلاء الذين قاموا بهذا الجرم سواء من الذين أنتجوا هذا الفيلم المسىء أو للذين قاموا من قبل بنشر رسوم كاريكاتيرية تسخر من الرسول (عليه الصلاة والسلام)، ولكن تسمح الدساتير بحق التقاضى واتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد هؤلاء الأفراد العابثين. وأخيراً، يجب استغلال وسائل الإعلام المختلفة وإنتاج أعمال هدفها تنوير العقول بمبادئ الدين الإسلامى وأهمية احترام الأديان السماوية ورموزهم وتعاليم هذه الأديان. وذلك لأن ما عرض من فيلم يسىء للرسول يمكن أن يتكرر وينتشر فى عصر التعددية والإعلام الجديد ليصل إلى كل شعوب الأرض المختلفة؛ لذلك لا بد من الإسراع والبدء فى إنتاج أعمال هدفها تعليم وتثقيف الآخرين وتوعيتهم بالدين الإسلامى، فنصرة الرسول تكون بإبراز رسالته قولاً وفعلاً وليس من خلال حرق السفارات أو سفك الدماء أو استخدام العنف الذى يستغل من أجل الإساءة للإسلام والمسلمين، وعندما يتم إنتاج صورة الإسلام الصحيحة لهم كما أنزلها الله تعالى ودعا لها الرسول عليه السلام نكون قد صححنا صورة الإسلام ورسالته فى عقولهم وبالتالى سوف تهمش مثل هذه الأعمال العبثية من أفراد بائسين لا يمثلون شعوبهم أو حكومتهم.