لم تستهوه غرائز مراهقته، رفض الاندفاع وراء متطلبات وقتية ربما يندم على الانصياع لها بعدما يأخذ العمر منحاه التصاعدي، فضّل أن يستغل فترة عنفوانه بالانضمام إلى حياة "المجتمع المدني"، طفلا كبير الذهن، حينما بدأ نشاطه في مكتبة الإسكندرية، وبدأ لتوه يحمل لقب المراهق، عندما وصل إلى مرحلة الشهادة الإعدادية، فاشترك في نماذج المحاكاة بالمكتبة وحملات مكافحة التحرش والصحة وتنظيم حملات نادي القراءة، وكل ما ينتمي إلى الأنشطة الثقافية. حاتم محيي الدين، ذو ال17 عاما، تعهّد أمام نفسه أن يتفوق دراسيًا مثلما أعطى جهدًا كبيرًا ووقتًا أكبر لخدمة الآخرين من خلال الأنشطة الاجتماعية، بالنزول إلى القرى الفقيرة وتوفير خدماتها الصحية والثقافية، وتخطى السنة الثانية في الثانوية العامة بمجموع فاق نسبة ال90%، واستعد بكل ما أوتي من جهد إلى امتحانات السنة الأخيرة التي ستبدأ بعد أيام، قبل أن يتحوّل طريقه إلى مكان لا يعلمه، لم تطأه قدماه يومًا، بدلا من أن يذهب إلى المنزل بعدما أنهى أحد دروسه. يروي شريف محيس الدين، شقيق "حاتم الأكبر"، تفاصيل اختفاء أخيه منذ 48 ساعة، كانت آخر مكالمة ما بيني وبينه عصر الثلاثاء الماضي، عندما أنهى درسه بمنطقة سيدي جابرفي الإسكندرية، وكان الطريق في غاية التكدس والازدحام بسبب احتفال انتخابي، فأخبرني أنه سيضطر للمشي من شارع أبو قير المزدحم، وحتي منطقة رشدي، على البحر، وصولًا غلى منزلنا. ويضيف: "منذ ذلك الوقت لم نترك بابًا إلا وطرقناه، حيث أبلغنا النجدة، وجميع المستشفيات، والأقسام، واستفسرنا من المنطقة الشمالية العسكرية، و س2، وس 3 العسكريتين، والتحريات العسكرية، وإدارة النيابة العسكرية، ومقر المخابرات بالإسكندرية، بل وحتى المشرحة". أوضح "شريف"، ل"الوطن"، أنهم لم يجدوا ردًا إلا من بعض المصادر داخل مديرية أمن الإسكندرية، التي أكدت لهم أن "حاتم" يخضع لتحقيقات الأمن الوطني، ووزارة الداخلية تنفي "رسميًا" وجوده. حررت أسرة طالب الثانوية العامة، محضرين، الأول بعد أول 24 ساعة مرت على غيابه يحمل رقم (71 ح بتاريخ 28 -5-2014 - قسم المنتزه ثان)، بالإضافة إلى الإخطار الأوَلي للإدارة العامة للنجدة، والثاني "بلاغ تصعيدي" بعدما جاءتهم أنباء عن تعرضه للتعذيب، فقدموا البلاغ لمساعد مدير الأمن لقطاع حقوق الإنسان برقم (481 بتاريخ 29 مايو 2014). شدد "شريف محيي الدين" على أن أخيه لا ينتمي لأي فصيل أو حزب سياسي، ولم يشارك يومًا في الأنشطة السياسية، وكان عمله الدائم بأنشطة المجتمع المدني المختلفة، لخدمة الناس، مستنكرًا نسب بعض الفصائل السياسية "أخيه" إليهم، لأنه لم يستخرج بطاقة شخصية إلا منذ فترة قصيرة، نظرًا لشهرته على مستوى المجتمع المدني، وفي مكتبة الإسكندرية من خلال أنشطته. ومن جانبهم دشن مجموعة من النشطاء، والأشخاص الذي يعرفون حاتم بشكل شخصي، على موقعي التوصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتير" هاشتاج "فين حاتم" و"حاتم فين"، للاطمئنان عليه.