يقدم مسرح "شاوبوينه برلين" الألماني للمرة الأولى في الضفة الغربية، مساء بعد غد الأحد على مسرح "القصبة" في رام الله، رائعة الشاعر والكاتب المسرحي الإنجليزي وليام شكسبير "هاملت" للمخرج الألماني توماس أوسترماير الذى حضر خصيصا لتقديم عرضه تضامنا مع الشعب الفلسطيني فى قضيته. وقال أوسترماير "أتيت إلى رام الله لأقدم هذا العرض، للمرة الأولى في الضفة الغربية، تضامنا مع القضية الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني الذي يعاني تحت وطأة الاحتلال منذ عقود، وقدمت فرقتي من قبل مسرحية هاملت في القدسالغربية، ومن هنا أوجه رسالة مهمة مفادها أن رام الله ليست أقل مكانة أو أهمية من القدسالغربية، إننا يجب أن ندعم الفلسطينيين ونقف بجانبهم في معاناتهم". وأضاف المخرج الألماني أن هناك أيضا سببا شخصيا لتقديم عرضه "هاملت" في رام الله، وهو أنه يهدي هذا العرض إلى روح صديقه المخرج والممثل جوليانو مير خميس (ولد لأب فلسطيني وأم يهودية) الذي قتل على أيدي مسلحين ملثمين في 4 أبريل 2011 أمام "مسرح الحرية" الذي كان قد أسسه عام 2006 في مخيم جنين للاجئين، مشيرا إلى أنه دعاه قبل وفاته ثلاث مرات لتقديم عروض فرقته "مسرح الحرية" في ألمانيا. وتذكر المخرج الألماني توماس أوسترماير أن صديقه جوليانو بعث له رسالة عبر البريد الإلكتروني يناشده فيها بمنع عرضه مسرحية "هاملت" في القدسالغربية في إطار "مهرجان إسرائيل" والتي كان من المقرر عرضها في يونيو 2011، إلا أن الالتزام مع الجهة المنظمة حال دون إلغاء العرض المسرحي. وأوضح أن فكرة عرض مسرحية "هاملت" في رام الله راودته كثيرا، وتمنى المجيء إلى الضفة الغربية لتقديمها إلا أن الإمكانات المادية لم تسمح بذلك، إذ يتكلف نقل الديكورات فقط من برلين إلى رام الله 22 ألف يورو، ما دفعه إلى الاستعانة بشباب من المسرح الفلسطيني تطوعوا طوال خمسة أيام لمساعدته على تنفيذ الديكور، وهي المرة الأولى التي ينفذ فيها الديكور خارج برلين في مكان العرض، فضلا عن أن وزارة الخارجية الألمانية هي التي تمول تكاليف العرض الأخرى بالكامل. وقال المخرج الألماني "ربما أقدمت الخارجية الألمانية على هذه الخطوة رغبة في تجاوز أزمة الضمير التي تلاحقها لصمتها تجاه معاناة الشعب الفلسطيني، وهو شأن دول أوروبية أخرى كثيرة، إن الحديث عن القضية الفلسطينية في ألمانيا يتسم بحساسية شديدة، بل إن من يتحدث في هذا الأمر يتهم بمعاداة السامية نظرا لإرث قديم في العلاقة بين الألمان واليهود، فلا أحد يجرؤ على الحديث سواء من السياسيين أو الفنانين أو المثقفين أو غيرهم"، معبرا عن أسفه الشديد لعدم وجود مسارح ومؤسسات ثقافية كافية في رام الله. وأقام توماس أوسترماير وفرقته المسرحية ورش عمل تدور حول فن التمثيل والإخراج المسرحي شارك فيها طلبة معاهد المسرح والفنون في رام الله وبيت لحم وحيفا والناصرة وجنين، موضحا "حدثني الطلبة الفلسطينيون الذين يدرسون التمثيل، في لقاءاتي معهم، عن قصص مرعبة مليئة بالعنف والقسوة عن الاحتلال الإسرائيلي وعن معاناتهم اليومية". من جانبه، قال جورج إبراهيم مدير مسرح "القصبة" في رام الله "أجرينا اتصالا مع فرقة مسرح "شاوبوينه برلين" الألمانية منذ عام ونصف العام، وأبدوا موافقتهم لعرض المسرحية في رام الله إلا أن الأمر تطلب وقتا كافيا لتدبير ميزانية خاصة لعمل ضخم يعرض للمرة الأولى في الضفة الغربية كلها، وأرسلوا لنا بالفعل (إسطوانة مدمجة) للمسرحية، وأعجبنا كثيرا أسلوب أوسترماير في الإخراج وأداء الممثلين لأدوارهم". وردا على سؤال حول مدى الإقبال على العروض المسرحية في ظل الأوضاع السياسية والأزمة الاقتصادية التي تشهدها الضفة، أجاب إبراهيم "هدفنا هو تعريف الجمهور الفلسطيني بالمسرح العالمى حتى يكون عنده ثقافة مسرحية، فمن الضروري أن يكون المسرح جزءا أساسيا من حياة الناس يعبر عن مشاكلهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ونجحنا بالفعل في استخدام المسرح كوسيلة لمناهضة الاحتلال، ولمحاربة الأفات الاجتماعية والمشاكل السياسية من خلال قصص إنسانية كثيرة "، مشيرا إلى أن مسرح "القصبة" الذي يعود تاريخه إلى عام 1970 هو المسرح الوحيد في فلسطين المجهز بأحدث التقنيات الحديثة. وأشار إبراهيم إلى أن المسرح يقيم سنويا مهرجان "القصبة السينمائي الدولي" الذي يشارك فيه نجوم من السينما العالمية، مثل: الممثل الأمريكي ريتشارد جير والممثلة الفرنسية جان بيركن، ومهرجان دولي آخر للمسرح بعنوان "أيام المنارة المسرحية" نسبة إلى دوار المنارة، (وهو ميدان شهير وسط مدينة رام الله)، إضافة إلى أكاديمية لتعليم الدراما تمنح شهادتها بالتعاون مع جهات أكاديمية ألمانية. وقدمت فرقة مسرح "شاوبوينه برلين" الألمانية عروضها من قبل في أكثر من ثلاثين مدينة حول العالم، من بينها: لندن وباريس وموسكو وسيدني وبوخارست وبرشلونة وكوبنهاجن وتايبيه وسان فرانسيسكو وكاراكاس، إلا أنها المرة الأولى التي تقدم فيها عرضا مسرحيا في مدينة عربية في رام الله.