رغم القتل والحصار والاحتلال، رغم الظروف السياسية العصيبة التي تلف الأراضي الفلسطينية، رغم المعاناة، رغم كل ذلك وأكثر ترتفع أياد للتصفيق وتبتسم وجوه لطالما كانت عابسة لما تري من ظلم وجور لتضحك علي مشهد من مسرحية أو مقطع من فيلم وأحيانا تجهش بالبكاء لتأثرها علي مسرحية تلامس الداخل الإنساني لتعايش الواقع الفلسطيني الصعب، حالة من المشاعر سواء من الفرح أو الحزن يخلقها مسرح فلسطيني يعرض علي خشبته العديد من الأعمال الثقافية منها الترفيهي ومنها الإنساني ، هو مسرح وسينماتك القصبة في مدينة رام الله في فلسطين. تأسس مسرح القصبة في مدينة القدس في عام 1970 تحت اسم فرقة الفنون المسرحية، وتم تغيير الاسم في عام 1984 حيث أصبح اسمه مسرح الشوك. وفي عام 1986 غيرت الفرقة اسمها مرة أخري ليصبح اسمه مسرح الورشة الفنية ليتناسب مع تطلعات القصبة في المسرح التجريبي ولإرساء أساليب فنية جديدة تقوم علي المعاصرة والتجديد. في عام 1989 تم بناء وترميم مسرح القصبة في مدينة القدس ليفي بأغراض العروض المسرحية والأعمال السينمائية المختارة وليكون مكان عرض دائم للفنون التشكيلية وملتقي للمثقفين والفنانين. ويتكون مسرح القصبة في مدينة القدس من قاعة تتسع ل 95 شخصاً بالإضافة إلي كافتيريا وقاعة معارض. في عام 1998 تم بدء العمل علي بناء وترميم مسرح وسينماتك القصبة في مدينة رام الله، هذا المسرح كان صالة سينما في السابق تسمي سينما الجميل التي أغلقت أبوابها في عام 1987 وتم إعادة فتحها باسم مسرح السراج منذ بداية التسعينات إلا أنها كانت قاعة غير مجهزة، ونظراً لعدم وجود بنية تحتية للفنانين الفلسطينيين فقد شكل مسرح وسينماتك القصبة أول بنية تحتية في فلسطين من خلال تجهيز قاعات للعروض مزودة بأحدث التقنيات المسرحية والسينمائية. تم افتتاح مسرح وسينماتك القصبة في مدينة رام الله في 1 يونيو 2000 ليصبح عنواناً للفن والإبداع، والذي أصبح وخلال فترة زمنية قصيرة واحداً من أهم المراكز الثقافية في فلسطين. يقدم المسرح رسالة ثقافية مهمة تهدف من خلالها كما يقول خالد عليان المدير التنفيذي لمسرح وسينماتك القصبة علي تفعيل الحياة الثقافية في فلسطين من خلال إما إنتاج أعمال مسرحية أو من خلال استضافة عروض فنية في مجالات المسرح والموسيقي والرقص بالإضافة إلي عرض الأفلام السينمائية اليومية وتنظيم الأسابيع والمهرجانات السينمائية المتخصصة، كما يقوم المسرح بتنظيم برامج ونشاطات ودورات وندوات ثقافية وفنية مختلفة، ويستهدف المسرح في عمله شرائح المجتمع بشكل عام بالإضافة إلي النساء والشباب والأطفال بشكل خاص.. يعتبر الإقبال علي مسرح وسينماتك القصبة كبيرا جدا، سواء علي المسرح لمشاهدة الأعمال المسرحية التي يقدمها طاقم الممثلين العاملين في المسرح أو الفرق المسرحية الأخري القادمة من المدن الفلسطينية وكذلك الفرق القادمة من خارج فلسطين أو لمشاهدة فيلم عربي أو أجنبي يعرض علي السينما بشكل يومي، وهي أشياء لطالما افتقدها المواطن الفلسطيني نظرا للظروف السياسية التي لطالما أعاقت الحركة الثقافية في فلسطين، ويرحب مسرح القصبة بالمؤسسات الثقافية، شركات الإنتاج والتوزيع، والمخرجين الراغبين بتقديم أفلامهم للجمهور الفلسطيني، ويرتاد المسرح والسينما مئات الأشخاص بشكل يومي من مدينة رام الله والأراضي الفلسطينية علي حد سواء ليزداد العدد خلال العطل الصيفية أو الأعياد، ولا يقتصر الحضور علي الكبار فقط بل يوجد عدد كبير من مرتادي المسرح والسينما من الأطفال بفضل عرض مسرحيات للصغار بالإضافة إلي عرض أفلام كرتون في السينما ويعمل المسرح علي عروض مسرحية ليس داخل مدينة رام الله فقط بل يتنقل طاقم الممثلين الخاص بالمسرح لعمل عروض مسرحية في مدن الضفة الغربية سواء في المدارس أو في مراكز ثقافية موجودة في تلك المدن. ويوجد في مبني مسرح القصبة مرافق عدة بالإضافة إلي دار السينما والمسرح كما يوضح عليان، حيث يوجد مسرح آخر بالإضافة إلي قاعتين كبيرتين يتم استئجارها من قبل مؤسسات أو شركات، كما يوجد مطعم وصالة تدريبات، ويعمل في المسرح ما يقارب ستة عشر موظفا ما بين طاقم إداري أو ممثلين يعملون علي المسرح. وعن إلحاق دار للسينما للمسرح فيقول عليان بأنه في عام 1987 أغلقت جميع دور السينما في فلسطين وذلك نتيجة لممارسات الاحتلال أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولي. وبعد 13 عام من إغلاق دور السينما، تم افتتاح مسرح وسينماتك القصبة في عام 2000، ليعيد الحياة السينمائية للجمهور الفلسطيني. والآن، يعتبر القصبة، السينما الوحيدة في فلسطين التي تعرض أفلاما بشكل يومي. واستطاع القصبة وخلال مدة قصيرة أن يخلق ثقافة سينمائية لدي الجمهور الفلسطيني، وذلك من خلال العروض اليومية، والأسابيع والمهرجانات السينمائية التي ينظمها بشكل دوري. والأفلام التي تعرض علي السينما تعتبر أفلاما تجارية حديثة تعرض في نفس الوقت في دور السينما العربية والغربية يتم شراؤها من شركات الإنتاج العربية والأجنبية لتقدم كوجبة ساخنة إلي الجمهور الفلسطيني كما تقدم وجبات دسمة من الأفلام الثقافية و الوثائقية التي تهم المواطن الفلسطيني لتجعله يواكب الحياة سواء في محيطه أو لدي شعوب العالم.