لا تحتاج لأن تتجول في شوارع قرية قنائية للتعرف على هوية المباني الموجودة ذات الطابع الريفي، أو خلفيتها الدينية التي تميل إلى التصوف، لكثرة مقامات أولياء الله الصالحين في الجبل التي تتخذه ظهيرًا لها. فبمجرد أن تدخل قرية المخادمة في مركز قنا، تجد لوحة فنية كبيرة على طول عرض منزل قديم تبين تفاصيل خريطة القرية من المنازل ومباني أخرى، رسمها الفنان، أحمد الأسد في صورة جمالية ولوحة فنية فريدة، ضمن مبادرة أطلقها بعنوان "الفن في مواجهة كورونا والتطرف". واتخذ "الأسد" من الطبيعة الريفية نبراسًا لتزيين واجهات المنازل والمباني المختلفة في القرية، ليطغى عليها رسومات نهر النيل الذي يقع على جانبيه القرى والمدن في الصعيد خاصة رغم قربه من الجبال، وكذلك المباني الريفية من الطوب اللبن وأشجار النخيل كجزء من الطابع الزراعي الذي يغلب على القرى الريفية في محافظة قنا. وكسر ابن محافظة قنا برسوماته على جدران المنازل والمباني ومن حوله عشرات الأطفال من أبناء قريته، حالة الملل الذي أصاب الجميع في مصر والعالم كله بسبب فيروس كورونا، فبعد مشاهدة أهالي "المخادمة" تلك اللمسات الجمالية التي تعبر عن ماضيهم وجزء منها ليس بقليل عن حاضرهم ، طلبوا منه إضفاء تلك المبهجات التي تسر عين الناظرين بعيدًا عن الدهانات التقليدية، ومن ثم وفروا له كل مواد الرسوم ليحول قرية إلى تحفة فنية. يقول أحمد الأسد، ابن قرية المخادمة في مركز قنا، صاحب 43 عامًا، إن موهبة الرسم اكتشفها منذ صغره ونماها والده من المراحل الأولى، حيث كان يجلب له الألوان وأدوات الرسم من القاهرة، وفي المرحلة الإعدادية كان يقيم له معرضًا في عيد قنا القومي، ثم التحق بالثانوية العامة في القاهرة، ومنها إلى كلية التربية الفنية جامعة حلوان، وقطن القاهرة، وبعدها شارك في العديد من الأعمال الفنية بالمسرح و التليفزيون، وعمل حاليًا في مدرسة خاصة. وأوضح أنه شعر بالملل من الحياة في القاهرة في ظل إجراءات كورونا، وقرر الانتقال إلى مسقط رأسه في الصعيد، وعندما وطأت قدماه وجد الحياة لا تختلف، فحالة الملل تسيطر على الجميع، لذا قرر تحقيق حلمه بالرسم على واجهات المنازل، وتحويلها إلى لوحات فنية تحت مبادرة "الفن يواجه كورونا والتطرف".