شيع الآلاف من أهالى قرية كفور العرب التابعة لمركز طلخابالدقهلية جثمانى الطفلين اللذين لقيا مصرعهما مساء الأحد الماضى متأثرين بإصابتهما بطلقات نارية، بعد أن فتح بطلجى يدعى السيد عرفات الرصاص عليهما بصورة عشوائية وأصاب أربعة آخرين من أبناء القرية بإصابات متفرقة وخطيرة، مما دفع الأهالى للإمساك به وزميله وسحلهما وحرق جثتيهما فى الطريق العام. وعمت حالة من الترقب أرجاء القرية منذ الساعة العاشرة من صباح أمس الأول وحتى صلاة العصر، وكان الجميع ينتظر وصول الجثمان فى الوقت الذى كانوا يتواصلون فيه مع أهالى المجنى عليه الذين كانوا فى طريقهم للقرية داخل سيارة إسعاف بعد أن تردد أن أشقاء البلطجى يريدون الانتقام له، وأنهم موجودون فى موقف طلخا ينتظرون أى فرد من القرية للفتك به، وهو ما جعل سيارات الأجرة تمتنع عن الخروج فى ذلك اليوم، خوفاً من انتقام أسرة البلطجى القتيل الذى تعرض للقتل والحرق. وقطع صوت سيارة الإسعاف الصمت الذى كان يسيطر على الأجواء، ليقف الجميع ويتأكد من أنها تحمل المجنى عليه «ناجى أحمد عبدالعليم» 13 سنة بعد إصابته بنزيف داخلى بالبطن والصدر، الذى لقى مصرعه داخل غرفة العمليات، والذى توفى فى نفس الوقت مع «محمد عبدالرحمن الحسينى» 15 سنة بعد إصابته بطلق نارى فى الصدر، وعلت أصوات المواطنين بالتكبير ودخلوا إلى الجامع الكبير وقام إمام المسجد بصلاة الجنازة مباشرة إلا أن الأهالى احتجوا وطالبوا بتأجيلها إلى ما بعد صلاة العصر وهو ما تم بالفعل. وقال الشيخ أحمد عبدالعزيز، إمام وخطيب مسجد القرية «اليوم أصابنا فيه مصيبة وهذا يحتاج منا إلى صبر والله بشر الصابرين وشرع القصاص وقال إن فيه حياة للناس، كما حدد الله الجزاء على المفسدين فى الأرض بأن يصلبوا أو يقتلوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم أو ينفوا من الأرض، لكى يكونوا عبرة لمن تسول له نفسه ويريد أن يعتدى على المواطنين دون ذنب يرتكبونه». وأضاف الشيخ أحمد أن النبى صلى الله عليه وسلم أقام الحدود وقال «والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها»، فلماذا لا نتعاون فيما بيننا ونكون يداً واحدة ضد الظلم والعدوان؟ ولماذا لا نقف ضد هؤلاء البلطجية سواء من داخل القرية أو من خارجها الذين يروعون الناس ويروعون الآمنين؟ لكن كل يغلق عليه بابه، ولماذا لا نتعاون ونقضى على الشر كما أمرنا الرسول وطلب ممن رأى منكراً أن يغيره بيده؟ وبدأ الحديث بالضرب وبالقتل طالما ظالم وطالما أنه تعدى على حرمة أخيه المسلم. وذكر الشيخ أن القرية مليئة بالمخدرات والأسلحة البيضاء والنارية، وقال «أين نحن من هذا ونرى ذلك فى الأفراح ولا نقول له عيب أو حرام، وفى القرية أسلحة وعتاد وكأن الحرب ستقام أين نحن من هذا كله؟ يجب أن نتعاون على الخير، وما نحن فيه الآن من بعدنا عن كتاب الله عز وجل». وتحدث الشيخ خالد الزكى عن المجنى عليه وقال: «تخيل هذا القتيل الذى أحسبه عند الله شهيداً أنه ابنك.. يجب أن نقف جميعاً أمام هذا البغى وأن نتصدى لهم جميعاً». وطالب عبدالحميد -شقيق الضحية محمد عبدالرحمن- أهالى قريته بعدم السماح لأسرة البلطجى بالعودة للقرية مرة أخرى وقال: «أخى هو أخو البلد كلها وياريت نقف وقفة رجل واحد حتى نهاية العمر ولازم ننضف البلد من الظلم ونقف يداً واحدة وياريت تحرقوهم كلهم لأنهم جميعاً بلطجية». وعقب الصلاة على المجنى عليه تحرك الآلاف من أهالى القرية وأسرة القتيل، وخرجت الجنازة وسط أجواء ملتهبة وفى حراسة أمنية مشددة بقيادة اللواء محمد وصفى بدوى مساعد مدير أمن الدقهلية للأمن العام، والعميد يحيى عبدالعزيز نائب مأمور مركز طلخا، والمقدم أحمد المتولى رئيس مباحث طلخا، وسبق الجنازة تشكيل من الأمن المركزى ليمشط المقابر خوفاً من اختفاء أحد البلطجية فيها. وبعد الانتهاء من تشييع الجنازة رفضت أسرتا المتوفيين تقبل العزاء، وقالوا إن المصاب مصابنا جميعاً وعلينا جميعاً أن نعزى أنفسنا، وعاد بعض الشباب الغاضب نحو برجين للتليفون المحمول وحاولوا تحطيمهما تماماً لأنهما فى أرض البلطجى السيد عرفات، إلا أن ضخامة البرجين لم تمكنهم من إزالتهما، فأعلن بعض شباب القرية الاعتصام إلى أن يتم إزالتهما وحصلوا على وعد من رئيس المباحث بذلك. وتوجه عدد من الأهالى إلى ورشة حدادة ملك شقيق البلطجى وقاموا بتحطيمها وتكسير المبانى والحوائط واستخدموا قطعاً حديدية فى التحطيم والهدم بعد أن رفض أحد اللوادر الحضور، ومساعدتهم فى ذلك. وتعيش القرية بعد كل تلك الأحداث حالة من الذعر، حيث ينتظر الأهالى أن يظهر أشقاء البلطجى أو أصدقاؤه فى أى وقت بالقرية لينتقموا من أهالى القرية، ويتأهبون لمقاومتهم فى حالة ظهورهم مرة أخرى. وقال بعض أبناء القرية ل«الوطن»، عقب تشييع الجنازة، إن هؤلاء البلطجية روعوا المواطنين وارتكبوا الجرائم والمصائب دون أن يعترضهم أحد، ولم يكن لأى شخص أن يقف أمامهم، وبتلك النهاية فإنهم يرون أن ما حدث لهم حلال وهو رد فعل عن جزء مما ارتكبوه فى حق المواطنين الأبرياء فى تلك القرية.