بعد نحو شهرين من تعليق دور العبادة للصلوات وإغلاقها، في 21 مارس الماضي، في محاولة للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، تبدأ الصلوات والقداسات في العودة التدريجية إلى المساجد والكنائس المصرية، بإجراءات احترازية مشددة، بعد انتهاء إجازة عيد الفطر المبارك، لتقام أول صلاة جمعة منذ الإغلاق، بعد يومين في 6 شوال، بمسجد السيدة نفيسة، مع قصر الحضور فيها على 20 مصليًا من الأوقاف والعاملين بالمسجد. وأعدت وزارة الأوقاف خطة للفتح التدريجي للمساجد في إطار إجراءات الدولة للتعايش مع الجائحة، لعرضها على مجلس الوزراء ولجنة إدارة أزمة كورونا، فيما أكدت الكنيسة جاهزيتها بسيناريوهات لعودة لاستئناف القداسات، منتصف يونيو المقبل، بحسب ما أعلنه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي سابق. "الوطن" تستعرض في التقرير التالي كيف تعاملت المؤسسات الدينية مع جائحة كورونا، على مدار شهرين، منذ إغلاق دورر العبادة إلى تقديم خطة وسناريوهات فتحها تدريجيًا. 21 مارس بداية الإغلاق: الحفاظ على النفس فريضة الأديان الأولى في 21 مارس الماضي، قررت المؤسسات الدينية تعليق صوات الجمعة والجماعة والقداسات في المساجد والكنائس، ومنع التجمعات داخل دور العبادة بسبب الوباء. وأكدت وزارة الأوقاف، في بيان وقتها، بصفتها المسؤول عن غالبية المساجد في أنحاء الجمهورية، إن المسموح به فى المساجد فى ظل أزمة كورونا، هو رفع أذان النوازل دون سواه، وفي المساجد فقط دون الزوايا والمصليات، مؤكدة أن الاستجابة لتعليمات جميع مؤسسات الدولة واجب شرعى ووطنى وإنسانى. وشددت الوزارة على أنه لا مكان داخل الوزارة لأصحاب الانتماءات أو المغيبين عن الواقع، وسيتم إنهاء خدمة كل من يخالف تعليماتها أو يقصّر فى عمله بشأن غلق المساجد غلقاً كاملاً فى المدة التى حددتها السلطة المختصة. وتعاملت الوزارة بقبضة حديدية مع العاملين، وصلت إلى إعفاء المتحدث الرسمى الدكتور أحمد القاضى لإدلائه بتصريحات حول دراسة إقامة صلاة التراويح فى المساجد، حيث أكدت الوزارة أن هذه التصريحات لا تمثلها، كما تم إنهاء خدمة أكثر من 30 إماماً وعاملاً ومقيم شعائر، وخطباء مكافأة من أبناء الأزهر، خالفوا قرارات الإيقاف ولم يلتزموا بالإجراءات الاحترازية. الكنائس هي الأخرى أغلقت أبوابها فى وجه الأقباط، بالتزامن مع المساجد قبل شهرين، وأوقفت إقامة القداسات أو الصلوات منعاً للتجمعات فى ضوء الإجراءات الاحترازية، وجاء ذلك بقرار من اللجنة الدائمة للمجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، وتم بموجبه غلق جميع الكنائس وإيقاف الخدمات الطقسية والقداسات والأنشطة، وغلق قاعات العزاء واقتصار أى جنازة على أسرة المتوفى فقط، ومنع الزيارات إلى جميع أديرة الرهبان والراهبات. من "القيامة" إلى "الفطر" كورونا يحاصر المسلمين والمسيحيين في الأعياد والصيام كان استمرار إغلاق المساجد خلال شهر رمضان، بموجب الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي كورونا، هو الأصعب على المسلمين، في شهر ارتبط بالروحانيات وعمارة المساجد بالصلوات والتلاوة والشعائر. غابت صلاة الجمعة في أول أيام الشهر الكريم، وحضرت مكانها صلاة الظهر في المنازل حتى توارى هلال رمضان، كما غابت صلاة لتراويح عن المساجد، وأعلنت القيادات الدينية أدائها في المنازل. أبرز الخلافات التى أثيرت حول المساجد فى رمضان كان قرآن المغرب بعدما تداولت السوشيال ميديا أنباء حول منعه، وحينها أوضحت الأوقاف أنه لم يصدر عنها أى بيان بمنع قراءة القرآن، ولن يصدر، وأن رمضان هو شهر القرآن، وأن التقرب إلى الله يكون بتلاوته. في 8 رمضان الماضي، بدأت وزارة الأوقاف بث صلاة التراويح من مسجد عمرو بن العاص، بحضور أئمة الجامع والعاملين به فقط، مع الالتزام باتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة العاملين به. فيما انتقل البث في الأيام العشر الأخيرة من رمضان إلى الجامع الأزهر والمدة الزمنية للبث من 45 حتى 60 دقيقة. وكما غابت الشعائر عن المساجد في شهر الصيام، غابت الترانيم والقداسات عن الكنائس في صوم الأقباط، فحتى كورونا لم يعرف فرقًا بين مسلم ومسيحي، استمر إغلاق الكنائس خلال احتفالات الأقباط بالصوم الكبير، وتوالت القرار المشابهة من الكنائس "الكاثوليكية والإنجيلية والأسقفية والروم الأرثوذكس"، وأغلقت أبوابها أمام الأقباط حتى في "أسبوع الآلام" فاتشحت منازلهم بالسواد بدلا من الكنائس وصلوا في بيوتهم. القرارات الكنيسة تسببت فى توقف بعض أسرار الكنيسة السبع مثل "الزواج والاعتراف والمعمودية والتناول"، وبدأت الكنيسة فى وضع شروط قاسية لإتمام الأسرار وسط اتخاذ الإجراءات الاحترازية، ولاقت القرارات رفضاً قبطياً فى البداية على مواقع التواصل الاجتماعى، إلا أنها سرعان ما لاقت إشادة من الجميع بعد الإعلان عن إصابة 5 كهنة من الكنيسة الأرثوذكسية بالفيروس خلال الفترة الماضية بينهم 3 كهنة تعافوا من المرض، بالإضافة إلى إصابة قس إنجيلى. جاءت الأعياد، ومرة أخرى طال الحظر والإغلاق الجميع، لتبقى ليلة السبت 18 إبريل، محفورة في ذاكرة الأقباط، الذين جلسوا في بيوتهم لأول مرة، محجوبون عن الكنائس، في "عيد القيامة" وهو أعظم الأعياد المسيحية، بينما البابا تواضروس، هو الآخر لأول مرة، منذ جلوسه على الكرسي البابوي، يترأس قداس العيد، في كنيسة التجلي بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، بمشاركة عدد محدود من الأساقفة ودون أي حضور شعبي. هل هلال شوال، ليشهد عيد الفطر المبارك غياب ساحات العيد، ونقل الصلاة عبر الإذاعة والتليفزيون من مسجدي السيدة نفيسة والفتاح العليم بحضور نحو 20 مصلياً بكل منهما، وبضوابط التباعد الاجتماعى والإجراءات الاحترازية، مع السماح للمساجد بنقل تكبيرات العيد من الإذاعة عبر مكبرات الصوت شأن قرآن المغرب والفجر دون أى تجمعات بها أو بساحاتها. إنفراجة.. دور العبادة تعود لشعائرها بخطة وسيناريوهات احترازية في 17 مايو الجاري، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، عن أن الحكومة ستناقش إعادة فتح دور العبادة في النصف الثاني من شهر يونيو المقبل، وسيجري بحث الاجراءات الواجب اتخاذها عند إعادة فتحها، وأن ذلك سيستغرق وقتًا نظرًا للتجمعات الكبيرة في الصلوات، والحاجة تحديد آليات ومواعيد إعادة بعض الشعائر والتدابير الاحترازية. بدورها اعلنت وزارة الأوقاف عن إعدادها خطة لعودة العمل بالمساجد، وسيجري عرضها على لجنة إدارة أزمة كورونا المقرر انعقادها بمجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل، وحصلت "الوطن" على تفاصيل تلك الخطة، التي مازالت في طور الإعداد، بحسب مصادر بالأوقاف، إذ كشفت في تصريحات خاصة، أنها تشمل عدة مراحل أولها قصر عمل المساجد على صلاة الجمعة فقط، مع إغلاق الحمامات وأماكن الوضوء بالمساجد التي سيتم فتحا للصلاة، وإلزام جميع المصلين بالكمامة، وعدم فتح جميع أبواب المسجد والاقتصار على عدد معين تركب عليه بوابات تعقيم. وتقتصر المساجد في تلك المرحلة على الصلاة فقط، مع إغلاقها في غير أوقات الصلاة، ومنع الدروس الدينية بها وإغلاق جميع الأضرحة التي ستواصل الإدارات الهندسية أعمال الصيانة اللازمة لها، وعدم فتح دور المناسبات التابعة لها سواء للعزاء أو عقد القران. وتتضمن الخطة عدة مقترحات، منها الفتح الجزئي وعودة صلاة الجمعة بشكل مبدئي دون الصلوات الخمس، وفتح جزئي لبعض المساجد في بعض المحافظات وعدم الفتح بشكل كامل، على أن يتم البدء بالمساجد التي بها ساحات، والتركيز على التباعد بين المصليين لتكون المسافة من متر ونصف إلى مترين، فيما لا تزال الوزارة تدرس آليات الفتح الكلي. وأكدت الخطة، على ضرورة استخدام المعقمات ومنع المصافحة والمعانقة داخل المسجد، فيما سيجري تحديد عدد المصلين وفقًا لسعة كل مسجد، مع الاعتماد على المساجد ذات الساحات الكبرى في المرحلة الأولى. من جانبه، قال القس بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في تصريحات ل"الوطن"، إن الكنيسة لم تتخذ أي قرارات حتى الآن، بشأن عودة القداسات والصلوات في الكنائس المغلقة منذ أكثر من شهرين، فيما كشف مصدر كنسي، عن إعداد الكنيسة عدة سيناريوهات لمعاودة إقامة القداسات والصلوات منتصف يونيو المقبل، بحسب ما أعلنه رئيس الوزراء، تتضمن عودة إقامة القداسات بعدد محدود من المصلين لمنع التجمعات، واتخاذ الإجراءات الوقائية منها التباعد بين المصلين واستخدام الأدوات الشخصية خلال القداس، وتوفير المطهرات في الكنائس ومنع السلامات والقبلات الطقسية وتوفير كواشف حرارة على مداخل الكنائس، وعقد أكثر من قداس في اليوم الواحد، وجعل الكمامات شرط إجباري لحضور الصلوات. وطالبت بعض الإيبارشيات من الكهنة، سرعة تسجيل المصلين إلكترونيا لسهولة توزيعهم على القداسات، حيث سيكون الصلاة متاحة بالتسجيل المسبق من المصلين.