على الرغم من تشديد الإجراءات الأمنية فى سيناء، فإن التفجيرات الانتحارية التى ينفذها أشخاص على الطرق الرئيسية يستهدفون بها الأكمنة الثابتة والمتحركة مستمرة بطول الطرق الرئيسية، وفى مقدمتها طريق الطور - شرم الشيخ الذى يبلغ طوله أكثر من 100 كيلومتر بين المدينتين، إضافة إلى أكثر من 60 كيلومتراً من الطور إلى أبورديس القريبة من محافظة السويس. «الوطن» حاولت الإجابة عن السؤال الخاص بمصدر مخزون المتفجرات الذى يستخدمه منفذو العمليات الانتحارية، خاصة مع وجود أجهزة كشف عن المتفجرات فى بعض الأكمنة، وخاضت تجربة السير فى الأودية والمدقات بمساعدة قصاص أثر، بعيداً عن أكمنة قوات الأمن. يقول «ح. م»، أحد المنتمين لقبيلة بدوية، إن «سيناء أرض وعرة، المساحة الأكبر من أراضيها جبلية، والطرق المرصوفة فيها محدودة، وتنتشر عليها الأكمنة بشكل أكبر بكثير من أى طرق أخرى، ففى الشمال هناك كمين رئيسى عند كل مركز يقع على الساحل مثل: العريش، والشيخ زويد، ورفح، وعند المعبر، وكذلك فى المناطق الداخلية كما هو الحال فى الجورة، والعجراء وبالقرب من معسكر القوات متعددة الجنسيات فى وسط المحافظة الشمالية فى سيناء»، وأشار إلى أن قوات الأمن توغلت فى الصحراء، ونشرت فى الفترة الأخيرة قواتها هناك، كما تكشف دورياً عن طريق طائرات الأباتشى التى تحلق على فترات فى سماء شمال سيناء على وجه التحديد، لا سيما بالقرب من الشريط الحدودى. وبشأن ما يُثار حول إمكانية استخدام الطرق الجبلية والدروب الداخلية بين الجبال لنقل المتفجرات والأسلحة والذخيرة مع تفادى الاصطدام بأى من الأكمنة الشرطية فيقول «ج. م» الذى رفض ذكر اسمه: «من الممكن جداً استخدام أى من تلك الدروب، غير أن ذلك يستوجب معرفة شديدة الدقة بكل تفاصيل هذه الدروب الجبلية، وإن قوات الشرطة أو الجيش لا تتمكن على الرغم من إمكانياتها الجبارة من خوض هذه المناطق الجبلية إلا بمساعدة أهل سيناء العارفين بهذه الدروب». «الأودية والدروب والطرق الجبلية مفتوحة طبعاً»، بهذه الكلمات يؤكد رياض فرغلى، أحد العاملين فى مجال السياحة، صعوبة السيطرة على الأودية والدروب الجبلية، ويقول: «رحلات السفارى نفسها قائمة على هذا الأمر وبعض الجبال توجد بها فتحات وممرات داخلية تسمح للأفراد باجتيازها إلى الطرف الثانى من الجبل، ونستعين ببعض البدو لتنظيم بعض هذه الرحلات لدرايتهم بهذه الدروب، ولا يعرفها سواهم ومن يعرفون تلك الوديان يعملون إما كقصاصى أثر يتعاونون مع الشرطة والجيش أو كتجار أو مهربى أسلحة ومخدرات يكسبون مما يساعدون فى تهريبه من بضائع». ويقول محمد ربيع، أحد سكان جنوبسيناء، إن الشرطة لا تسيطر على كل الدروب الجبلية الموجودة بين الشمال والجنوب فى سيناء، التى تفتح منافذ بين المحافظتين أمام تجار المخدرات، والأسلحة والمتفجرات وكل الممنوعات. وأضاف: «من أهم هذه الدروب طريق داخلى يصل بين دهب فى أقصى شرق شبه جزيرة سيناء على خليج العقبة، وبين عيون موسى فى أقصى الغرب عند قناة السويس، ولا غرابة فى ذلك، فهذه الوديان أشبه بمتاهة يمكن أن تدخل من باب وتخرج من باب فى الجهة المقابلة بعد الدوران حول الجبال»، ويتابع: «يمكن للطريق السابق أن يتفادى عدداً لا بأس به من الأكمنة منها كمين دهب، وكمين نويبع، وكمين شرم الشيخ، وكمين رأس الجارة وكمين طور سيناء، وكمين أبورديس، وكمين أبوزنيبة وكمين رأس سدر، وغيرها من الأكمنة الأصغر والأقل فى قوة الكمين، ومن دهب هناك مجموعة من المدقات الموجودة فى وادى وتير ونويبع يمكنها إيصال أى شخص من دهب إلى نويبع شمالاً، وقبل كمين طابا ومنفذ طابا البرى مباشرة»، وأشار إلى أنه من الممكن أن يكون مُنفذ تفجير طابا الانتحارى الأخير سلك هذه المدقات لتفادى أكمنة دهب وأبووتير ونويبع ليصل مباشرة إلى هدفه الذى خرج لأجله. ويضيف: «من النقب فى أقصى شمال شرق محافظة جنوبسيناء، هناك درب آخر بإمكانه نقل أى شخص لديه أى متفجرات أو أى ممنوعات أخرى، إلى نويبع الواقعة جنوبها، والشرطة تعرف فقط مداخل ومخارج هذه الأكمنة لكنها لا تعرف كل تفرعاتها الداخلية، أما القوات المسلحة فترسل طائراتها لرصدها من وقت لآخر من الجو». ويتابع: «من أشهر التجمعات السكنية الواقعة فى وسط الجبال تجمع الشيخ عطية الذى لا توجد به أى وسائل اتصال، ولا تعمل فيه سوى تليفونات الثريا التى تعمل على القمر الصناعى مباشرة، وبهذا تصعب مراقبة المكالمات التى تُجرى من خلالها، وهناك قرى أخرى منها سعال التى تقع بالقرب من جبال سانت كاترين، ووادى فيران الذى ينتشر فيه تهريب المخدرات». «الوطن» خاضت مغامرة السير فى تلك الأودية والمدقات التى بإمكانها الالتفاف من حول أحد الأكمنة دون المرور بذلك الكمين أو الخضوع للتفتيش الدقيق من خلاله، يقع الوادى الصغير قبيل أحد الأكمنة الواقعة جنوب المحافظة وتظهر عليه آثار السيارات التى تعبر عليه من وقت لآخر، ويحجبه عن الطريق الرئيسى «شرم الشيخ - الطور» تل صغير يحجب السيارات التى تسلكه عن الطريق السريع، ولا توجد أى قوات تابعة للأمن أو للقوات المسلحة فى هذا الطريق، كما تتفرع منه عدة أودية ومدقات أخرى تقود إلى السلسلة الجبلية الجنوبية المحاذية لطريق شرم الشيخ - الطور، والتى تخترق بعضها هذه السلسلة الجبلية. يقول المرشد الذى قادنا إلى ذلك الوادى إن «الوادى الذى يتلافى المرور بالكمين، يُستخدم أحياناً فى تهريب المخدرات والأسلحة وأحياناً فى المزيد من الممنوعات، ويمكن من خلالها الدخول والخروج من مدينة الطور دون المرور بالأكمنة الشرطية»، ووفقاً للمرشد، فإن «بعض المواطنين صاروا يسلكون هذا الوادى الصغير لتحاشى إجراءات التفتيش القاسية التى فى الكمين».