من خلال هذه المقالة سيستطيع القارئ أن يتعرف على ما تعانيه الدولة العظمى "أمريكا" جراء استخدامها للفحم الحجرى فى توليد الكهرباء وفى الصناعة. وهذه المعاناه هى أهم المشاكل التى تواجه رؤساء أمريكا، ولفشل أمريكا فى التغلب على انبعاثات الغازات الضارة نتيجة حرق الفحم الحجرى، نجدها امتنعت عن التوقيع على معاهدة كيوتو. اذا كان الرئيس كلينتون ونائبه قد اهتما بقضايا البيئة، إلا أن الرئيس بوش الأبن "لص بغداد" كان اهتمامه الأول هو سرقة بترول العراق واحتلال أفغانستان لأمتلاكها أكبر مناجم لليورانيوم فى العالم، واذا كان أوباما قد أهتم ايضا بسرقة بترول ليبيا، إلا انه قد وجه جزء من أهتمامه الى قضايا البيئة. فى شهر يونيه عام 2013 تعهد الرئيس أوباما لاتخاذ موقف متشدد بشأن تغير المناخ، وبناء على ذلك أعلنت وكالة حماية البيئة EPAفى الولاياتالمتحدة يوم الخميس 19 سبتمبر 2013، عن قواعد أكثر صرامة، مما سيشكل صعوبة على صناعة الفحم. هذه القواعد كانت قيد التطوير لمدة عامين، وهى تضع حدود صارمة على انبعاثات ثانى أكسيد الكربون من منشآت توليد الطاقة فى الولاياتالمتحدة. اذا نظرنا الى استهلاك الكهرباء فى الولاياتالمتحدة فى عام 2013 نجده 3,826 مليار كيلووات ساعة، ومن المتوقع فى عام 2040 يصبح 4,954 مليار كيلووات ساعة. ومتوسط سعر الكهرباء عام 2013 كان 9.8 سنت لكل كيلو وات ساعة (للمنازل 11.7 سنت، التجارة 10.1 سنت، الصناعة 6.8 سنت، النقل 10.2 سنت)، ومن المتوقع فى عام 2040 يصبح 11.1 سنت لكل كيلووات ساعة. أمريكا كونها تمتلك أكبر مناجم للفحم الحجرى فى العالم، فنجد أنه يساهم بنسبة 37% فى توليد الكهرباء حاليا، لكن هذه النسبة من المتوقع أن تقل لتصبح 32% عام 2040 نتيجة للأثار الضارة على البيئة والانسان، وحاليا الغاز يشارك بنسبة 30%فى توليد الكهرباء، ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة لتصبح 35% عام 2040. تتعرض محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم إلى انتقادات متزايدة بسبب ضررها بالبيئة والانسان، وما تقوم به من تفاقم مشكلة الانحباس الحرارى، وينشأ نحو 40% من غازات الأنحباس الحرارى فى أمريكا من إنتاج الطاقة الكهربائية. نجد أن عدد محطات الكهرباء التى تعمل بالفحم فى الولاياتالمتحدة حاليا وصل الى 1387 محطة، بأجمالى قدرة 318 جيجاوات (متوسط صيفى 228 جيجاوات)، وعمر المحطة يتراوح بين 50 الى 60 سنة. خلال الفترة من عام 2009 الى عام 2011 احيل الى التقاعد عدد 78 محطة تعمل بالفحم، بأجمالى قدرة مقدارها 4,574 ميجاوات. خلال الفترة من عام 2012 الى عام 2016 سيحال الى التقاعد عدد 175 محطة تعمل بالفحم، بأجمالى قدرة مقدارها 27 جيجاوات. واذا نظرنا الى احتياطى الفحم الحجرى فى أمريكا نجده 225 مليار طن، والأنتاج السنوى من الفحم الحجرى حاليا نجده 1000 مليون طن. متوسط سعر المنجم للمليون وحدة حرارية هى 1.98 دولار عام 2012 ، ومن المتوقع ان يصل الى 2.96 دولار لكل مليون وحدة حرارية عام 2040 حرق الفحم الحجرى ينتج عنه غازات ضارة، ففى عام 2013، كانت الانبعاثات لغاز ثانى أكسيد الكبريت SO2 من محطات الكهرباء التى تعمل بالفحم مقدارها 4.35 مليون طن، ولأكسيد النيتروجين NOx كانت 1.64 مليون طن، وللزئبق كانت 28.42 طن، ولثانى أكسيد الكربون CO2 كانت 1,514 مليون طن. ونتيجة لذلك بدأ أصحاب محطات الكهرباء التى تعمل بالفحم فى الولاياتالمتحدة فى تطوير المحطات لتتوافق مع المعايير القياسية لوكالة حماية البيئة EPA والخاصة بالزئبق وسموم الهواء. مع بداية عام 2013، كانت 70% من محطات توليد الكهرباء فى الولاياتالمتحدةالأمريكية والتى تعمل بالفحم قد جهزت بأجهزة Flue Gas Desulfurization FGD وأجهزة DSI Dry Sorbent Injection طبقا لتعليمات الMercury and Air Toxics MATS Standards وتسمح تشغيلها حتى عام 2016. المشكلة التى تواجه أصحاب محطات الفحم هى تكاليف معدات ال FGD وال DSI، وهذه التكاليف تلعب دورا هاما فى قرار إعادة تجهيز المحطات أو إحالتها الى التقاعد. تتطلب المعايير القياسية للزئبق وسموم الهواء MATS أن تلتزم محطات الكهرباء بالحد الأقصى الذى يمكن تحقيقه من خلال التكنولوجيات Maximum Achievable Control Technologies MACT، وذلك من أجل السيطرة على انبعاثات الغازات الحمضية والمعادن السامة، والزئبق بحلول أبريل عام 2015. أما الملوثات الرئيسية الثلاثة التي استهدفتها ال MATS عن طريق ال MACT نجدها: الغاز الحمضى، فى معظم الحالات، فأن نظام إزالة الكبريت من غاز المداخن FGD أو نظام حقن مواد ماصة جافة DSI مؤهلين كما تنص ال MACT عن إزالة الغازات الحمضية. كل من هذه النظم يمكن أن تزيل بفعالية انبعاثات ثانى أكسيد الكبريت SO2. تم تثبيت أنظمة إزالة الكبريت من غاز المداخن FGD بالفعل على 69% من محطات الفحم فى الولاياتالمتحدة، بينما 1% يعمل بنظام حقن مواد ماصة جافة DSI. المعادن السامة، نظام إزالة كبريت غاز المداخنFGD ، ينقى الغاز بمرشح من النسيج أو مرسب الكتروستاتيكى متطور، يحتمل أن يكون مؤهلا كما تنص ال MACT للمعادن السامة. إذا تم استخدام نظام حقن مواد ماصة جافة DSI للسيطرة على الغازات الحمضية، يجب أن تتضمين مرشح النسيج لإزالة مستوى مناسب من المعادن السامة لاستكمال أداء نظام DSI. يتم تحديد الأجهزة والمعدات المتاحة طبقا لخصائص كل محطة. الزئبق، أجهزة التحكم اللازمة للحد من الزئبق تعتمد على نوع الفحم المحروق ومكونات المحطة. في بعض الحالات فأن جهاز تنقية كبريت غاز المداخن FGD المتاح، ونظام التقليل التحفيزى الانتقائى (SCR) يمكنها ان تخفض انبعاثات الزئبق إلى نقطة بحيث لا حاجة الى أى عناصر تحكم إضافية. أجهزة تنقية الغاز FGD، مرتفعة التكاليف الرأسمالية، لكنها منخفضة تكاليف التشغيل عن أنظمة ال DSI، لكن معدلاتها مرتفعة فى إزالة ال SO2 والغازات الحمضية الأخرى ، أجهزة ال FGD تزيل 90% من انبعاثات غاز ال SO2، مقارنة مع 70% لل DSI . يستخدم جهاز ال FGD فى المحطات التى تعمل فترات طويلة. نظام ال DSI هو أقل بكثير فى التكاليف الرأسمالية عن نظام FGD، ولكنه أعلى بكثير فى تكاليف التشغيل بسبب التكلفة العالية للمواد الكاشفة اللازمة لإزالة الانبعاثات. هذه الخاصية تجعل أنظمة DSI أكثر جاذبية لمحطات التى تحرق فحم نسبة الكبريت فيه قليلة، أو للمحطات التى تعمل بشكل غير منتظم. تطبيق ال MATS فى محطات التوليد أدت إلى انخفاض كبير فى انبعاثات ال SO2، فمن عام 2005 حتى عام 2012 انخفضت انبعاثات ال SO2 من محطات الكهرباء بنسبة 67%. بالنسبة لأكسيد النيتروجين (NOx)، فأن الانبعاثات الناجمة عن قطاع الكهرباء من المتوقع أن تبقى ثابتة نسبيا حتى عام 2040، إذا لم تكن هناك لوائح وطنية جديدة محددة يجرى سنها حاليا، تقود الى مزيد من الأنخفاض. أما بالنسبة لإنبعاث غاز ثانى أكسيد الكربون CO2 هناك تكنولوجيا تحت البحث والتطوير، وهى تعتمد على عزل غاز CO2 عند انطلاقه، ثم يتم تخزينه تحت طبقات الأرض فى التكوينات الجيولوجية أو فى أعماق المحيطات حيث يذوب تحت الضغط، أو يتم ضخه فى حقول البترول المستنزفة، وفى بعض الحالات يمكن الأستفادة منه بضخه فى حقول البترول لزيادة انتاجيتها. قام أوباما بدعم هذه التكنولوجيا بالفعل بمبلغ 4 مليارات دولار، لمساعدة الشركات العاملة في مجال انتاج الطاقة الكهربائية، من أجل تجهيز ما بين 5 الى 10 محطات كهرباء تعمل بالفحم بهذه التكنولوجيا بحلول عام 2016. لكن هذه التكنولوجيا مرتفعة التكلفة، حيث أنها تستهلك الكثير من الطاقة الكهربائية، فهى تستهلك أكثر من 30% من الطاقة الكهربائية المنتجة من محطة الكهرباء. حتى الآن لاتوجد محطات كهرباء فى الولاياتالمتحدةالأمريكية تستخدم تكنولوجيا عزل وتخزين غاز ثانى أوكسيد الكربون، لكن هناك محطتين ستدخلان الخدمة خلال عام 2014. يقول الخبراء الأمريكان، "إن تكنولوجيا العزل والتخزين ستكون متاحة فى السوق العالمى فى حدود عام 2020، وأن التكاليف ستكون العنصر الحاسم المحدد للنجاح أو الفشل". إذا كانت أمريكا وهى الدولة العظمى لم تستطع السيطرة والحد من انبعاثات الغازات السامة والضارة بالأنسان والبيئة. وإذا كنا نحن كمصرين نسعى بشتى الطرق الى إيجاد حلول للمشاكل المتراكمة خلال أكثر من 50 سنة، فلماذا نضيف مشكلة جديدة؟. أين قوانين البيئة فى مصر، فعلى مرأى ومسمع من الناس، نلوث بأيدينا نهر النيل العظيم وهو شريان الحياة، بأكثر من 300 مصدر. مدينة القاهرة تحتل المرتبة الثالثة على المستوى العالمى فى درجة التلوث، ألم يكن هذا دافع لنا لنرتقى ونمنع خطر داهم قادم، ألم نتعظ بإنتشار السرطان والفشل الكلوى بين عموم شعب مصر الغلبان.