فى الخامسة والنصف فجراً كنا على شاطئ النيل بشبرا الخيمة، بالقرب من مقر الأمن الوطنى حيث «المعدية» التى تعبر للجهة المقابلة، وهى جزيرة الوراق، التى لا يجد أهلها أى وسيلة اتصال بالعالم الخارجى إلا المعديات. وصلت «المعدية» وفى أقل من دقيقتين عبرت بنا إلى جزيرة الوراق، انطلقنا داخل الجزيرة واستقللنا «توك توك» سار بنا بمحاذاة شاطىء النيل على الجزيرة حتى وصلنا إلى الأماكن التى يخرج منها الصيادون من أهالى الجزيرة. فى السادسة صباحاً على شاطئ النيل التقينا مع صيادَين يعملان على مركب بدائى صغير، تتسلل المياه إلى داخله، شابين فى العشرينات من عمرهما، أحدهما يجدف والآخر يرمى الشباك، وكان هناك أكثر من مركب والصبح لم ينشر نوره بعد. ركبنا المركب البسيط معهما وتحدث إلينا عبدالله يسرى، المجدف، قائلاً: «عمرى 24 سنة وباشتغل صياد من 20 سنة، من وقت ما كان عندى 4 سنين، باخرج مع ابويا على المركب، وانا خاطب وهتجوز قريب إن شاء الله»، ويضيف: «الصياد بينزل يشتغل الصبح وبالليل وفى أى وقت على حسب حالة البحر، لكن فى أغلب الأيام بنقوم الصبح بدرى وبانزل اصطاد من الساعة 5 ونص الصبح زى النهارده، وباخلص على الساعة 9 ونص عشرة، وزى ما ربنا بيرزق بقى بنكون طلعنا سمك ب10 أو 15 أو 30 جنيه، كله رزق من عند ربنا». هل هناك فرق بين الصيد فى الصباح الباكر وفى باقى الأوقات؟ هذا السؤال طرحناه على «عبدالله» فرد: «أغلبية الناس بتحب تنزل تصطاد الصبح بدرى، السمكة بتاعة الصبح بتبقى فايقة، والرزق بيتوزع الصبح بدرى، هكذا تعلمنا». انتقد «عبدالله» فكرة أن الشعب المصرى لا يعمل أو يستيقظ مبكراً والاتهامات بأنه شعب كسول قائلاً: «الناس اللى بتقوم متأخر أو مابتشتغلش هى الناس المرتاحة اللى معاها فلوس ومش محتاجة للشغل، إنما أغلب الشعب اللى زى حالتنا لازم يقوم من الصبح بدرى ويشتغل، لأنه لو ماعملش كدا مش هيلاقى ياكل، لكن لو معانا فلوس أو لقينا شغلانة مريحة عن كده أكيد كان ممكن الوضع يختلف». نهبط من المركب ليبدأ «عبدالباسط» التجديف وزميله برمى الشباك فى النيل، يدعوان المولى الرزاق أن يرزقهما برزق وفير. وعندما سألناه عن مطالبة بعض السياسيين للشعب بأن يستيقظ ويخرج فى الخامسة صباحاً، قال إنه لا شأن لهم بالسياسة، ولكن الشعب المصرى طول عمره بيصحى بدرى، حتى تلاميذ المدارس، ولكن الصيادين بشكل خاص عملهم يكون فى الفجر سواء فى النيل أو البحر، والشعب كله من فرانين وفلاحين وعمال وسواقين بيقوموا من الفجر، «واحنا بنشوف ده يومياً».