صحيت على خبر قرار إحالة أوراق 529 إخوانياً لمفتى الجمهورية.. وطبعاً كنت عارفة تأثير ده على العوالم الافتراضية زى تويتر وفيس بوك.. وبدأ الهرى يا عزيزى. اللطيف بقى أن الهرى هنا مش هرى وخلاص لا سمح الله.. نو، أبسوليوتلى.. ده هرى خبراء فى مواد القانون، وتحس كده أنهم كلهم حضروا وقائع الجلسات وقرأوا محاضر الشرطة وتحريات النيابة وسمعوا شهادة الشهود. سيبك من رأيى فى القرار لأنه قرار مش حكم، بالمناسبة لسه الحكم ما صدرش (ده مش فتى منى؛ ده اللى عرفته بعد ما سألت مستشار قانونى).. أنا اللى غايظنى فى الموضوع هو «الفتى».. تلاقى واحد داخل يتكلم فى الموضوع ويزعق ويتخانق وهيطق له عرق كأنه كان بيرضع قانون وهو صغير وفى الآخر تسأله حضرتك بتشتغل إيه يقولك مهندس.. وإيه علاقة حضرتك بالقانون.. يبصلك كأنه عايز يقول لك أيوه عادى مهندس قوانين عديها هى جت على دى.. صحيح هى جت على دى.. إذا كان رئيس الجمهورية اللى هو كان رئيس الدستورية العليا أرفع محاكم فى مصر والعالم كان فى دكاترة بتعدّل عليه فى القانون هو يعنى هيفهم فى القانون أحسن من دكتور الباطنة. الحقيقة أن «الفتى» ليه تاريخ وحصل فيه نوع من التطور على مدار الزمان يعنى مثلاً من 3 سنين كان المواطن الفتّاى يقعد على القهوة يحلل ماتشات الكورة ويهاجم المدرب اللى حط خطة لعب غلط وكأن المدرب ده كل خبرته تتلخص فى لعب الكورة الشراب.. وكان فيه نوع تانى من «الفتى» يتعلق بوصف الطريق اللى عمرك ما تسأل حد ويقول لك مش عارف، لازم يتوهك عادى.. لكن دلوقتى وبعد 3 سنين من ثورة يناير تطور مستوى «الفتى» عند المواطن المصرى... أصبح بيفهم فى كل حاجة ما شاء الله عليه. تلاقى المواطن من دول قاعد على السرير فاتح تويتر والفيس بوك وبيضع نظريات أمنية لحل مشكلة الإرهاب ويعدل على الجيش والداخلية وكأنه اسم الله عليه أخد دورات فى مكافحة الإرهاب وهو فى اللفة... مع أن لو بمبة فرقعت جنبه هيطلع يجرى. المواطن «الفتاى» موهبته شاملة الحقيقة وبتطور حسب الحدث... يعنى مثلا لو الحدث قانونى هتلاقيه خبير قانونى ولو أمنى هيطلعلك الخبير الأمنى والسياسى والعالم ووووووو الخ... موهبته فى «الفتى» مالهاش حدود ومافيش حاجة تستعصى عليه. مشكلتى مع المواطن «الفتاى» أن مافيش نقاش منطقى ممكن تعمله معاه لأن غالبا المنطق بيكون انتحر فى اللحظة اللى قرر فيها دكتور طبيب يحلل خبر قانونى بخبرته القانونية فى العلاج الجنائى للزايدة الدودية. ولفت نظرى أن المواطن «الفتاى» عادة مش بيستنى كل الجوانب علشان يكون صورة واضحة.. لا، خالص.. هو عنده القدرة على تحليل وتفنيد الموقف بمجرد معرفته للعنوان.. التفاصيل دى أوبشن لا هيقدم ولا هيأخر حاجة قصاد خبرته الإفتائية. لازم نتعلم أن فيه فرق بين أن تقول رأيك أو تنتقد وبين أنك تفتى فى حاجة مش تخصصك ومش بتفهم فى كل جوانبها.. بجد والله لازم الناس تعرف عواقب الفتى ده إيه.. بالذات لو الفتى ده إنت بتنقله لحد جاهل بيثق فى كلامك فتكون أنت بدل ما تديه معلومة صحيحة سممت أفكاره بفَتْيك. «الفتى» مش بس مخاطره أنك بتسمم أفكار ناس لكن كمان ممكن تخرب مجتمع بحاله نتيجة نظرية مالهاش أى أساس غير إفتاءات. أيام ثورة 25 يناير كان فيه بعض الشاب اللى كان بيطلع يتكلم عن عمل دستور جديد وألطف حاجة كنت باسمعها منهم لما الواحد من دول يطلع يقولك إيه المشكلة الدستور ده يتعمل فى أسبوع.. وكأنه بيتكلم عن عمل صينية الفراخ بالبطاطس.. طبعاً بالتجربة المريرة وبعد الخبرة الرائعة عرفنا إن الدستور مش بيتعمل فى أسبوع.. بس أهو كان لازم واحد يطلع يفتى ويقول لنا أسبوع. لازم نتعلم أن عنوان الخبر مش كفاية علشان تبنى رأى وتحلل وتحط نظريات.. كل موضوع له أكتر من جانب لازم يكون عندك كل الجوانب علشان تحط حكم صح مش حكم مشوه مبنى على «فتى» حضرتك. أنا شخصياً من أنصار التخصص وأحب أفتى فى حاجة درستها أو باشتغل فيها لأنى ماعنديش استعداد بصراحة أن حد ييجى يقول لى بطلى «فتى». نفسى ييجى اليوم اللى لما حد يعوز يفهم حاجة يسأل فيها أهل الخبرة والتخصص.. ولما أسأل حد على حاجة يقول لى ماعرفش.. مش عيب على فكرة.. جرب تقولها مش هتتعب.. كلمة ماعرفش مش معناها أنك جاهل وغبى.. . بالعكس معناها أنك بتحترم نفسك وبتحترم اللى قدامك.