تتساءل الزوجة في بعض حالات الخيانة، لماذا خانني زوجي مع امرأة أخرى بالرغم أنني زوجة محبة أقوم بكل واجباتي الأسرية والزوجية؟، ففي بعض هذه الحالات نجد الزوجة تغضب وتكره زوجها وتشمئز من معاشرته، أي أنها توجه عدوانه عليها تجاهه نظيراً لخيانته، وفي حالات أخرى ينتابها الإحساس بالنقص وتفقد ثقتها بنفسها، أي أنها توجه مشاعرها وأفكارها إلى الداخل تجاه نفسها، وتبدأ في رحلة بحث وتساؤلات لماذا تركني زوجي وذهب إلى أخرى؟ ماذا ينقصني؟ ماذا فعلت له؟ أو زوجة خائنة تعلل خيانتها وهي تقول: "زوجي رجل طيب وفيه كل المزايا، لكنه غير رومانسي!". تقول الطبيبة هبه العيسوي، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، قبل أن تلوم المرأة نفسها على خيانة زوجها، أو يلوم الزوج على خيانة زوجته، أحب أن أوضح أن في علم النفس لا يوجد توصيف للرجل الخائن أو المرأة الخائنة، لكن من يخون هو شخصية "سيكوباتية" مضادة لقيم المجتمع، وتتسبب في إيذاء الأخرين بالقول أوالفعل، هذه الشخصية تتميز بعدم الشعور بالذنب، وعدم مراعاة شعورالأخرين، ولكي نتعرف على التحليل النفسي لهذه الشخصيات، يجب أن نتعرف على مستويات متعددة من الاحتياجات تبحث عن الإشباع، وبناء على هذه المستويات المتعددة للإحتياجات تنشأ رغبات، تتمثل في عدة مستويات: 1- المستوى الجسدي: وهو يبحث عن الإشباع الحسي الجنسي بدرجاته المختلفة. 2- المستوى العاطفي: وهو يبحث عن إشباع المشاعر والأحاسيس، ويهفو نحو الرومانسية الصافية. 3- المستوى العقلي: وهو يبحث عن إشباع رغبة التفاهم والتلاقي الفكري والولوج إلى دهاليز المعرفة والصعود إلى آفاق الفكر. 4- المستوى الروحي: وهو يبحث عن الإشباع مع شريك ذي مواصفات روحية خاصة، يحمل الآخر معه إلى آفاق روحية تتجاوزالعالم الحسي، وهذا المستوى نجده لدى الشعراء والفنانين. وقد تتوقف العلاقات السابقة عند الإشباعات الجزئية كما ذكرنا، وقد تنتقل من مستوى لآخر حسب تغير شدة الاحتياجات وقدرة الطرف الآخرعلى إشباعها من عدمه، أو ظهور مستويات مغرية بإشباعات عالية القوة أوالجودة، إذن هناك احتمالات للاحتياج على مستوى أوأكثر لهذه المستويات، وهذا يفسر لنا الكثير من العلاقات الجزئية أوالخيانات الجزئية. أما إذا فقد الإشباع على كل المستويات، أو ازداد الطمع والجشع والشره عليها، فإن الشخص يبحث عن إشباع كامل في علاقة خيانة كاملة للطرف الآخر، وكأنه غير موجود. وهنا يبرز سؤال هل لابد من إشباع كل المستويات بالشكل الذي يريده كل إنسان لنفسه؟ لو كانت الإجابة هنا ب"نعم" فإننا بهذا نُقرالتعدد كحتمية إنسانية لامفرمنها، وفي الواقع فإن الإنسان لا يحصل على كل احتياجاته في أي شئ بل تبقى لديه احتياجات غيرمشبعة، وهذا مفيد لنموه النفسي وتطوره على مستويات مختلفة، فدرجة من الحرمان مطلوبة للصحة النفسية، ودرجة من التسامي عن الاحتياجات الدنيا وتعويضها باحتياجات أرقى في العلم والعمل والدين وخدمة المجتمع والارتقاء بالحياة، وهذه مطلوبة للصحة النفسية ولإنقاذ الإنسان من طمعه وجشعه وتورطه في الإشباع من المستويات الدنيا للاحتياجات. وإن تغلب الطمع على الإنسان وسعى بشراهة لإشباع كل رغباته فإنه بذلك يبتعد عن الصحة النفسية، ويدوس في نفس الوقت الكثيرمن القيم الاجتماعية والأخلاقية، وتفوته الكثير من ملذات النجاح والإنجاز والرقي والتحليق في الآفاق العليا للنفس والروح وهى أكثر إمتاعًا وخلودًا. ولا يوجد إنسان قادرعلى إشباع احتياجات إنسان آخر بشكل كامل، ومن هنا يبدو مفهوم الرضا بالمتاح من الشريك الشرعي (الزوجة أو الزوج)، ومحاولات إيجاد وسائل إشباع على مستويات أرقى مثل العلوم والفنون، والإصلاح الديني أو الاجتماعي، والارتقاءات الروحية، وهذه الإشباعات البديلة والأرقى هي مخرج صحي حتى لا يغرق الإنسان في احتياجاته الجسدية أو العاطفية.