عادة يومية يبدأ بها كل صباح حين يأتى إلى إرثه الباقى من «ريحة الحاج»، فما أن يرفع ذلك الباب الصاج المهترئ حتى يتلو الفاتحة على روح ذلك الغائب الحاضر صاحب أقدم محل لبيع لوازم الخيول فى الدرب الأحمر. «الحاج عزوز أبويا الله يرحمه كان الوحيد اللى بيعمل عباءة الخيول العربى» جمال الابن الذى تولى قيادة المحل بعد رحيل الأب وأصر على استكمال حلم أبيه وعشقه للخيل يحكى عن تلك العباءة الحمراء المطرزة بالفضة التى كانت ترتديها الخيول العربية أثناء رقصها فى الاحتفالات والمهرجانات ويتباهى أصحابها بأنها من صنع الحاج عزوز «الحاج كان عنده نول مخصوص بيعمل عليه العباءات دى.. لكن خلاص الحاجات دى بقت نادر تتعمل دلوقتى». لم يعتمد المحل الذى يقترب عمره من الثمانين عاماً على عباءات الخيل فقط، وإنما أيضاً السروج الفضية والنحاسية كانت من صميم عمل الحاج عزوز الذى لم يكن ينافسه فى مهنته أحد «زمان كنا بنعمل السرج قطيفة ونطعمه بالفضة أو النحاس لكن دلوقتى ما حدش يقدر على تمن الحاجات دى» يكمل جمال حكايته متفاخراً بتلك الأيام القديمة «دلوقتى السرج المصرى ما بقاش أد كده والخيال من دول بيتباهى بالسرج الألمانى أو الأمريكى» لم يكن السعر المرتفع فقط هو الذى قضى على صناعة السرج المطعم بالفضة أو النحاس، بل أيضاً اختلاف الأذواق «ساعات ييجى عمدة من الصعيد يطلب سرج فضة عشان يتباهى بحصانه، لكن الشباب بتوع المسابقات بيفضلوا شغل الكاوبوى». المحل القديم الذى تخصص فى مستلزمات الخيول لم يكن يبيع فقط السروج والعباءات، بل كان يكفى فقط بعد أن تشترى حصانك أن تذهب للحاج عزوز وولده جمال حتى يكملا لك باقى التفاصيل «وكل شىء بحسابه»، أشياء كثيرة كان يوفرها المحل «السرج هو أول قطعة مهمة ثم الركابات وحزام الركابات وحزام السرج، وأيضاً زيت للسرج ولجام كامل». الخيول العربية كانت عشقاً كالداء لدى الحاج عزوز لم يستطع أن يجاريه أبناؤه فى هذا العشق «أبويا نجح عشان كان بيحب المهنة، لكن إحنا للأسف ماكملناش النجاح كل واحد مننا له سكة تانية» إذا كان لديك شكوى من حصانك أو تشعر بتعبه من شىء ما، فكان يكفى أن تأتى وتحكى للحاج عزوز وتسمع منه نصيحته فتجد حصانك قد تغير حاله تماماً وعاود نشاطه كالمعتاد «أبويا كان بيحب الخيل أكتر من عياله.. الله يرحمه كان بيروح زيارات لخيل كتير زعلوا عليه أوى لما مات».